رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البابا فرنسيس ورسالة المصالحة




على الرغم من شيخوخة جسده «٨٤ عامًا» وانتشار جائحة «كورونا»، وعلى الرغم من دوىّ المدافع وانفجار القنابل، أصر البابا فرنسيس على زيارة العراق وحمل رسالة الحب والسلام والمصالحة.
وأطلق البابا فرنسيس نداءً ملحًا بعد وقت قصير من وصوله إلى العراق فى زيارة تاريخية غير مسبوقة إلى بلد دمرته الحروب والنزاعات، قائلًا: «لتصمت الأسلحة»، ودعا إلى الاستماع إلى «مَنْ يصنع السلام» وإلى قيام الدولة العادلة عبر تقوية مؤسساتها ومحاربة المصالح الخاصة والخارجية.
فى حفل الاستقبال قال رأس الكنيسة الكاثوليكية إنه شعر بأن من واجبه القيام بتلك الزيارة «الرمزية»، لأن العراق عانى كثيرًا ولفترة طويلة.
وحمل البابا خلال زيارته رسالة تضامن إلى إحدى أكثر المجموعات المسيحية تجذرًا فى التاريخ وفى المنطقة، ويسعى إلى تعزيز تواصله مع المسلمين.
وفور وصوله، تطرق إلى كل المواضيع الحساسة والقضايا التى يعانى منها العراق خلال لقائه الرئيس العراقى برهم صالح. وقال: «لتصمت الأسلحة، ولنضع حدًا لانتشارها هنا وفى كل مكان، ولتتوقف المصالح الخاصة، المصالح الخارجية التى لا تهتم بالسكان المحليين.. ولنستمع لمَنْ يبنى ويصنع السلام».
وأضاف: «كفى عنفًا وتطرفًا وتحزبات وعدم تسامح! ليُعطَ المجال لكل المواطنين الذين يريدون أن يبنوا معًا هذا البلد فى الجوار وفى مواجهة صريحة وصادقة وبناءة».
ودعا البابا إلى «التصدى لآفة الفساد وسوء استعمال السلطة، وكل ما هو غير شرعى» بعد أكثر من سنة على خروج العراقيين بعشرات الآلاف إلى الشارع محتجين على الطبقة السياسية الفاسدة فى نهاية ٢٠١٩.
وقال: «ينبغى فى الوقت نفسه تحقيق العدالة، وتنمية النزاهة والشفافية وتقوية المؤسسات المسئولة عن ذلك» من أجل تحقيق الأمن والاستقرار.
وفى إشارة إلى المسيحيين الذين يشكلون واحدًا فى المائة من السكان، شدد على ضرورة «ضمان مشاركة جميع الفئات السياسية والاجتماعية والدينية، وأن نؤمّن الحقوق الأساسية لجميع المواطنين»، قائلًا: «يجب ألا يعتبر أحد مواطنًا من الدرجة الثانية».
وسمى الإيزيديين «الضحايا الأبرياء للهمجية المتهورة وعديمة الإنسانية، فقد تعرضوا للاضطهاد والقتل بسبب انتمائهم الدينى وتعرضت هويتهم وبقاؤهم نفسه للخطر».
وتعرض الإيزيديون للقتل والخطف والسبى والعبودية والاضطهاد خلال سيطرة تنظيم داعش الإرهابى على أجزاء واسعة من العراق بين ٢٠١٤ و٢٠١٧.
ومن أبرز المحطات النجف الأشرف، حيث التقى البابا المرجع الشيعى الكبير على السيستانى «٩٠ عامًا»، الذى لم يظهر علنًا بتاتًا.
وقام البابا فرنسيس بزيارة مدينة «أور» الأثرية، فى اليوم الثانى من زيارته التاريخية إلى العراق.
وأقام صلاة الأديان «من أجل أبناء وبنات إبراهيم»، وبمشاركة أتباع مختلف الديانات والطوائف العراقية، تأكيدًا على قيم السلام والتعايش والتسامح والأخوة الإنسانية، لا سيما أن تلك الصلاة، وما تحمله من معانٍ ورسالات، لأبناء إبراهيم.
وتعد «أور»، حسب مختلف الديانات الإبراهيمية، مسقط رأس النبى إبراهيم، وهو بمثابة الأب الروحى لتلك الديانات التوحيدية.
زيارة البابا للعراق ولقاؤه مختلف القادة الدينيين بالعراق تعزيز عملى لوثيقة الأخوة الإنسانية التى وقّعها مع فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر.. وهذه الزيارة هى دعوة للشرق لأن تتم المصالحة بين أبنائه رغم تنوعهم الدينى والعقائدى والمذهبى.
فماذا عسانا فاعلون؟!