رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باهر دويدار: شخصيات «سيف» و«دينا» لها أصول حقيقية (حوار)

باهر دويدار
باهر دويدار

بعد النجاح الساحق الذى حققه الجزء الأول من مسلسل «الاختيار»، ارتبط الجمهور باسم الكاتب باهر دويدار، ما جعله رقمًا مهمًا فى «معركة الوعى» التى تخوضها الدولة على جميع الجبهات من أجل التصدى للجماعات والمخططات الهادفة إلى إسقاطها.

وفى مسلسله الجديد «هجمة مرتدة»، يقدم باهر دويدار، هذا العام، ملحمة جديدة مستوحاة من قصص حقيقية من ملفات المخابرات العامة المصرية، تتناول طبيعة العمليات التى خاضها الأبطال من «رجال الظل» بهدف جمع المعلومات وكشف المؤامرات التى استهدفت مصر وغيرها من الدول العربية، ومخططات إسقاطها فى حالة الفوضى، بهدف توعية الجمهور بطبيعة المرحلة الصعبة التى تمر بها المنطقة.

عن هذا كله يتحدث الكاتب الكبير، فى حواره مع «الدستور»، بعد النجاح الذى يحققه العمل منذ عرضه على الشاشات.

■ بداية.. كيف استقبلت ردود أفعال الجمهور مع عرض الحلقات الأولى من مسلسل «هجمة مرتدة»؟

-أعتقد أنه من المبكر كثيرًا أن نحكم على ردود الأفعال، لكنى شعرت بشكل مبدئى أن الجمهور كان متحمسًا حتى قبل عرض المسلسل، لطبيعة الملف الذى يتحدث عنه، لذا جاءت ردود الأفعال جيدة مع عرض الحلقات الأولى، وأعتقد أن الجمهور سيندمج أكثر مع أجواء المسلسل بعد توالى الحلقات.

■ كيف بدأت العمل على تأليف مسلسل مستوحى من ملفات المخابرات العامة المصرية؟

- تربيت منذ طفولتى على أعمال الجاسوسية وعشقتها للغاية، خاصة أعمال الأستاذ صالح مرسى، التى تحولت إلى مسلسلات «دموع فى عيون وقحة» و«رأفت الهجان» وغيرهما، وكنت أحلم بأن أقدم عملًا من أعمال المخابرات منذ بدأت الكتابة، وبعدما أصبحت كاتبًا محترفًا ازدادت رغبتى فى ذلك وكبر الحلم لدىّ.

وبعد مشاركتى فى أكثر من عمل مع شركة «سينرجى» للإنتاج، عرضت عليها رغبتى فى كتابة مسلسل عن أعمال المخابرات العامة، وعرضت على الأستاذ حسام شوقى، المشرف العام على الإنتاج، هذه الرغبة، وحصل لى على موافقة مبدئية لتقديم عمل مأخوذ عن ملفات المخابرات. 

وبدأت فى تنفيذ المسلسل والبحث عن الفكرة، ووضعت فى اعتبارى أن يكون الملف الذى نعمل عليه حديثًا حتى نقدم عملًا يختلف عمَّا سبقه، خاصة أن معظم الأعمال العظيمة التى دارت حول الجاسوسية كانت أحداثها تدور فى فترات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات على أقصى تقدير، وبالفعل، وجدنا أكثر من ملف، ودمجنا أكثر من موضوع فى العمل. 

■ ألم تتخوف من صعوبة المهمة فى ظل المقارنة مع الأعمال الناجحة التى تناولت الجاسوسية؟

- كانت لدينا جميعًا هواجس وتخوفات فى البداية، فمن الطبيعى أن يكون هناك تخوف لدى من يحاول تقديم عمل من ملفات المخابرات، لأن فكرة تقديم عمل عن مصر وعن بطولات جهاز عظيم مثل المخابرات العامة مسئولية كبيرة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الأعمال التى قدمت فى هذا الإطار حققت نجاحات غير مسبوقة، ما يخلق حالة من القلق بسبب المقارنة مع بعض أهم الأعمال الدرامية، التى شارك فيها عظماء الفن المصرى، وعلى رأسهم الأستاذ صالح مرسى، والمخرج الأستاذ يحيى العلمى، والأستاذ محمود عبدالعزيز، وغيرهم.

لذا قررنا تحويل المخاوف إلى دافع للنجاح، وأردنا جميعًا أن يخرج العمل فى أفضل صورة ممكنة، حتى يحقق نجاحًا مثل الأعمال المتميزة فى هذا الإطار، وحاولنا بقدر الإمكان الخروج من المقارنة بالانتقال إلى حقبة زمنية مختلفة، مع الاختلاف فى طبيعة الصورة والأحداث والشخوص، لأن طبيعة العمليات المخابراتية والأساليب نفسها قد اختلفت.

وسعينا إلى تقديم عمل جيد يصلح كذلك للفرجة، وأتمنى أن يكون العمل والمعلومات التى يقدمها ممتعين للجمهور، وأتمنى أن نكون قد نجحنا فى أداء مهمتنا.

■ ما نسبة الحقيقة والخيال فى قصة الشخصيات الرئيسية بالمسلسل؟

- شخصيات «سيف» و«دينا» لها أصول حقيقية، لكن هناك جزءًا منها بالطبع من خيال المؤلف، لكنه لا يتجاوز الإطار الحقيقى للشخصيات، وهو أمر طبيعى فى معظم الأعمال المأخوذة عن ملفات المخابرات، فالقصة فى المشروعات المأخوذة عن أحداث حقيقية تكون مثل البيت أو البناء العام، أما خيال الكاتب فيتحرك ضمن إطار البناء نفسه.

■ تدور أحداث المسلسل فى عام ٢٠٠٧ وتتناول أمورًا تتعلق بالجماعات الإرهابية ومخططاتها.. فكيف تحصلت على المعلومات بهذا الخصوص؟

- فى مسلسل «هجمة مرتدة» كانت مسألة الحصول على مصادر المعلومات هى الأكثر إجهادًا، لصعوبة الحصول على المعلومات الحقيقية من جهة، وصعوبة تأكيد ونفى وتدقيق ما تتوصل إليه من جهة أخرى.

وجهاز المخابرات مشكورًا أمدنى بالمعلومات الأساسية الخاصة بالعمل، وكان متعاونًا جدًا كلما احتجت إلى معلومة أو مراجعة، وهم، رغم كل المسئوليات العظيمة التى تقع على عاتقهم، كانوا دائمًا موجودين ومتابعين وداعمين لنا جميعًا، ولم يبخلوا علينا بأى معلومة وأوجه لهم جزيل الشكر على ما قدموه إلينا وأتمنى أن نكون عند حسن ظنهم.

وبعد ذلك بدأت فى البحث عن المصادر والمعلومات الكثيرة المطلوبة لاستكمال الصورة، مع العمل على مقارنتها وتدقيقها، ومرحلة جمع وتدقيق المعلومات وحدها استمرت نحو ٦ أشهر، بعدها انتقلت إلى مرحلة البناء الدرامى للمسلسل حتى اكتمل.

■ ما الرسالة التى تهدف إلى إيصالها للجمهور من خلال هذا المسلسل؟

- الفكرة ببساطة هى محاولة تقديم وجهة نظر مختلفة عن الجهات المتطرفة والأحداث التى مرت بها المنطقة خلال الـ١٥ عامًا الماضية، وذلك من خلال الاعتماد على الحقائق، وإعادة صياغة المشهد بطريقة ربما لم تكن متوافرة فى وقت سابق. 

وما نحاول أن نوصله للجمهور هو طبيعة الصراع الدائر فى المنطقة، من أجل إعادة صياغة مواقفنا تجاه الأحداث والصراع نفسه، وأعتقد أن هذا الأمر مهم للغاية فى الوقت الحالى.

■ هل لعبت دورًا فى اختيار أبطال العمل أو كانوا فى ذهنك وقت تأليفه؟

- لا، فقد عملت على تأليف المسلسل منفردًا، وبعدما قطعت شوطًا كبيرًا فى كتابته واتضحت معالم الشخصيات انضم إلى فريق العمل الفنانان أحمد عز وهند صبرى، وغيرهما من الذين شرفونا بالمشاركة، بالإضافة إلى المخرج أحمد علاء الديب وهو واحد من المخرجين المجتهدين للغاية، والمتمكنين من أدواتهم، وله تجارب مهمة فى السينما، كما أنه مخلص فى عمله، ومتعاون لأبعد الحدود، وتجمعنى به على المستوى الشخصى علاقة طيبة، وأنا سعيد بالعمل معه.

■ من الذى اختار اسم «هجمة مرتدة»؟

- حين قدمت المعالجة الأولى للمسلسل اقترحت «هجمة مرتدة»، لكننا بدأنا العمل لمدة تحت اسم «أمن قومى»، ومع الدخول فى مرحلة التنفيذ استقر جميع الأطراف على أن الاسم الأول هو الأنسب، لأنه يعبر عن موضوع المسلسل، ويناقش فكرة الهجوم القوى ضدنا والذى ارتد على من حاول الهجوم علينا.

■ ما أكثر الصعوبات التى واجهتك فى هذا المسلسل؟

- الصعوبة الأكبر كانت أنه يناقش أحداثًا عاصرها الجمهور، فهذا أمر شديد الحساسية، ويحتاج مراجعات كثيرة وتدقيقًا فى اختيار الألفاظ، وأحيانًا كنت أراجع الحلقة أكثر من مرة حتى أدقق الكلمات، هذا بالطبع إلى جانب طبيعة المسلسل نفسه، لأنه مسئولية كبيرة.

■ تم تأجيل التصوير من الموسم الماضى.. فهل ساعد ذلك فى خروج المسلسل بشكل أفضل؟

- الخير فيما اختاره الله، فقد كان من المخطط أن يعرض العمل خلال العام الماضى، لكنه تأجل بسبب وباء كورونا واحتياجنا للتصوير الخارجى فى ظل إغلاق المطارات وصعوبة السفر، لذا بدأنا بعد عيد الفطر الماضى فى ترتيب الأوراق من جديد، لاستكمال التصوير، وأعتقد أن هذا التأجيل كان فى صالح العمل.

■ كيف ترى مسلسلات «معركة الوعى» الثلاثة «هجمة مرتدة» و«الاختيار ٢» و«القاهرة كابول»؟

- أرى أن هذا التوجه لإنتاج مسلسلات الوعى كان موجودًا فى السابق واختفى لفترة، وهو ما أضر مصر بشدة، والآن تعود الأمور إلى طبيعتها، وأرى أن هذا النوع من الأعمال لا بد أن يكون موجودًا ومستمرًا إلى جانب باقى الألوان، مثل التراجيديا والكوميديا وغيرهما.

وصناعة ٣ أعمال حاليًا ليست أمرًا غريبًا، بل على العكس هو أمر مطلوب، لأنها لعبة يكسبها من يستطيع إقناع الجمهور ورفع وعيه بكل طريقة ممكنة، كما أن هذه النوعية من الأعمال مهمة جدًا للمشاهد العربى فى ظل المرحلة الصعبة التى نمر بها جميعًا.

■ كنت مؤلف الجزء الأول من مسلسل «الاختيار».. فكيف ترى الجزء الثانى منه؟

- لا أستطيع أن أصف مدى فخرى وسعادتى بنجاح الجزء الأول من مسلسل «الاختيار»، لأن الله «راضانى» به كثيرًا، ورحمة الله على الشهيد أحمد منسى الذى كان يستحق أكثر من ذلك بكثير، والذى ينسب إليه الفضل فى نجاح المسلسل.

وأكثر ما أسعدنى فى «الاختيار» هو أن الشباب الصغير اتخذ من الشهيد قدوة، لأننا قدمنا بطلًا من حوله أبطال، ما ترك تأثيرًا كبيرًا، والحمد لله الذى أكرمنا بأن نقدم للأجيال الصغيرة قدوة ومُثلًا عليا، مثلما قدم لنا أساتذتنا السابقون مثل أسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبدالقوى وصالح مرسى ووحيد حامد والدكتور نبيل فاروق، فهؤلاء هم الذين بنوا وعينا وحصنونا فى مواجهة الظروف المحيطة.

وأحب أن أوجه للزملاء فى «الاختيار ٢» كل التحية والتهنئة، وإن كانت الظروف لم تحالفنى لمتابعة الحلقات الأولى من الجزء الثانى، إلا أننى أشكرهم جميعًا على مجهوداتهم لصناعة عمل يصب فى صالح مصر، وهو أمر يستحق الدعم والتقدير، فى الوقت الذى نبحث فيه جميعًا عن أعمال هادفة تحمى البلاد وترفع من الوعى لدى الجمهور.

■ ما الأعمال الدرامية التى تشاهدها فى هذا الموسم؟

- للأسف، الظروف لم تسمح لى بأن أتابع الأعمال بتركيز، لكنى سأفعل فى أقرب وقت، لأنى واثق أن الزملاء جميعًا قدموا أعمالًا قيمة، وبذلوا مجهودًا يستحق التقدير، كما أن شركة «سينرجى» قدمت هذا العام موسمًا من أهم المواسم الدرامية، وعليهم أن يفخروا به بشدة لأنه يعيد الدراما المصرية إلى مكانتها الطبيعية.

■ ما الجديد لديك فى الفترة المقبلة؟

- أعمل حاليًا على عدد من المشروعات، وهو ما يشغلنى كثيرًا، لكنى لم أستقر بعد على العمل الذى سأقدمه فى الفترة المقبلة.