رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«المتواضع».. محمد رفعت فضل التلاوة فى مأتم جاره الفقير بدون أجر على عزاء الملك فؤاد

محمد رفعت
محمد رفعت

فى سن الخامسة عشرة، عُين الشيخ محمد رفعت قارئًا للسورة يوم الجمعة، فى مسجد «فاضل باشا» الموجود داخل حى «درب الجماميز» بالقاهرة، وكان المسجد وقتها يمتلئ بالناس منذ الصباح الباكر، ويشهد حالات من الوجد الشديد والإغماء من شدة التأثر بصوت الشيخ.

وكان الشيخ عطوفًا رحيمًا وله مواقف لا تنسى، من بينها رفضه الذهاب لقراءة القرآن فى عزاء الملك فؤاد الأول، مفضلًا عليه التلاوة فى مأتم أحد جيرانه الفقراء بدون أى أجر.

وكان بسيطًا يجالس البسطاء ويعاون الفقراء ويرضى بالقليل حتى مات فقيرًا، وكانت له عربة «كارتة» لا ينام إلا وهو مطمئن على الفرس الخاص بها، فيطعمه ويسقيه ويوصى عليه ابنه الأكبر «محمد».

وفى أثناء الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٢، استمع أحد الضباط الكنديين للإذاعة، وإذا بصوت الشيخ «رفعت» ينساب وهو يقرأ من سورة «مريم»: «ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذى فيه يمترون».

وبعد انتهاء الحرب، انتهز هذا الضابط وجوده فى مصر، وطلب من مدير الإذاعة مقابلة الشيخ، وعندما علم أنه فقد بصره بكى الضابط وصافحه وعانقه، قائلًا له: «لقد هدانى الله أنا وأسرتى للحق بصوتك الذى يفيض نورًا وهداية».

كما أن هناك مجموعة هندية بوذية آمنت بوحدانية الخالق، حينما انساب صوت الشيخ «رفعت» إلى قلوبها، وطلب أحد أغنى أغنياء الهند منه الحضور إلى بلاده بأجر ١٠٠ جنيه فى اليوم، لكنه رفض العرض وفضل إحياء شهر رمضان فى مصر بين محبيه ومريديه.

وفى ١٩٤٢، أوقفت الإذاعة صوت الشيخ، فهاج الناس على مسئوليها، وهددوا بعدم دفع «ضريبة المذياع» وقتها، ما لم يعد صوت السماء للقراءة، حتى استطاع الشيخ المراغى شيخ الأزهر وقتها إعادته للقراءة، قائلًا عنه: «منحة الأقدار وخير من رتل القرآن فى القرن العشرين وإلى أن يشاء الله لحفظ كتابه العزيز». 

ووقت أن استأنف الشيخ القراءة فى الإذاعة كان يومها عيدًا زفه إلى عشاق صوته المرحوم الإذاعى عبدالوهاب يوسف.