رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«هوامش الجبرتي»... حكايات الحب من دفتر صلاح عيسي

صلاح عيسي
صلاح عيسي

«ذاكرة الأمة التى تمشى على قدمين».. هكذا وصفوا مَن كتب عن «شخصيات لها العجب»، وصاغ بقلمه «حكايات من دفتر الوطن»، وتناسقت حروفه لتخرج رائعته «هوامش المقريزى»، قبل أن يتجلى فى «بيان مشترك ضد الزمن»، كاشفًا عن «رجال ريا وسكينة»، إنه الكاتب الراحل صلاح عيسي.

كانت حياة جبرتي صاحبة الجلالة مليئة بالعديد من قصص الصعود وحكاوي الهبوط سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي، لكن تبقي رحلته مع شريكة حياته الكاتبة الكبيرة أمينة النقاش حالة خاصة جدا.

"النقاش" رصدت كواليس الارتباط والحب مع رفيق دربها في كتابها "سلامي عليك يازمان" وذكرتها في أحد حوارتها الصحفية قائلة:

"فى بدايات عصر الرئيس السادات، ظن صلاح عيسى، وليس كل الظن إثمًا، أن القادم من حياته سيكون نعيمًا مقيمًا من رغد الحياة، وأنه سيودع شظف العيش وويلات السجون، ففى أوائل هذا العهد بدأت بشائر الرخاء تمطر سحبها، بعدما التحق بالعمل بجريدة «الجمهورية» بترشيح من زملائه، وهناك جمعني اللقاء الثانى بشريكة عمره، التى نقشت محبتها على جدران قلبه، أمينة النقاش".

تقول «أمينة» عن لقائهما: «حدث أننى ذهبت للتدريب فى مركز الأبحاث بمؤسسة دار التحرير، فعملت تحت إدارته، وكانت بيننا معرفة سابقة، فقد التقينا من قبل فى حضرة أخى الكاتب والأديب رجاء النقاش، فعندما كان رجاء يعمل رئيسًا لتحرير مجلة (الإذاعة والتليفزيون)، كان صلاح يكتب سلسلة مقالات على صفحاتها بعنوان (حكايات من مصر)، وأحيانًا ما كان يتردد على بيتنا للزيارة والحديث مع أخى، وهناك رأيته وتحدثنا، قبل أن تنقطع أخباره فيما بعد». خلال الفترة من عام ١٩٧٢ حتى ١٩٧٥، أخذ سهم الحب المنحنى التصاعدى بين «صلاح» و«أمينة»، لكن تم إلقاء القبض عليه مجددًا، وعقب خروجه من السجن عام ١٩٧٦، عادا من جديد للالتقاء، ومن ثم الارتباط فى عام ١٩٧٧، وقد لاقت فكرة الزواج منه معارضة ضارية من رجاء النقاش، رغم الصداقة التى جمعت بينهما.

تقول «أمينة»: «صممت على صلاح، ورغم أنه كان حينها مفصولًا من عمله، ومطلوبًا للسجن، وجدت فى شخصه التعويض المناسب لأبى الراحل، فقد كان نسخة ثانية منه، وإن اختلفا فى تفاصيل بسيطة». وتسجل «أمينة» شهادة صلاح عيسى على عصر «السادات»، قائلة: «البعض حاول الإيهام بوجود ثأر شخصى منه تجاه الرئيس الراحل بعدما حبسه وفصله مع عمله، لكن الثأر لم يكن شخصيًا، بل كان مع سياسات الانفتاح العشوائى التى أدت إلى إفقار طبقات الشعب، وحطمت معاقل الصناعات الوطنية مثل مجمعى الألومنيوم والأسمنت وغيرهما، بجانب مقاطعة العرب، والسماح بالهجوم الدائم والمتكرر على عبدالناصر».

لم يختلف الوضع كثيرًا خلال حقبة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فكانت العلاقة بين «صلاح» والسلطة أشبه بالمد والجزر، بمعنى أنه لم تكن هناك مودة أبدية ولا عداوة مستمرة. لذا كانت المصلحة العامة هى ما يحكم اختياراته وقراراته، وكانت علاقته بكل الأنظمة مبنية على الحياد فى التعامل، فلم يضبط يومًا منقلبًا على أفكاره، لكنه كان يدعم تغيير الطريقة للوصول إلى الهدف، باعتبار أن الزمن يتغير ولا بد من مواكبته ومجاراة تغييراته.