رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نتنياهو بالإكراه!


للمرة الرابعة، خلال سنتين، توجه الإسرائيليون، صباح أمس الثلاثاء، إلى صناديق الانتخابات لاختيار ممثليهم فى البرلمان (الكنيست)، سواء من الكتل الداعمة لرئيس الوزراء الحالى، بنيامين نتنياهو، أو من تلك التى تحاول الإطاحة به ومنعه من تشكيل الحكومة، للمرة السادسة أو الخامسة على التوالى!.

استطلاعات الرأى تقول إن غالبية الإسرائيليين يريدون التخلص من حكم نتنياهو. ولأنهم يعرفون أن ذلك سيكون صعبًا، أو شبه مستحيل، توقعوا استمرار أزمة الحكم، والذهاب إلى انتخابات خامسة نهاية الصيف، مع استمرار نتنياهو رئيسًا للحكومة الانتقالية لستة شهور أخرى. بينما يقول رئيس الوزراء الإسرائيلى المزمن إنه واثق فى انتصاره هذه المرة، ويؤكد أن هناك أعضاء فى الكنيست من القوائم المنافسة وعدوه بالانتقال إليه بعد فوزهم فى الانتخابات!.

الكنيست المنحل عمل لمدة ٩ أشهر و٦ أيام فقط، لا غير، فى ظل حكومة، ترأسها زعيم «الليكود» بنيامين نتنياهو، وصار فيها أبرز منافسيه بينى جانتس، رئيس تحالف «كاحول لافان»، وزيرًا للجيش، ورئيس الوزراء البديل، إذ كان الاتفاق، الذى تم توقيعه بين الجانبين، ينص على أن يحل الأخير محل نتنياهو بعد ١٨ شهرًا. غير أن نتنياهو تمكن من إفشال الائتلاف، وبات متوقعًا أن يعتزل جانتس العمل السياسى، وأن ينهار تحالفه، بعد نجاح نتنياهو فى تفكيكه، كما نجح، طوال الـ١٢ سنة الماضية، التى قضاها فى الحكم، فى إفشال غالبية معارضيه وحلفائه، أو الإطاحة بهم!.

ما يؤكد ذلك، هو أن ذلك التحالف، الذى كان منافسًا قويًا لـ«الليكود»، قد لا يحصل على ٥ مقاعد، بحسب استطلاعات الرأى، بعد أن كان يمثله ٣٣ نائبًا، ثم صاروا ١٤ فقط، بعد انفصال حزب «هناك مستقبل»، برئاسة يائير لابيد، وحزب «تيلم»، برئاسة موشيه يعلون. وفى كل الأحوال، هناك توقعات بأن يكون الكنيست القادم هو الأكثر تطرفًا فى تاريخ ذلك الكيان، حيث سيشغل اليمين واليمين المتطرف ٨٠ مقعدًا، ٣٠ أو ٣٢ منها لحزب الليكود، نزولًا من ٣٦ مقعدًا حصل عليها فى الانتخابات السابقة. وغالبًا، سيواجه، مجددًا، صعوبات فى عقد تحالفات تتيح له الحصول على الـ٦١ مقعدًا، أو نصف عدد المقاعد زائد واحد، اللازمة لتشكيل الحكومة الجديدة. إذ تشير نتائج استطلاعات الرأى إلى أن كتلة مؤيدى نتنياهو ستحصل على ٥٦ مقعدًا، مقابل ٥١ للكتلة المعارضة له، ما يعنى عدم تمكن الكتلتين من تشكيل الحكومة.

استباقًا لتكرار هذا السيناريو، أكد الرئيس الإسرائيلى رؤوفين ريفلين، أمس الأول الإثنين، أنه لن يسعى إلى تشكيل حكومة وحدة، ولن يدعو الأحزاب إلى ذلك، أثناء مشاوراته معها، مشددًا على أن تلك المشاورات لن تبدأ إلا بعد الإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات، فى ٣١ مارس الجارى، وليس كما حدث فى الانتخابات السابقة.

بعد ثلاث انتخابات، جرت فى ٢٠١٩ و٢٠٢٠، يحاول نتنياهو اجتذاب أصوات الناخبين الفلسطينيين (عرب ٤٨)، بزعمه أن «قانون القومية اليهودية»، الذى أقرته حكومته ليس موجهًا ضدهم، بل ضد المتسللين الأجانب من إفريقيا وأوروبا الشرقية. وفى المقابل، قال أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة للأحزاب العربية»، إنه واثق من أن الناخب العربى لن يصدّق أكاذيب نتنياهو، متوقعًا أن يدرك «أخوتنا فى الحركة الإسلامية» أنهم أخطأوا عندما وثقوا فى وعوده. فى حين برر منصور عباس، رئيس «قائمة الحركة الإسلامية»، تحالفه مع نتنياهو بأن حركته «تحاول سلوك طريق جديد لخدمة الناخب العربى وطموحاته فى السلام والمساواة»!.

لا تشغل بالك، بأى معادلات حسابية، بسيطة أو معقدة، ولا تلتفت إلى واقعية النتائج أو عدمها، فما يقوله الواقع هو أن عشرات الآلاف واصلوا تظاهرهم، للأسبوع التاسع والثلاثين على التوالى، ضد الفساد. والسبت الماضى، احتشدوا أمام مقر نتنياهو فى القدس الغربية، رافعين شعار «ارحل». وأكد قادتهم أنهم سيواصلون التظاهر لو استمر فى الحكم. فى حين نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مقربين من نتنياهو أنه سيشكك فى نزاهة الانتخابات، حال فشله فى تشكيل الحكومة. وطبقًا لما ذكرته هيئة البث الإسرائيلية العامة الناطقة بالعربية، فإن مقربين من نتنياهو ينشطون على شبكات التواصل الاجتماعى ويطعنون فى نزاهة عوزى فوجلمان، رئيس لجنة الانتخابات المركزية، وأورلى عداس، مدير عام اللجنة!.

انتهت الانتخابات، مساء أمس الثلاثاء، والنتائج غير الرسمية، قد تظهر مساء غدٍ الخميس، وحال فوز نتنياهو، ٧١ سنة، بولاية سادسة، سيكون هو رئيس الوزراء الإسرائيلى الذى حكم لأطول فترة، منذ تأسيس ذلك الكيان، إذ ترأس الحكومة منذ سنة ١٩٩٦ إلى سنة ١٩٩٩، ثم منذ سنة ٢٠٠٩ إلى الآن. والطريف أنه سيكون مشغولًا بمداولات تشكيل الحكومة الجديدة، فى ٥ أبريل القادم، موعد تقديم أدلة اتهامه فى ثلاث قضايا فساد.