رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«القهوة والسيجار»... ميراث هيكل من تركة برنس الصحافة

هيكل
هيكل

الكاتب الصحفى أنور عبداللطيف من الأشخاص الذين منحتهم الأقدار فرصة عمره بالاقتراب من «ساحر الكلمة المكتوبة» خلال سنواته الأخيرة، عاش معه قدرًا كبيرًا من الأحداث، وخرج معبأ بالعديد من الذكريات، ما دفعه لنسج كتابه «هيكل.. الوصايا الأخيرة»، الذى قدم من خلاله رؤية ذاتية تكشف عن وجه «الأستاذ» الآخر على الصعيدين الإنسانى والمهنى.

وفي أحد فصول الكتاب كشف "عبداللطيف" بعضا من حكايات الأستاذ قائلا:

أحب الأستاذ هيكل الصحفى الكبير محمد التابعى مثلما لم يحب أحدًا آخر فى بلاط صاحبة الجلالة، وارتباطه بشرب «القهوة والسيجار» نبع من رغبته فى تقليد «برنس الصحافة»، الذى ظل حتى آخر لحظات حياته يعترف بفضله عليه. فى حالة مصطفى أمين كان الوضع مختلفًا بعض الشىء، فالطرفان كان يمثل كل منهما أحد أجنحة الدولة المصرية، وعندما يحدث صراع ما بين تلك الأجنحة فمن المؤكد أن طرفًا سينخفض وآخر يرتفع، وشاء القدر أن يكون «مصطفى» ضحية لهذا الصراع المعقد.

وبالرغم من ذلك الخلاف الضروس بين الطرفين، لم يخفِ «هيكل» أبدًا احترامه للتوأم «أمين». فدائمًا ما كان يقول بأنهما منحاه من الأدوار ما جعله مميزًا عن بقية أقرانه من الصحفيين خلال فترة عمله معهما، فقد أتاحا أمامه فرصة السفر إلى أماكن النزاعات فى العالم، ودعماه فى رئاسة تحرير مجلة «آخر ساعة»، لكنه كان حاسمًا فى قوله بأن أدوار الصحافة شىء، والموقف السياسى المتعلق بالأمن القومى شىء آخر، والدليل على ذلك خلافه مع الرئيس السادات.

فى كتاب «خريف الغضب» فتح «هيكل» نيران مدفعيته صوب «السادات»، وكشف عن كم كبير وغير معلوم من الأسرار، لكنه أكد أن هدفه لم يكن الانتقاص من قيمة الرئيس الراحل، قدر إيمانه بحق الناس فى المعرفة. فالشخصية العامة لا يجوز لها أن تفرض سياجًا حول حياتها.

لكنه بشكل عام، وبالرغم من اختلافه معه فى بعض القضايا، اعتبر أن ما يحسب لـ«السادات» أكثر بكثير مما يؤخذ عليه، ووصف طريقة اغتياله بأنها تمثل اعتداء على كرامة الدولة.

خلال فترة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، لم يكن الوفاق بينهما دائمًا. فـ«الأستاذ» كان يتمنى أن يصدق «مبارك» فيما قال حين وصف نفسه فى بدايات عهده بأنه «ليس عبدالناصر ولن يكون السادات»، مؤكدًا أنه سيكون هناك تداول سلمى للسلطة وستفتح نوافذ الديمقراطية، لكنه انقلب على كل ما قال وأخلف فيما وعد به.

لذلك عندما قال «هيكل» إن «السلطة شاخت فى مقاعدها»، كانت محاولة لإيقاظ ذلك النظام من غفوته، لكنه صم أذنيه. وقد دفع «الأستاذ» ثمنًا غاليًا لتلك الكلمات، فمنعوه من الظهور على الفضائيات، وفتشوا مكتبته فى «برقاش» أكثر من مرة أثناء غيابه وسفره للخارج.