رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهيئة الإنجيلية والمعايير الأخلاقية لدعم العيش المشترك


يتناول الباب الثالث من الدستور المصرى «الحقوق والحريات والواجبات العامة» عددًا من المواد الخاصة بالحريات والمساواة وعدم التمييز، والتزام الدولة بضمان حقوق الأطفال وذوى الإعاقة، ورعاية الشباب والنشء والمسنين، حيث تنص المادة «٥٣» على أن المواطنين لدى القانون سواء لا تمييز بينهم، وعلى أن التمييز بينهم جريمة يعاقب عليها القانون، وتنص المادة «٥٩» على أن الحياة الآمنة حق لكل إنسان، والتزام الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها ولكل مقيم على أراضيها، أما المادة «٦٤» تنص على أن حرية العقيدة مطلقة، وعلى حرية ممارسة الشعائر الدينية وقيام دور العبادة.
وللعيش معًا فى أمان وتعاون وسلام وقبول الآخر، من أجل نهضة المجتمع واستقراره ولمواجهة خطاب الكراهية، ومن أجل ترسيخ دعائم دولة المواطنة والقانون، كان اللقاء المهم فى الهيئة الإنجيلية للخدمات الاجتماعية.
«معًا من أجل نبذ الكراهية، ومعًا من أجل نشر ثقافة التسامح والمواطنة والعيش المشترك وقبول الآخر». هذه كلمات ترددت على لسان الأستاذة سميرة لوقا، رئيس قطاع أول للحوار فى الجلسة الافتتاحية، فى سيمنار حول خطاب الكراهية وأهمية العيش المشترك، الذى أقامه منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية فى شهر مارس ٢٠٢١، وذلك بحضور لفيف من قيادات الفكر والمجتمع المدنى والبرلمانيين والأكاديميين والإعلاميين ورجال الدين الإسلامى والمسيحى.
بدأ الدكتور القس أندريه زكى، رئيس الهيئة القبطية للخدمات الاجتماعية رئيس الطائفة الإنجيلية، كلمته فى الجلسة الافتتاحية بالتأكيد على حرص المنتدى منذ بدايته على العمل لبناء مجتمع التسامح ونشر قيم العيش المشترك ومواجهة خطاب الكراهية، وأنه منذ ثلاث سنوات وحتى الآن تمت العديد من الحوارات والمبادرات داخل مصر من أجل رصد القضية ومعالجة أسباب تصاعد التعصب، وتم تنظيم أكثر من عشر فعاليات تناولت الأبعاد المختلفة للقضية ودور المؤسسات التعليمية والمجتمع المدنى ورجال الدين الإسلامى والمسيحى والهيئات الثقافية والفنون والآداب والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى فى نشر ثقافة التسامح، بجانب أهمية بناء بنية تشريعية ضد خطاب الكراهية وسن قوانين تدعم العيش المشترك.
كما أشار القس أندريه إلى وجود عدد من المبادرات مع الخارج بخصوص نفس الموضوع، منها مبادرة الحوار العربى التى تشمل دول «مصر والمغرب وتونس وليبيا والسعودية والكويت وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق»، بالإضافة إلى الحوار المصرى الأمريكى منذ ٢٠١٤ مع مؤسسات المجتمع المدنى والمؤسسات الدينية لهدف بناء التواصل والحوار ومد الجسور لدعم قضايا العيش المشترك.
من الجدير بالذكر الإشارة إلى الورقة التى قدمها الأستاذ عصام شيحة، أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، تحت عنوان «رؤية تشريعية وتطبيقية لدعم العيش المشترك»، الذى أشار فيها إلى أن الدساتير المصرية، منذ دستور ١٩٢٣ وحتى دستور ٢٠١٤، تحتوى على مبادئ المواطنة والعيش المشترك، وأكد أنه لا بد من سن تشريعات تدعم العيش المشترك، وقيام نظم قانونية تكفل وحدة الوطن وتماسكه، واتفق الحضور معه حول ما أشار إليه من تحديات تواجه مجتمعنا، منها التعصب الأعمى، والتطرف، والتى يتطلب لمواجهتها تجديد الخطاب الدينى، وإعادة الاعتبار للقيم والأخلاق ونشر منظومة وثقافة التسامح والمساواة وتطبيق دولة القانون. كما تتطلب دورًا كبيرًا للإعلام فى تعزيز الانتماء وحب ووحدة الوطن وتماسكه.
وأكد الدكتور أسامة العبد، وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب، فى كلمته، أن العدل يعود على الناس بالهدوء والسكينة، وأن احترام حقوق الآخرين يؤدى لحماية المجتمع وحماية الأمن القومى للبلاد. وأضاف «خطاب الكراهية يشكل تحريضًا على التمييز والعنف فهو ضد احترام الكرامة الإنسانية».
لذا إننى أؤكد وأتفق مع كل ما طالب به الحضور فى الجلسات الثلاث، وهو الإسراع بإنشاء مفوضية عدم التمييز، كما أتفق مع ما جاء فى ورقة الأستاذ عصام شيحة حول أن العيش المشترك يأتى بتعزيز عاملين أساسيين هما الأول: الجانب المعنوى أو السيكولوجى الذى يرتبط بالمواطنين ووحدتهم وتماسكهم، أى ما يتعلق بتعظيم الروابط التى تشكل نسيج الانتماء وقوام اللحمة بين عناصره ومكوناته، وأساس هذه الروابط دائمًا الانتماء وحب الوطن والرغبة فى العيش المشترك.
أما الثانى: الجانب المادى القانونى الذى يرتبط بالأساس بوحدة الدولة وتكاملها وقيام نظم قانونية ودستورية ومؤسساتية تكفل الحفاظ على وحدة الوطن وتماسك الشعب وترابط مقوماته.