رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قناة السويس فى التاريخ المصرى


أعادت مشكلة جنوح ناقلة الحاويات قناة السويس إلى الأضواء من جديد فى الأيام القليلة الماضية، ولا شك أن سرعة التعامل مع المشكلة والنجاح فى تعويم السفينة أسهم بشكل كبير فى زيادة نبرة الشعور القومى لدى المصريين، خاصة بعد حادث قطار سوهاج، وانهيار عمارة جسر السويس، وليس هذا بغريب عن قناة السويس؛ إذ يرى بعض المورخين أن تاريخ القناة هو فى الحقيقة يلخص تاريخ مصر فى القرنين التاسع عشر والعشرين.
هل نبدأ بقصة رفض محمد على مشروع حفر القناة، خشية أن تكون بابًا خلفيًا للتدخل الأجنبى فى مصر؟ أم ننتقل إلى عصر الخديو إسماعيل المفترَى عليه، والذى اتُهِمَ بإغراق مصر فى الديون، وهو لم ينفق هذه الأموال إلا على تحديث مصر؟ ربما لا يعرف البعض أن الخديو إسماعيل كان لديه مشروع كبير مع افتتاح القناة فى عام 1869؛ إذ قام إسماعيل بنهضة عمرانية كبيرة فى مصر، وأقام احتفالات كبرى بمناسبة افتتاح القناة، هذه الاحتفالات التى اتهمه البعض بالإنفاق ببذخ فيها، مع أنه دعا ملوك وأباطرة أوروبا إلى الافتتاح لكى يُعلن استقلال مصر عن الدولة العثمانية، بضمانات أوروبية، لكن توازن القوى والصراعات الأوروبية للأسف أحبطا هذا المشروع، ولم يستطع إسماعيل إعلان استقلال مصر آنذاك.
هل ننسى خديعة ديلسبس لعرابى، عندما وعده فى عام 1882 أنه لن يسمح للجيش الإنجليزى بدخول مصر عن طريق القناة، ليفاجأ عرابى بالخيانة، ويضطر إلى مواجهة الإنجليز فى الشرقية، هذا الأمر الذى ترتب عليه الاحتلال البريطانى لمصر الذى استمر إلى عام 1954؟.
هل نسينا الحملة العثمانية من فلسطين على قناة السويس فى أثناء الحرب العالمية الأولى من أجل استرداد مصر، وفشل هذه الحملة؟ مَن منا لم يدرس فى الكتب المدرسية إلغاء مصطفى النحاس معاهدة 1936، وإعلان الكفاح المسلح ضد الوجود الإنجليزى فى منطقة القناة، وأرواح الشهداء من الطلاب والضباط الذين تطوعوا كفدائيين؟.
هل ننسى 25 يناير 1952، ووقوف رجال الشرطة المصريين فى الإسماعيلية فى وجه الدبابات البريطانية، وعشرات الشهداء من أجل تأكيد مصرية القناة؟، هذا اليوم الوطنى الذى تم تخليده عيدًا للشرطة.
مَن منا لا يشعر بالفخر حتى الآن عندما يسمع خطاب عبدالناصر وهو يُعلن فى 26 يوليو 1956 عن تأميم قناة السويس، وما ترتب على ذلك من حدوث العدوان الثلاثى على مصر وصمود بورسعيد الباسلة، وعيد النصر فى 23 ديسمبر 1956؟
هل نسينا حرب يونيو 67، ووصول القوات الإسرائيلية إلى الضفة الشرقية لقناة السويس وإغلاقها لسنوات عديدة؟
هل نتذكر يوم العبور، 6 أكتوبر 1973، وعبور الجيش المصرى للقناة وبداية عملية استعادة الأرض والعرض وعبور الأمة كلها؟
هل نتذكر إعادة افتتاح القناة فى عام 1975، واستعادة دوريها الحضارى والاقتصادى فى ربط الشرق بالغرب؟
هل نسينا كيف أدت القناة إلى حدوث أكبر مشروع عمرانى عرفته مصر بنشأة عدة مدن جديدة مثل بورسعيد وبورفؤاد والإسماعيلية وبورتوفيق؟
إنها القناة.. قصة حياة الشعب المصرى.