رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أخلاق أولاد الأصول.. تبدأ في البيت

هل علينا شهر رمضان الكريم أمس، الذي هو أفضل شهور السنة، كل عام وأنتم بخير، وهو شهر مبارك  "تحلي" فيه العبادات والتقرب إلي الله تعالى، ولمة العيلة والأهل والأحباب حول مائدة الإفطار، وحول المسلسلات، وهو فرصة لنتذكر فيه الأكثر احتياجًا بإخراج الزكاة والصدقات الجارية والعطف علي الفقراء.
ورغم أنف فيروس  كورونا اللعين، دعونا نستمتع بعباداتنا ولمتنا وصيامنا مع  الحذر الشديد واتباع الاجراءات الاحترازية التي نعرفها جميعًا ولا حاجه هنا لتكرارها للقارئ، فالمطلوب الآن في هذا الشهر المبارك، ومع موجه الكورونا الحالية أن نتوخي الحذر، وأن نحرص علي الاجراءات الاحترازية، وحل المعادلة الصعبة بين لمة الأحباب والتباعد الاجتماعي، وذلك حتي نقضي الشهر الحريم في صحة وسلام، ونخرج منه أيضا في سلام وأمان.
ومنذ صغري، تعلمت في بيت أسرتي من أمي ووالدي أن أحرص علي مبادئ وسلوكيات وأخلاقيات بعينها خلال الشهر الكريم، وطوال أيام السنة، وأن أكون عند ثقتهم، فقد تعملت المسئولية، كما تعلمت أن الحياة مسئولية حتي وإن رافقتها الحرية.
والمطلوب أن نحسن من أخلاقنا وسلوكياتنا طوال أيام هذا الشهر الفضيل، وذلك ليكتمل صيامنا، فالمطلوب أن نصوم فيه، ليس فقط عن الطعام والشراب، وإنما أيضا أن نحرص  علي التمسك بالسلوكيات الحميدة والراقية، وأن نتعامل مع الآخرين بأخلاقيات كريمة ونبيلة، وألا نسيء للآخرين.
تعلمنا منذ الصغر في بيتنا كذلك أن نحترم الكبير، وأن نجتهد في شهر الصوم علي التحلي بعفة اللسان، والعطف علي الفقير، هكذا تعلمنا، وعلمنا منذ الصغر أن ًأولاد الأصول لابد أن "يشبوا"، وأن يحافظوا علي مبادئ وقيم تعلموها في بيت الأهل منذ الصغر.
أما الآن، فعندما أنظر إلي أحوال المجتمع، فأجد أن أخلاق الناس قد تغيرت كثيرًا في السنوات الأخيرة، وتحديدًا منذ أحداث يناير ٢٠١١، فهذا التاريخ دائمًا ما أتوقف عنده كثيرًا لأنه ظهرت فيه ممارسات سيئة وإجرامية، كما تم فيه تنفيذ خطط ممنهجة لإفساد أخلاق المصريين وبث الفتن والكراهية وتدمير الهوية المصرية العريقة وهدم بنية المجتمع المصري القائم علي التآخي بين المسلم والمسيحي، والذي يتميز بالطيبة والكرم  والجدعنة واحترام الكبير والجار،  ومراعاه شعوره، واحترام الآخر أيا كانت ديانته أو معتقداته.
تغيرت الأخلاق كثيرًا حتي يكاد يندثر أولاد الأصول من المجتمع، بل تكاد  تختفي مراعاة الأصول في التعاملات اليومية، فلم نعد نري كثيرًا من سمات و سلوكيات وأخلاقيات أولاد الأصول، كما كنا نراها ونحن صغار . 
ويبدو أن الأصول قد أصبحت كلمة لا يعرفها الكثيرون ولا يتعاملون بها، بل ويستهينون بها، لذا اختلطت الأمور، وأصبحنا نادرًا ما نري أولاد الأصول، وأصبح الحديث عن الأصول، وكأنه حديث عن عصر مضي وانتهي منذ زمن.
لهذا فإنني استدعي اليوم، وبمناسبة الشهر الفضيل الذي تتحلي فيه نفحات روحانية مسئولية الأمهات والآباء لأن غرس القيم والأصول يبدأ منذ سنوات الطفولة المبكرة في البيت قبل المدرسة، والتربية علي المبادئ والاخلاق تبدأ من البيت.
ومن الضروري أن أتحدث أيضا عن دور مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت والاعلام والدراما والبرامج التي تبث علي الشاشات والفضائيات خلال الشهر الكريم دون اكتراث بأهمية  الرسائل التي تبث القيم العليا، وتعلي من الأخلاق النبيلة وقيم الشهامة والجدعنة المصرية.
فكثير منها، وليس كلها طبعًا يقوم بتجسيد سلوكيات البلطجة والعنف والتطرف  والإرهاب والفساد والجرائم، صحيح أن هناك نقله في الدراما المصرية  في السنوات الأخيرة حيث شاهدنا مسلسلات فيها اعلاء لقيم الوطنية  مثل مسلسل ًالاختيارً ..ومسلسل ًكلبش ً،.ومن هنا فإنني اطالب بهذه بإنتاج مسلسلات سياسيه واجتماعية وكوميدية أيضا تعلي من قيم الوطنية والشهامة والاخلاق الكريمة وتقديم قصص من بطولات الجيش والشرطة وهي كثيره ويوميه وانتاج دراما تجمع بين المتعة والحرفية وفي نفس الوقت تحرص علي بث قيم احترام الآخر، واحترام المرأة المصرية والبنت المصرية منذ الصغر، وخاصة أثناء شهر رمضان الكريم، حيث تجتمع الأسرة من كل الأعمار حول الشاشات وتتسابق الدراما والبرامج في اجتذاب المشاهد، وأنني هنا اناشد الإعلام المصري علي تقديم نماذج إيجابيه ناجحة وتكريس واستعادة أخلاقيات أولاد الأصول، قبل أن تندثر من مجتمعنا. 
إن كلمة ًابن الأصولً هي كلمة بليغة عميقة المعني والأبعاد، إنني أعرف ابن الأصول من وسط عشرات الشخصيات التي تكون أمامي، إن كلمةً ابن الأصول "تعني توافر سمات معينه في الشخصية"، كما أن ًابن الأصول هو من شب في بيت أسرته علي قيم نبيلة وأخلاقيات كريمة وسلوكيات ايجابيه تظهر لأول وهلة لدي التعامل معه"
، كما إنه (ابن الأصول) يتميز بعفة اللسان، وهو لا يعرفك لمصلحة وقتية، وإنما يعرفك لشخصك، وهو صديق يتميز بالوفاء والأخلاق ويعرفك لأنه مقتنع بصفاتك وليس لأنه يريد منك شيئًا.
إن ابن الأصولً يحترم الكبير وليس بالضرورة أن يكون رئيسه في العمل، وإنما احترامه لأمه ولأبيه ينعكس في احترامه للكبار عامة، وهو يتميز باحترام المرأة وتقدير دورها سواءً أكانت أصغر منه سنًا أو اكبر منه سنًا، إنه  حينما يري سيدة مسنة أو أم تحمل طفلاً في المواصلات العامة، نشاهده يترك مقعده على الفور ليجلسها مكانه، وهو جنتلمان في تعاملاته معها، سواءً اكانت أما أو زوجة أو أختًا أو ابنة.
يقدر دورها وتعبها ويجتهد في الدفاع عنها اذا ما تعرضت للتحرش في الشارع  ضد من يسيّء اليها  حتي لو لم تكن تمت له بصله ..وهو يتميز بالجدعنة والشهامة والكرم التي هي من سمات  المصري الاصيل :. وهو حينما يغضب لا يسب ولا يلعن ولا يحقد ولا يغتاب ..ولا يعرف الحسد أو الغيرة أو الحقد علي الآخرين.
ابن الأصولً يكون بارا بوالدته وبوالده، يدرك أهمية ما قدماه له في الصغر، فيقوم برعايتهما في سنوات الكبر، ًابن الأصول ًلا يكون بالضرورة ثريا، وإنما يكون غنيا بأخلاقه وبسلوكياته النبيلة مع الآخرين.
إن ابن الاصول أيضا يكًون قوي الشخصية بقيمة ومبادئه، لا ينحدر بأخلاقه إلي العيب والحرام والإساءة المتعمدة للغير، وهو يتسم بالثقة في نفسه نظرًا لنشأته في بيت كريم يعلي الأخلاق والقيم وبيئة صحية غرست فيه الاجتهاد والعمل والنجاح علي أساس الكفاءة.
ابن  الاصول ًايضا تكون صحبته ممتعة ودافئة لأنه لا يعرف المشاعر السيئة تجاه الآخرين، ابن الأصول ًيكون أيضا متصالحا مع نفسه ومع قدراته وهو في العادة يكون طموحًا ولكن ليس وصوليًا، يصعد سلم النجاح ًخطوة خطوة، ويحب وطنه ويدين  بالولاء لبلده ولأسرته، ابن الأصول لا يخون ولا ينزلق في سلوكياته إلي مدارك سفلي أو ينصاع إلي من يحاولون تغيير أخلاقه واستقطابه في طرق سيئة أو إجراميه.
إننا في حاجة إلي استعادة أخلاقيات ولاد الأصول وتكريس برامج ومسلسلات لغرس القيم النبيلة والاخلاقيات الكريمة في مجتمعنا لنحافظ علي ًالهوية المصرية التي نعتز بها لأنها أصل الحضارة وأصل الإنسانية وأصل الفنون والعلوم والطب والبناء .
ولقد كان ابلغ  دليل علي الفخر بمصريتنا ذلك الموكب الذهبي للمومياوات الملكية الذي قدم الحضارة المصرية القديمة فابهر العالم كله بها وجعل الشباب والاطفال والكبار يَرَوْن  قدرات المصريين المبهرة، فأحسسنا جميعا كبارا وصغارا  بمشاعر الاعتزاز والانتماء لمصر الغالية   ..