رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حفل المومياوات والهوية المصرية

عاشت مصر وعاش العالم فى مساء السبت ٣ ابريل ٢٠٢١ ليلة من ليالي الف ليلة وليلة مع ثمانية عشر ملك من ملوك مصر العظماء واربعة من ملكات مصر العظيمات عند نقل مياواتهم من المتحف المصرى فى ميدان التحرير الى متحف الحضارات فى الفسطاط فى مشهد احتفالي مصرى من اروع وأعظم وأفخر المشاهد التى لاتتكرر كثيرا فى العمر . فقد كان الاحتفال تذكير بتاريخ يغيب كثيرا عن التذكر وتراث خالد يتم خلطه بما يتوافق من الخلط وبما لايتوافق وعظمة حضارة إنارة ظلام العالم قبل الزمان بزمان . احتفال وحفل أثبت فيه المصرى أنه بالفعل ابن هذه الحضارة وحفيد ذلك التاريخ. فكل ما قدم كان رسالة للجميع أن مصر وأبناؤها قادرين دائما على الإنجاز والاعجاز. وبالطبع فكل نجاح لمصر وللمصريين لايلقى الترحيب من بعض هؤلاء الذين ولدوا فى مصر ويحملون اسمها ولكن لهم من الأفكار المغلوطة والتفسيرات المجحفة والمصالح الذاتية والتبعية الخارجية مايجعلهم لايريدون لمصر النجاح بل الاهم والأخطر أنهم يتبرأون من الانتماء لمصر العظيمة . والبعض يريد قصر الانتماء عليه وفقط دون باقى المصريين وكان مصر ليست وطن وشعب واحد متعدد الثقافات الخاصة التى تجمعها ثقافة مصر الواحدة والجامعة . فمن يتبرأون ويقصرون انتمائهم ويتخندقون داخل حقبة زمنية بعينها من حقبات مصر التاريخية والحضارية .رافضين ومسقطين باقى الحقبات الحضارية التى شكلت الهوية المصرية . هؤلاء لايعترفون حتى بالحقبة الإسلامية المعاشة والتى اثرت ولازالت تؤثر فى المصريين دون ذكر ديانتهم . ولكن يحولون التاريخ ويقراون التراث على أرضية دينية حتى يسقط منها الآخر الدينى. كنوع من التمايز على الاخر فتصبح فى فكرهم الخاطئ والمتخلف أن المصرية القديمة هى الفرعونية اى أنها يجب أن يسقط عليها بالمطلق مايسقط على فرعون موسى . اى أن مصر القديمة بدينها وتراثها وحضارتها كافرة وأن هؤلاء المصريين هم ابناء الحقبة وكل من يعترف بها هم أيضا كفار !!! ناسين أو جاهلين أن المصرى والمصرية القديمة هى أول من عرف الإله واول من دعى الى التوحيد بل الاهم أن مصر قد أنجبت النبى ادريس وهو النبى المصرى الوحيد الذى ذكر فى القرآن!!!.
أما النوع الآخر وهم الذين يحصرون ويحاصرون الحقبة المصرية القديمة ويعتبرونها ملكية خاصة وايضا على أرضية دينية مسيحية. فالحقبة فى معتقدهم وكأنها مسيحية التاريخ والحضارة واللغة والانجاز وهم لا يعلمون أنها كانت ووجدت قبل المسيحية اصلا . فاللغة القبطية (وهى اللغة المصرية القديمة وليست اللغة المسيحية) وكأنها هى اللغة الخاصة والقاصر ملكيتها على المصريين المسيحيين فقط . أنها لغة مصر وهى ملك لكل المصريين ولاعلاقة بذلك بالدين. ولكن نية التمسك هو التمايز أيضا الذى يرفض كل منهم للآخر وعلى أرضية دينية خاطئة. المصريون ياسادة يشتركون فى جيناتهم المصرية الأصيلة بنسبة ٩٧ فى المائة ايا كانت أصولهم الجنسية السابقة .فمصر هى من  تصهر الوافد إليها فى بوقتها المصرية الذهبية وتجعله مصريا. كما أن المسلم المصرى ليس بالضرورة أن تكون جذوره من الجزيرة العربية والا اين المصريين الذين تحولوا من المسيحية إلى الإسلام مثل ماتحولوا من الديانة المصرية القديمة إلى المسيحية ؟ هنا وللاسف فالمشكلة هى ان التراث الذى يشمل التراث الدينى والاجتماعى والثقافى والسياسى والاقتصادى يتم حصره ومحاصرته فى إطار التراث الدينى وفقط مسقطين كل انواع التراث إذا لم تتجاوبزهذه الانواع مع أفكارهم الخاطئة وتمايزهم المرفوض. مصر الواحدة وشعبها الواحد .تاريخهم واحد وحضارتهم واحدة وتراثهم واحد وجيناتهم واحدة . فهم شخصية حضارية تكونت من الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية والدين بكل مسمياته هو أحد المكونات لتلك الحضارة وهذا فخر وافتخار لكل المصريين ولكن كل من لايفخر ولايفتخر بمصر فهذا شأنه ولكن مصر لن تفخر بغير اولادها المخلصين المنتمين . حفظ الله مصر الحضارة والتاريخ وشعبها العظيم الذى يعتز بهذه لحضارة.