رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المشهد الأول.. حب النفس


أعترف بأننى قطفت الثمرة «المحرمة» ورقصت تحت المطر، الرقصة الملعونة، أعترف بأننى ما توقفت يومًا عن الفعل المُدان فى كل زمان ومكان، أعترف، بكل زهو، بأننى أحب نفسى كثيرًا جدًا إلى درجة الجنون.
حب النفس ليس فقط فضيلة كبرى بل هو أيضًا الذى يجعل الفضائل الأخرى ممكنة، كل أنواع الحب الأخرى هى امتداد لحب النفس.. إذا لم أحب نفسى فكيف أحب الآخر؟
إن العجز عن حب أنفسنا هو إعاقة حقيقية رئيسية تمنع التفاعل الإيجابى الصحى السوى مع الحياة ومع البشر.
وإننى مقتنعة جدًا بأن الشرور التى أصابت البشرية على مدى تاريخها كانت على أيدى ناس عجزوا عن حب أنفسهم، وهذا العجز «مؤلم»، ويحتاج إلى مسكنات للتخفيف عنه، هذه المسكنات تتباين فى أشكالها ودرجاتها، بدءًا بميول التعصب والعنصرية والتسلط والعنف والاستغلال وحتى التخريب والتدمير وسفك الدماء والإرهاب والحروب، هذه هى «الروشتة» التى تتستر على «الرذيلة» الكبرى.. كراهية النفس.
والعكس صحيح كل أنواع الخير الذى حققته البشرية كان بسبب نساء ورجال أحبوا أنفسهم واجتهدوا لمد هذا الحب إلى اكتشافات وإنجازات تعود على الناس بالفائدة والسعادة داخل كل إنسان «ذات متفردة» مثل بصمة الإصبع، هذه الذات هى «الأصل» هى «الطاقة» هى «البصيرة» هى «الإلهام» هى «سرنا» هى «قوتنا» هى «شفاؤنا» هى «البدء» هى «المنتهى».
حب النفس أداة «ثورية» تمدنا بالمقاومة والتفاؤل الناضج، وعظماء المقاتلين من أجل الحرية كانوا عظماء فى حب أنفسهم، نرجسية عالية لكنها صحية وراقية، ما أجمل علاقة الحب مع رجل يحب نفسه، وما أروع علاقة الحب مع امرأة تحب نفسها.
وليس هناك شىء أكثر بؤسًا وإحباطًا وكآبة وتعاسة من علاقات الحب مع نساء ورجال يكرهون أنفسهم.
المشهد الثانى.. «عبدالحليم حافظ»
بعد ٤٤ عامًا من الرحيل، ماذا أكتب عن «العندليب» ٢١ يونيو ١٩٢٩- ٢٩ مارس ١٩٧٧؟، أحببت العندليب لأنه حين يغنى يجعلنى أكتشف الغناء والموسيقى بداخلى، حين يغنى يُحفزنى أنا الأخرى على الغناء.
كان يغنى مثلما يتنفس ويتكلم ويحزن ويغضب ويتألم ويفرح، كان يغنى فلا نعرف أين ينتهى الغناء وأين يبدأ هو، لم يكن يغنى بصوته فقط ولكن بدمه وجسده وأحلامه وأوجاع مرض لا يرحم.
إذا خُيّرت فى أغنيات العندليب سأختار «صافينى مرة، يا مواعدنى بكرة، على قد الشوق، لا تلمنى، لحن الوفاء، لايق عليك الخال، يا قلبى خبى، تخونوه، فوق الشوك، أسمر يا أسمرانى، لو كنت يوم أنساك، كنت فين وأنا فين، يا قلبى يا خالى، مالك ومالى يا أبوقلب خالى، بتلومونى ليه، كفاية نورك عليا، ليه تشغل بالك، ضى القناديل»، ومن القصائد أختار «أنت قلبى، حبيبها، لا تكذبى، قارئة الفنجان».
سُئل «عبدالوهاب» عن أمنيته، فقال: «أود أن أظل هاويًا للفن»، أحد أسرار تفرد العندليب أنه ظل حتى آخر أيامه هاويًا كما تمنى عبدالوهاب، والفرق بين الهواية والاحتراف كبير.
الهواية: هى دفقات العشق وعنفوان الفرح وحب المخاطرة والدهشة الطازجة دون حسابات المكسب والخسارة، بمعنى آخر الهواية هى أن يبدع الفنان بمحض اختياره دون أن يطلبه أحد، وحبه للفن خالصًا لوجه الفن، وإذا كنت تكلمت فى المشهد الأول عن «حب النفس» الصحى الواجب علينا، فإن عبدالحليم أحب نفسه الحب الصحى الواعى الذى لا ينكر ذاته ولذلك أحببناه لهذا الصدق الدءوب.
من بستان قصائدى
فى العالم غريبات وغرباء.. النساء وأصحاب الإبداع الثائر
الفقيرات والفقراء رجال يرفضون الذكورية
نساء يفضحن تجار الأديان من المشايخ والفقهاء.