رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سعر الرحلة الأخيرة.. حكايات «تجار الموت» في زمن كورونا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أكثر من 3 ملايين شخص حول العالم أنهت أرواحهم منذ ديسمبر العام 2019 وحتى الآن، جراء فيروس كورونا المستجد الذي صنفته منظمة الصحة العالمية بأنه وباء عالمي وجائحة لم يشهدها العالم من قبل، لذلك أصبح كل شيء حولها متذبذب ومتغيير.

وجراء تلك الوفيات الضخمة كان الأمر بالنسبة لآخرون "بيزنس" من أجل التربح منه، فالميت يحتاج إلى كفن وتابوت يوضع فيه من أجل الدفن، وهي الأشياء التي زاد سعرها خلال العام الماضي ولا زالت مستمرة، بسبب وفيات فيروس كورونا.

وسواء في مصر أو دول العالم، فقد ارتفعت أسعار الأكفان والتوابيت أضعاف ما كانت عليه استغلالًا للحدث الجاري، وزيادة الطلب عليهم من المواطنين خلال الموجتين الأولى والثانية من كورونا جراء وفيات الفيروس المستجد.

"الدستور" تحدثت مع عدد من تجار الأكفان حول زيادة الطلب عليهم والأسعار بعد فيروس كورونا، وكذلك شركات التوابيت التي زاد السعر لديها أيضًا، وعدد من "الحانوتية" لمعرفة الأوضاع التي أصبحت عليها مستلزمات الرحلة الأخيرة للمتوفى.

خط الموتى الساخن

 

تواصلنا من خلال الخط الساخن مع أحد الشركات المخصصة في بيع صناديق الموتى، أوضح لنا حامد خالد أن صناعة التوابيت شهدت انتعاشًا ملحوظًا في ظل جائحة كورونا، ما جعل بعض الشركات والسماسرة يستغلون ذوي موتى كورونا، ويفرضون عليهم أسعار باهظة نظير بيع صناديق الموتى.

وأكد "خالد" أن شركته لا تقف تعاملاتها داخل مصر فقط، بل تنسق أيضًا مع سفارات الدول الخارجية لتصدير التوابيت إليهم، وبالفعل نجحت الشركة في ضم عدد كبير من العملاء الواثقين في منتجات الشركة، بعد أن تصدر القلق الشديد أذهان المواطنين في ظل جائحة كورونا.

وعن أسعار التوابيت، قال "خالد" في حديثه لـ"الدستور"، إن السعر التجاري الذي تتعامل به الشركة حاليًا هو 1200 جنيه للتوابيت المتنقلة داخل محافظة القاهرة فقط، فالسعر يختلف حين يتم توريد التابوت لمحافظة أخرى، لكن الفارق لا يكون كبيرًا فالشركة تضيف مبلغ قدره 200 جنيه فقط نظير الانتقالات، ومبلغ أخر قدره 100 جنيه مقابل توفير أدوات التعقيم والكمامات الطبية لسائقين الشحنات.


كذلك ارتفعت أسعار الأكفان، ويقول رجب زناتي، تاجر أكفان، إن طلبات شراء الأكفان قد ارتفعت بشكل عام منذ انتشار جائحة كورونا، لكن ارتفاع الطلب لم يدفع أصحاب المتاجر إلى رفع أسعار الكفن.

فوارق عديدة بين كفن الرجل والمرأة، فكفن الرجل يكون ثلاثة طبقات على الأقل من القماش الأبيض، بطول مترين ونصف وعرض 185 سم، أما كفن المرأة فيكون خمس طبقات على الأقل من القماش الأبيض، بنفس طول وعرض كفن الرجال، لكنه يكون مصحوبا بمستلزمات أكثر.

وبحسب صاحب متجر الأكفان فإن سعر الكفن قد يزيد إذا ما طلب أهل المتوفي أن يكون عدد الطبقات أكثر من الحد الأدنى، فهناك من يريد أن يتأكد من أن جثمان المتوفي ستكون في أمان عن الأعين أو يشعر بالاطمئنان بأن الكفن يخفي الجسد تمامًا.

تكلفة دفن متوفى كورونا

حسن العارف، حانوتي في منطقة السيدة زينب، أوضح أن جميع مستلزمات الموتى ارتفع سعرها ثلاثة أضعاف خلال الفترة الحالية بسبب فيروس كورونا، وزيادة الوفيات وحاجة المواطنين إلى تكفين موتاهم ووضعهم في توابيت.

أوضح لـ"الدستور"، أنه قام بتكفين الكثير من موتى كورونا مع أخذ الاحتياطات اللازمة كافة، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أجرته: "الميت الواحد بيكلفني مستلزمات طبية عشان أحمي نفسي وأحمي المغسل أو المغسلة من العدوى عشان كدة الأجر زاد".

أضاف: "كل شيء يخص الوفيات سعره زاد حتى أقطان الأنف والأذن، لأن التجار والشركات تعلم جيدًا أن هناك زيادة في الطلب على تلك الأشياء، لذلك رفعت الأسعار لأن المواطن يكون مضطر لشرائها حتى يدفن الميت جراء الفيروس".

أكثر المواقف المؤلمة التي يمر بها حسن ما يقصه عليه ذوي المتوفي، قال: "معظم المغسلين حين تأتي إلى المتوفي وتعلم أنه جراء كورونا ترفض التغسيل، وبعض الحالات ظلت ساعات في المنزل دون إكرام بالدفن، وإحداهم أخبرني بإنني إذا لم أذهب لتكفين ابنته سيقوم بلفها في سجادة ودفنها في أي مكان".