رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ألعاب السيرك السياسي»... لماذا خاصم مصطفى محمود العمل بالسياسة؟

مصطفى محمود
مصطفى محمود

يظل الدكتور مصطفى محمود كاتبًا عاش حياته مثيًرا للجدل لكن بعد رحيله اكتشف الجميع أنه فكرة عابرة للزمن، صامدة بمرور السنوات وانقضاء الأيام.. هكذا كان وسيظل دومًا.

في كتاب «الإسلام السياسي والمعركة القادمة»، الصادر فى 1992، أطلق الدكتور مصطفى محمود نبوءة مبكرة، عندما قال إن مصر مقبلة على أحداث جسام، متنبئًا بأزمات المياه، ومحذرًا من الزيادة السكانية، واللعب على وتر الطائفية وغيرها من المشاكل.

لكن اللافت أن فى جوهر هذا الكتاب يكمن فى ملمح مهم من شخصية هذا الرجل، فقد لعب بكلماته دور السياسي الذى يُعرف أنه ذلك الرجل الذى يجلس فوق السور وأذناه على الأرض ليفهم ويحلل فيما يفكر ويرغب الإنسان فى فعله.. لكن السؤال: كيف كانت علاقة صاحب «ألعاب السيرك السياسي» بعالم السياسة؟

تجيب ابنته «أمل» في أحد حواراتها الصحفية: كانت لديه قناعة تامة بأن عالم السياسة ليس موطنًا للمثل والقيم، وأن السياسيين ليسوا ملائكة، لأنه بطبعه يكره ويبغض النفاق والمهادنة، وتلك متلازمتان لا تخلو منهما تلك البيئة، إضافة إلى أنه شخص عاشق الحرية، وتلك النقطة تحديدًا كانت أساسية في خلافه مع نظام عبدالناصر، بالرغم من إيمانه بالفعل بكونه شخصًا يملك مواصفات وكاريزما الزعيم.

وتضرب المثل على ذلك بأنه «كان مستعدًا لأن يتقبل فكرة تقييد الحريات لفترة، لكن أن ينتهى الموضوع بهزيمة قاسية كتلك التى حدثت فى عام ١٩٦٧ فهذا هو ما يعرف بحد اللا معقول.

تضيف: على النقيض من ذلك، علاقته كانت حميمة بـالسادات، وهى علاقة صداقة قديمة نشأت بينهما بحكم عمل الرئيس الراحل فى الصحافة خلال البدايات الأولى من ثورة يوليو، وعندما تولى منصب رئاسة الجمهورية عرض على أبى منصب وزير الإعلام لكنه رفض، وكان منطقه عائدًا إلى أن المنصب يقيد حريته، وتلك نقطة.

وتتابع «النقطة الأخرى هو إيمانه الشديد بأن مثل هذا المنصب يصبح من المحرمات عليه فعل النقد أو توجيه اللوم إلى رئيس الجمهورية أو أى من أركان نظامه، وهو ما يتنافى مع تكوينه الذى يرفض أن يهادن كائنًا من كان.

وفى عهد «مبارك» تم تحييده باعتباره من المحسوبين على نظام الرئيس السادات، ودفع ثمن ذلك غاليًا بعدما تم وقف برنامجه «العلم والإيمان»، وفق «أمل».

فيما كانت وجهة نظره فى جماعات الإسلام السياسى، وعلى رأسها «الإخوان»، أنها كيانات تستغل الدين لتحقيق مكاسب سياسية، ومعظمها تحركها جهات أجنبية تقدم لها تمويلًا ماديًا لكنه يتم من وراء حجاب.

وتكشف عن أنه فى سنواته الأخيرة لم يكن محبًا للظهور خاصة مع رحيل العديد من أصدقائه، لكن ظل هناك تواصل بينه وبين الفنانة شادية، إضافة إلى لويس جريس وجلال الشرقاوى، فقد كانا دائمى السؤال عنه.

وتختتم حديثها قائلة: هناك كتابات كثيرة وافتراءات أكثر كتبت بحق والدى، معظمها لا يمت للحقيقة بصلة، ولهذا فقد بدأت بالفعل فى كتابة مذكراته لكن توقفت عنها لأسباب معينة، لكننى قريبًا سأعاود استكمالها خاصة أن المعروف والمشهور ليس إلا نذرًا يسيرًا من مسيرته.