رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رمضان جانا وفرحنا به فرحتين


نحن على أبواب شهر رمضان الكريم، الذى نتمم به فريضة الصوم على مدى أيام الشهر الفضيل، وهو شهر له نفحات روحانية وسمات مختلفة وأوقات تنير قلبنا بالإيمان ويحلى لنا فيه أداء فرائض الصوم والصلاة والزكاة والتقرب إلى الله.
إلا أنه هذا العام سيكون له شكل مختلف، فله فى هذا العام فرحتان، فرحة المسلم بالصيام، وفرحة المسيحى «بعيد القيامة»، حيث يتواكب الشهر الفضيل مع أعياد شم النسيم فى ٣ مايو ٢٠٢١ أو ٢١ رمضان ١٤٤٢، وأعياد الإخوة المسيحيين.
وهكذا سيحتفل المسلمون والمسيحيون بأعيادهم فى نفس الشهر، وهى فرصة مواتية للتزاور وتبادل التهانى فى مصر المحروسة، التى كانت دائمًا تحتضن كل الحضارات منذ العصور الفرعونية منذ ٧٠٠٠ سنة وإلى العصر الحديث، وبرهنت على أنها دولة ذات تاريخ عريق وحضارة عظيمة ممتدة إلى الوقت الحالى، وهى تمد بصرها بهويتها الراسخة إلى مستقبل أفضل إن شاء الله.
وليس أدل على هذا من الموكب الذهبى للمومياوات الملكية، الذى سار فى شوارع القاهرة فى احتفالية مهيبة أبهرت العالم، وأكدت قدرة المصريين على أعلى مستوى من التنظيم على المستوى العالمى، وأرقى درجات الاهتمام بتاريخهم الذى بدأ الحضارة الإنسانية، وكان فى استقبال المومياوات الملكية بمتحف الحضارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكرست الدولة كل جهودها لإنجاح الاحتفالية المصرية ذات المستوى العالمى، وبرع فيها وزير الآثار والسياحة د. خالد العنانى، والفريق المعاون له.
وشهر رمضان المبارك يعد فرصة مواتية لتجمع أفراد الأسرة الواحدة على مائدة الإفطار الرمضانى، وفى وقت السحور أيضًا، حيث إن إيقاع الحياة الحديثة قد اختلف وتعددت مشغوليات الآباء والأمهات والأبناء، مما ينبغى أن يجعل شهر رمضان الكريم مناسبة جميلة للتلاقى والحوار والنقاش والاستمتاع بالجو الأسرى الدافئ الذى يتيحه لنا الشهر الفضيل.
لقد أصبحت الحياة العصرية حاليًا، ومع التكنولوجيا المركبة، متعددة الاتجاهات والانشغالات، ولم تعد الحياة بسيطة أو سهلة، وأصبح من الضرورى أن نحاول لم شمل الأسرة فى الشهر الفضيل وإعلاء القيم النبيلة لدى الأبناء، حتى لا تضيع القيم المصرية مع التأثيرات الخارجية التى تحيط بهم. فأنا شخصيًا أكن لهذا الشهر الكريم حبًا لا يضاهيه حب آخر، وأنتظره من العام للعام، حيث تكون فرصة جميلة للتقرب إلى الله تعالى بالصوم والصلاة وقراءة القرآن والتلاقى وقت الإفطار مع أفراد أسرتى، كما أنه بالنسبة لى فرصة لأداء فريضة الزكاة وللصدقات الجارية وفقًا للمتاح لدىّ. إنه شهر أيضًا تتجمع فيه الأسر ساعات طويلة حول شاشة التليفزيون لمشاهدة الدراما والمسلسلات التى يجتهد المسئولون فى صناعتها الدرامية، وكذلك المنتجون فى تقديم وجبة رمضانية ناجحة، والتسابق لاجتذاب المشاهدين، حيث ترتفع نسبة المشاهدين، وهذا العام سيكون لدينا وجبة رمضانية دسمة ومتنوعة، فهناك ٥٥ مسلسلًا دراميًا مصريًا يتم تصويرها للعرض خلال الشهر الكريم، هذا إلى جانب المسلسلات العربية، وسوف أكتب للقارئ نقدًا ورأيًا فى الدراما الرمضانية فيما يتم عرضه مثلما تعودت مع قارئ الدستور فى كل عام.
وسيأتى الشهر الفضيل مصاحبًا لأعياد أشقائنا المسيحيين فى الوطن، مما يمكن أن يكون فرصة لتبادل أواصر الصداقة، وبث روح الأخوة العريقة وإحيائها فى مواجهة دعاوى الفتنة ومروجى الشائعات، وستظل مصر دائمًا وطنًا يجمع المسلم والمسيحى على المودة والأخوة والصداقة، لا فرق بينهم إلا فى الأخلاق الحميدة والعمل المخلص فى وطن عريق لطالما جمعنا على التعاون والتقدير المتبادل.
إنه بالدرجة الأولى شهر ينبغى أن يكون شهر التكافل الأقل حظًا، والأكثر احتياجًا والإحساس بالمحروم وبالفقير ممن يمكن أن نساعدهم، وأن نمد يد التعاطف والحنو عليهم.
إن الإحساس بالآخر الأقل حظًا والعطف عليه والعطاء له فى شهر الصيام، وفقًا لإمكانيات كل منا، يخلق بداخلنا شعورًا جميلًا بالراحة النفسية والتكافل والتآلف، وهو ثواب ما بعده ثواب، فأكثروا من دعم الفقير والمحتاج والمسن والمسنة، وبروا والديكم والكبار منكم لأنكم بذلك لا تدخلون عليهم الفرحة فى شهر الصيام فقط وتشعرون بأنكم تؤدون فريضة الزكاة فقط، وإنما فى رأيى، وعن تجربة، أن من يعطف على فقير أو محتاج فى شهر رمضان الكريم، فإنه سيغمره طوال الشهر الفضيل سعادة داخلية تبث فى داخل أعماقه نورًا وراحة واعتزازًا وإيمانًا وثوابًا جميلًا، وكل عام وأنتم بخير وبلدنا بخير وأمان فى الشهر الكريم.