رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«حسنين ومحمدين»... قصة لحن «التعارف» بين الوسيمي وموسيقار الأجيال

الموسيقار منير الوسيمي
الموسيقار منير الوسيمي

ينتمي الموسيقار منير الوسيمي فنيًا إلى ما يعرف بـ«جيل المنتصف»، الذى حضر زمن الرواد أمثال الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، وعاصر جيل الكبار أمثال محمد القصبجى وكمال الطويل، وبالتالي تقول تجربته الفنية إنه شاهد على العصر.. فماذا تحمل دفاتر ذكرياته مع الكبار؟

يكشف في أحد حوارته الصحفية قائلًا: «منذ طلتى الفنية الأولى وأنا على علاقة قوية بكل عمالقة وعباقرة الطرب والتلحين، الذين أمطروا سماء الفن المصرى والعربى بروائعهم البديعة الخالدة، ويتصدرهم بالطبع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، الذى تسبب لحن أغنية (حسنين ومحمدين) في معرفتي به».

وأوضح: «عندما قدمت هذا اللحن بصوت فاطمة عيد، دوى صيته فى كل أرجاء المحروسة، بدءًا من الأرياف والقرى النائية، وصولًا للجامعات والأحياء الراقية، ودفع انتشاره غير الطبيعى هذا محمد عبدالوهاب للسؤال عن الشخص الذى قدم هذا اللحن، فسأل كمال الطويل، فأجابه: (تلاقيه مدرس مزيكا فى الأرياف.. وضربت معاه وخلاص)».

لكن محمد عبدالوهاب لم يقتنع بكلام «الطويل»، واستعان بالصحفى حلمي سالم، و«طلب منه أن يأتيه بقصتي، فبدأ البحث عني، وللصدفة كنا جيرانًا نسكن حى الهرم، فأتى وجلس معي، ليكتشف أنه وقع في حضرة ملحن يملك عقلية موسيقية ضخمة».

وأضاف: «بعدها بفترة كنت فى حضرة المؤلف الكبير محمد حمزة، فى سهرة عائلية بصحبة زوجتى، وحال انصرافى من عنده بعد انتهاء جلستنا، ركب معى سيارتى وطلب منى توصيله لمبنى التليفزيون، وحين وصلنا تركنى قليلًا قبل أن يعود إلىّ ويطلب منّى النزول قائلًا: (انزل بسرعة.. رد على التليفون)».

وبالفعل نزل «الوسيمى» ليجد مجدى العمروسى على الهاتف يحدثه قائلًا: «يا منير.. اطلع الأستاذ عايزك»، فسأله: «الأستاذ مين؟»، فأجاب «العمروسى»: «الأستاذ عبدالوهاب طبعًا»، والذى كان يسجل إحدى الأغانى للمطربة وردة.

بعد سجال وافق «الوسيمى» على الصعود إلى حيث يوجد «عبدالوهاب»، فى «استديو ٤٥» بالطابق السابع، وبمجرد أن دخل جلس فى حضرة مجدى العمروسى، وعندما بدأت وردة فى الغناء صمتت الأصوات فلا تسمع إلا همسًا.

بعد أن انتهى «عبدالوهاب» من التسجيل، دخل على «الوسيمى» و«العمروسى»، وسأل الأخير: «مين ده يا مجدى؟»، فأجابه: «منير الوسيمى يا فندم.. واحد من رجالتنا»، فرد قائلًا: «آه.. إنت بتاع عوضين ومحمدين؟!!».. وكان قاصدًا أن ينطقها بالاسم الخاطئ هكذا.

ثم بعدها فاتحنى «العمروسى» فى أمر العمل معهم، ومنحنى ميعادًا للقاء فى نادى الجزيرة، تمهيدًا لمقابلة الأستاذ «عبدالوهاب» فى بيته بحى الزمالك، لكن لظروف حدوث حالة وفاة مفاجئة، لم يذهب «الوسيمى» للقاء، ثم لاحقًا اصطحبه عبدالرحمن الأبنودى ومعه المسئول عن شركة «صوت الفن»، إلى مقرها فى منطقة وسط القاهرة.

هناك وجد الموسيقار «العمروسى» فى انتظاره، وبمجرد أن رآه أثنى على أعماله، ووجده يقدم له «شيكًا» بمبلغ ٢٠٠٠ جنيه، قائلًا له: «عايزين نحتكر جهودكم»، لكن «الوسيمى» قال: «أرفض فكرة الاحتكار»، فأخرج لى «شيكًا» آخر على بياض وطلب منّى أن يكتب فيه الرقم الذى يريده، نظير عمله مستشارًا للشركة بدلًا من بليغ حمدى، وأمام إصرار «الوسيمى» قال «العمروسى»: «اشتغل معانا من غير احتكار».

وأضاف «الوسيمى» عن ذلك: «كنت أخشى أن يكون هدفهم من احتكارى هو تحجيمى من الانتشار فنيًا، خاصة أن ألحانى كانت تحقق نجاحات قوية تقلص مبيعاتهم، بالإضافة إلى أن وراثة عرش بليغ نقطة صعبة، فهو بالفعل الموسيقار الأهم فى النصف الثانى من القرن العشرين، وعندما ظهرت أنا وأبناء جيلى اعتبرنى تحديدًا نجم الجيل، وذكرها فى أكثر من مناسبة، ولم يكن هو وحده من أقر بتلك النقطة، لكن محمد الموجى أكدها هو الآخر، فى تليفزيون دبى».

شهادة «الوسيمى» على العصر لا تكتمل دون أن يذكر صداقته وعمله مع الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى، الذى قال عنه: «كنت أنا الوحيد القادر على أن يقول له على بعض الأغانى التى يكتبها: (الأغنية دى وحشة)، فيرد: (عيبك إنك مثقف أوى)».

واختتم: «ذكرياتى مع الكبار كثيرة جدًا وتحتاج حديثًا منفصلًا لسردها، لكن ما أود أن أقوله فى نهاية الحوار هو أننى سعيد بمسيرتى وبالتكريم الشعبى الذى ألقاه، والذى يغنينى عن عدم ترشيحى، ولو مرة، لجائزة الدولة التقديرية، رغم أننى نجحت مؤخرًا فى تقديم أول أوبرا مصرية، وهو حدث فى تاريخ الفن المصرى لو تعلمون عظيم».