رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قضية حقوق الإنسان


لا توجد نظريات سياسية جاهزة التصنيع أثبتت وجودها وحصلت على علامة الجدوى وتم تطبيقها فى دولة ما، وفى ظل نظام سياسى بذاته، ويمكن تصديرها إلى دولة أخرى ونظام سياسى مغاير، ويتم تطبيق هذه النظرية وبنفس المواصفات حتى نحقق نفس النتائج.
فمن المعروف وطوال التاريخ أن لكل منطقة جغرافية طبيعتها المناخية التى تشكل الشخصية المرتبطة بهذه الجغرافيا.. فمن المعطيات والواقع الجغرافى يتشكل التاريخ وتظهر العادات والتقاليد الخاصة، ومن ثم الثقافة الخاصة بتلك المنطقة وبهذه الشخصية.
هنا يكون الاختلاف بين جغرافيا وأخرى، وبالتالى بين الشخصية المرتبطة بهذه الجغرافيا والشخصية التى نشأت فى منطقة وظروف جغرافية مختلفة.
هنا يصبح لكل واقع ولكل شخصية ونظام ظروفه الموضوعية الخاصة التى تميزه عن الآخر.. ولا يمنع ذلك من وجود مشترك إنسانى وحضارى يتفاعل ويتواصل ويتحاور ويتكامل لصالح الإنسان والإنسانية مع الاحتفاظ بالخصوصية الحضارية والثقافية التى تتواءم وتتوافق مع الشخصية الوطنية تاريخًا وهوية.
وبالطبع ما يسمى بـ«حقوق الإنسان» لا شك أنها تسمية جاءت مستمدة من تاريخ البشرية ومن المقاصد العليا للأديان، وإن كانت قد صيغت فى إطارها العام على الأرضية العالمية. هنا أصبحت قضية حقوق الإنسان بالمجمل قضية ذات اهتمام عالمى بعد توقيع الدول على مواثيق حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة، أى أصبحت هذه الوثيقة ملزمة لمن وقّع عليها.
وهذا يعنى أن القضايا والحقوق المرتبطة بهذه الوثيقة لا بد أن يتم التعامل معها حتى تتحقق مقاصدها لصالح الإنسان دون استثناء أو تفرقة على أى أساس دينى أو عرقى أو جنسى أو نوعى.. إلخ، فلا فرق بين إنسان وإنسان، وبين دولة ودولة، فالجميع يجب أن يتساوى فى إطار الالتزام بهذه الوثائق.. فهل القضية على أرض الواقع تؤكد ذلك أم ماذا؟
الجميع يعلم ويشاهد تعامل الدول القوية والمستبدة لحقوق الإنسان على أرضية سياسية لا يعنيها الحقوق ولا الإنسان بقدر ما يعنيها توظيف هذه الحقوق لصالح مصالحها الخاصة والذاتية تحت ادعاء الدفاع عن حقوق هذا الإنسان.. هنا نجد هذه الدول تختصر حقوق الإنسان فى الجانب السياسى وفقط «بالرغم من أهميته» متجاهلة باقى حقوق الإنسان فى المجال الاقتصادى والاجتماعى والخدمى.
ناهيك عن أن الاتفاق والتوافق على هذه الحقوق يعنى الالتزام بها فى إطارها العام، حيث إن الإطار التفصيلى يختلف من دولة إلى دولة أخرى حسب المعتقد الدينى والتراث الاجتماعى والثقافى الموروث.
فهل حقوق المثليين وما يماثلها تتوافق مع كل الدول وكل الشعوب؟ وهل وضعت هذه الوثيقة لكى تستغل من جانب دول لصالحها أو لصالح دول أخرى؟ وهل هذه الدول التى تتشدق بهذه الحقوق وتتدخل فى شئون غيرها من الدول تلتزم بهذه الحقوق لديها كما تدعى على غيرها بعدم الالتزام؟
هنا وجدنا ٣١ دولة تطالب لجنة حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة بمحاسبة مصر على تجاوزات لديها فى هذه الحقوق.. هنا لا نريد المقارنات ولا تبيان تعدد المكاييل التى تطالب بها هذه الحقوق، ولكن نقول إن لكل بلد ظروفه وواقعه فى الوقت الذى نطالب فيه بمزيد من تفعيل حقوق الإنسان المصرى ولصالح هذا الإنسان ولصالح الوطن، حيث إن الإنسان المصرى هو سياج الأمن وصانع الاستقرار وحائط الصد لكل التحديات التى تواجه الوطن.
وإذا كانت ظروف ما بعد ٣٠ يونيو وما أحاط بالوطن من مخططات إرهابية وتحديات خارجية وداخلية كانت قد ركزت الاهتمام على إعادة الأمن والأمان والاستقرار، نقول الآن إن الوطن فى احتياج للاهتمام بالإنسان وبناء الشخصية الوطنية التى تعبّر عن نفسها بكل حرية، سواء كان هذا فى إطار التأييد أو المعارضة، فالجميع يبتغون صالح الوطن الذى هو صالح الجماهير.. وهو ما تعمل عليه الدولة المصرية تنفيذًا لتوجيهات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى..
حمى الله مصر وشعبها العظيم.