يحيى حقى عن جيل السبعينيات: أصدق مع أنفسهم من الأجيال القديمة

 في أوائل عام 1976 أجرى الكاتب الصحفي الروائي عبد الوهاب الأسواني ومعه نخبة من كبار مثقفي مصر، على رأسهم رجاء النقاش وأحمد عباس صالح وفؤاد دوارة، حوارًا صحفيا مطولا مع الكاتب الروائي والقاص يحيى حقي، والذي يعد أحد أهم وأبرز مثقفي مصر في القرن الفائت، وأحد أهم الماكينات الثقيلة في تقديم مبدعي مصر من الوجوه الشابه في ذلك الوقت.

كان سؤال ما أهم العيوب التى تلاحظها على الجيل الجديد من الأدباء؟ والذي جاء على لسان  الكاتب والناقد فؤاد دوارة، واحدًا من ضمن أبرز الأسئلة التى وجهت إلى يحيى حقي. 

وجاء رد يحيى حقي بأن "عيوب الجيل الجديد واضحة وهي فقر لغوي شديد، ولا أقصد بذلك الأخطاء اللغوية، أو النحوية، وإنما بفقر الثروة اللغوية التي في أيديهم، فالوصف مثلا هو نقل من العام إلى الخاص، وهم لا يستعملون في الأغلب إلا الألفاظ التى تصلح للعام، مع أن المطلوب نقلها إلى الخاص الذي يصفونه، عند "توماس مان" مثلا لا تجد شيئا إلا موصوفا بصفتين أو ثلاث على الأقل، والمقصود بذلك التخصيص لا التعميم، ولذلك ترى هؤلا الأدباء الشبان  يهيمون هيامًا شديدًا بكلمات بعينها، تتكرر عندهم مرارًا مثل “دلف إلى ”، وفى بعض الأحيان، حين ينقضي نهاري في الاستماع إلى هذه القصص من كاتبيها، أجدني أقول في سري وأنا أهم بالنوم طها أنا أدلف إلى فراشي!".

وأضاف أن "ثاني العيوب يتمثل في فقر الأحاسيس.. العواطف عندهم إن لم تكن في المرتبة الدنيا فهى في المرتبة الوسط، ويلي ذلك فقر في الاتصال بالطبيعة عن طريق الحواس الخمس"، ثم سذاجة في استعمال الرمز الواضح والمفروض في الرمز أن تكون القصة مفهومة على نحو، ولكنها تخفي وراءها معنى آخر". 

أما عن حسنات الجيل الجديد، فيقول يحيي حقي “هى كثيرة لكن أهمها في رأيي أنهم لا ينظرون إلى الأدب كأدب مجرد كما كنا نفعل، وبل يمزجون بين الأدب بالفلسفة بالسياسة بالتاريخ بالاقتصاد مع محاولات عظيمة في التجديد  وإن لم تستطع هذه المحاولات أن تشق لنفسها مجرى تتدفق منه إلى القارئ بعد، لكنها ستصل. إلا أن بعضهم يفهم التجديد بطريقة غريبة” 

 في نفس السياق سأله الناقد رجاء النقاش: يقال إن الجيل الجديد أصدق مع نفسه من الأجيال القديمة فما قولك؟

وجاء رد يحيي حقي “أوافق مع تحفظات.. وهي التحفظات خاصة بالتعميم  يمكن أن نقول إن غالبية الجيل الجديد أصدق مع نفسها من غالبية الأجيال السابقة، والمسألة في حاجة إلى طول تفكير على كل حال”.