رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ليل القاهرة».. كيف هيمنت النساء على صناعة الترفيه في مصر خلال العشرينات؟

كوفر الكتاب
كوفر الكتاب

نظم برنامج مصر التابع لمعهد الشرق الأوسط (MEI) صباح اليوم الإثنين، ندوة عبر تطبيق زووم مع الكاتب البريطاني رافائيل كورماك للحديث عن كتابه الجديد الذي يعكس قصص النساء المصريات اللاتي حددن الثقافة الموسيقية والمسرحية والسينمائية في مصر في عشرينيات القرن الماضي.

ويكشف الكاتب البريطاني رافائيل كورماك في كتابه "Midnight in Cairo: The Divas of Egypt's Roaring '20s" "منتصف الليل في القاهرة: نجمات مصر يشعلن العشرينيات من القرن الماضي"، الذي صدر مارس الجاري لدار النشر "دبليو دبليو نورتون" في أكثر من 350 صفحة، عن ملامح المرحلة التي عاشتها القاهرة بين العشرينات والثلاثينات حيث كانت تعد المكان الأكثر جذبا لكل الثقافات والأديان.

فقد عاش في القاهرة وقتها المصريون والسوريون والسودانيون والأمريكيون والأفارقة والأرمن والروس والبريطانيون وهو الأمر الذي انبهر به الكاتب، وخاصة التنوع الذي شهدته مصر على مدار قرون مضت، ويعتبِر كورماك أن القاهرة عاشت في تلك الفترة "عصر الترفيه الاجتماعي وأكثر لحظاتها انفتاحا، حيث اكتظت بالمسارح والمقاهي والحانات والنوادي الليلية، وزارها العديد من الممثلين والمغنيين والراقصات من جميع أنحاء العالم.

الكتاب يسلط الضوء على ملامح تلك الفترة، خاصة فيما يتعلق بحضور المرأة في الفن والثقافة والمجتمع، حيث يستعيد قصص نساء من الريف المصري برزن في عالم المسرح والغناء، كما يعود إلى أرشيف الصحافة والدراسات التي تحدثت عن فنانين أمريكيين أقاموا في القاهرة، وفرق أوروبية نشطت فيها بي الحربين العالميتين.

ويرى كورماك فيه أن القاهرة تعد واحدة من أكثر مدن العالم تعددًا للثقافات، حيث كانت القاهرة في القرن العشرين نقطة جذب للطموحين والموهوبين، خلال عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، وازدهرت الموسيقى والمسرح والأفلام ومشاهد الكباريه النابضة بالحياة.

ولكن أبرز ملمح أثار دهشة الكاتب وهو الذي وصفه بأنه حدد معنى أن المصري الحديث هو هيمنة النساء على صناعة الترفيه المصرية كنجوم المسرح والشاشة وأيضًا كمصممات ورائدات أعمال ومالكات ومروجات لصناعة ترفيه جديدة وحديثة بشكل لافت للنظر.

ويكشف رفائيل كورماك النقاب عن التاريخ الغني للمرأة المستقلة والمغامرة مثل فاطمة اليوسف مؤسسة مجلة روز اليوسف، التي أطلقت واحدة من أهم المؤسسات الصحفية في القاهرة على حد قوله، حيث كانت ممثلة كوميدية ولكنها اتجهت للصحافة.

ولفت كورماك أيضا النظر إلى مطربة الملاهى الليلية منيرة المهدية والتي تعد أول امرأة تقود فرقة مسرحية مصرية، ومنافستها الكبيرة أم كلثوم والذي وصفها بأنها الرمز الأكثر شهرة في تاريخ الموسيقى والغناء العربي، وغيرهما من النجمات الرائعات في فترة ما بين الحربين العالميتين، وهي فترة اتسمت بحرية التعبير المفرطة.

وتحدث كورماك أيضا في كتابه عن الممثلة فاطمة رشدي التي تعد من رائدات السينما المصرية، وعزيزة أميرة والتي يرى كورماك أنها المؤسس الحقيقي للسينما المصرية قبل تأسيس استوديو مصر على يد طلعت حرب في عام 1937.

وقدم كورماك أيضا خلال الكتاب سردًا لتسلسل صعود وهبوط حي الأزبكية للحياة الليلية من أواخر القرن التاسع عشر وحتى "العصر الذهبي" في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، ويقدم كورماك لمحة عن نساء الفن والصحافة اللواتي طالبن بحقوقهن وإفساح المجال لأنفسهن، ويصور كورماك الحياة الصاخبة لهؤلاء النساء في سياق الاضطرابات السياسية والثقافية في تلك الحقبة، بما في ذلك القومية العربية وظهور حركة نسوية مصرية.

وأشاد كورماك في كتابه بتقديم هذا الجيل من المشاهير -بعد تعرضه لرياح الاستعمار والقومية، والمحافظة والليبرالية، والقيم الدينية والعلمانية، والنظام الأبوي والنسوي- رؤية جديدة للمرأة في مصر وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط

كورماك قضى ثلاث أو أربع سنوات في دراسة تلك الحقبة والنساء المصريات اللواتي زلزن العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، وهو مؤلف بريطاني معروف بشغفه بالشرق الأةسط، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في المسرح المصري من جامعة إدنبرة ويعمل حاليًا باحثًا زائرًا في جامعة كولومبيا، وهو محرر ومترجم حائز على جوائز عالمية، ويكتب عن الثقافة العربية لمجلة لندن ريفيو أوف بوكس وغيرها.