رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

د. عبدالراضى رضوان يكتب: أزمة الخطاب الديني.. من التنفير إلى التفجير

عبد الراضى رضوان
عبد الراضى رضوان

إذا كان الخطاب الديني هو المعنى المتأصل في نفس المتلقي الواعي من خلال بنية من التشكُلات اللفظية والدلالية والإيحائية والإشارية تعبيرًا عن نسق معرفي وفكري ووجداني يستهدف الطرفُ المؤسِّس للخطاب نقله إلى المتلقي للتأثير فيه، من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف المخصوصة. فإن الخطاب الديني يصبح واحدًا من أمضى الأسلحة وأخطرها وأشدَّها فتكًا؛ نظرًا للطبيعة التسلطية التي يُخولها لمؤسسه؛ تمكينًا له من تسخير الطاقات، والجماعات المُؤَدْلَجة المُسْتَقطبة كليًا لمفردات الخطاب، والمُؤَهَّلة بالتبعية والانقياد لتنفيذ المخططات الاستراتيجية والأهداف النوعية والغايات الكلية المرصودة من جانب مُنْشئ الخطاب وفق رؤاه وتصوراته ومنطلقاته وأغراضه.

لذلك جاءت تطبيقات الخطاب الديني المُؤَدْلَج كارثية اعتقاديًا واجتماعيًا وسيكولوجيًا وسياسيًا على جمهور المعتنقين والمتدينين ، لما ترتب عليها من مُخْرجات، وممارسات، وفعاليات جسام ليس أقلها شأنًا ارتداء مسوح الربانية والتشريع بتنحية شرائع التيسير والتخيير التي تفضَّل بها الله رحمةً منه ومنَّة، والإلزام بشرائع التشدد والتنطع تنفيرًا من دين الله ووسطيته سواء صرفًا عن سننه وعباداته أم تشكيكًا في أصوله وأخلاقياته وتفريغًا لمضمونه.

وليس أعظمها خطرًا تشظية المجتمع الإيماني الواحد بتشتيت الأفكار، وتغييب عوامل بناء الحضارات، والفرز الطائفي لجماعة إيمانية تملك إطلاقية الحقيقة والصواب المعرفي، وتعيين الناجين من النار في مقابل أهل الضلال من كفار الملة مستحقي العذاب الدنيوي والأخروي جزاء مخالفتهم جماعة النور جماعة أهل الحقيقة المطلقة.

مما يلزم عن تلك التشظية الإيمانية قَطْعٌ لسبيل التسامح أو التواصل، وإحلال لشريعة غاب لا يعلو فيها صوت على صوت آلة قتل عمياء تغتال الأرواح والوجدان قبل الحواس والأبدان، وتحرق الكرامات قبل الممتلكات، وتسفك آمال البناء قبل المَصُون من الدماء.

- عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة