رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«فين برنارد شو يا عم حمدي؟».. أسباب غضب يوسف إدريس من الكنيسي

يوسف إدريس
يوسف إدريس

لا تخلو أحاديث الإذاعى القدير حمدي الكنيسي، المكتوبة والمسموعة والمرئية من متلازمتين يكررهما فخرًا وفرحًا الأولى نبوغه الأدبي المبكر الذى كان سببًا فى تميزه خلال عمله الإعلامي، والثانية تفوقه الرياضى الذى قاده لاحقًا لعضوية مجلس إدارة نادي الأهلي، فى تجربة يصفها بأنها واحدة من أخصب فتراب حياته.. فماذا عن هذا الوجه الرياضى الآخر؟

يتذكر تلك الأيام في أحد حوارته الصحفية قائلًا: «بعد عودتى من تغطية حرب أكتوبر صعدت إلى القمة وصرت كما النجوم فى السماء، حيث كرّمنى الرئيس السادات وأثنى على مجهودى، وطلب ترقيتى، لكنى رفضت تلك الترقية بسبب رغبتى فى تأسيس نقابة للإعلاميين، وأذكر أننى عرضت عليه الفكرة فوافق وأعطى أوامره، لكن تاهت الأمور وسط زحمة الأوراق لاحقًا».

خلال تلك الفترة اخترقت بثقافتى جدران نادى الأهلى، فبدأت فى إقامة ندوات ثقافية وفكرية أحدثت صدى وبريقًا دفع الأعضاء لمطالبتى بالترشح فى الانتخابات، وبالفعل خضت هذا المعترك ونجحت حاصدًا أعلى الأصوات، وبقيت عضوًا فى المجلس لعدة دورات متعاقبة.

خلال دورتى الأولى بالمجلس، دخلت فى صدام مبكر مع المايسترو صالح سليم بفعل بعض القرارات، فهو كان صاحب فلسفة خاصة فى الإدارة لم تتوافق فى أحيان كثيرة مع آرائى.

أذكر أن الصدام الأول بدأ حين أرسلت له جريدة «الجمهورية» دعوة لحضور حفل تكريم «أفضل لاعب»، وكان الاختيار حينها من نصيب الكابتن محمود الخطيب، لكنه رفض الحضور، فناقشته طالبًا منه الحضور، خاصة أن اللاعب المكرم ابن من أبناء النادى، لكنه لم يُلقِ بالًا لطلبى.

وهكذا كانت العلاقة بينى وبينه شدًا وجذبًا، لكنها مغلّفة باحترام كبير، حرصًا على مصلحة الكيان، وقد ظل هذا قائمًا حتى الدورة التى غادرت فيها المجلس حين تم إسقاطى.

وحدث أنه فى يوم انعقاد الجمعية العمومية الخاصة بالانتخابات كانت كل المؤشرات تُبشر بنجاح ساحق لى، لكنى فوجئت وقت إعلان النتيجة بسقوطى، وحينها احتددت بقوة على القاضى المشرف على الفرز، وبعد سجال وجدال متبادل، طالبنى بعض الأعضاء بالتوجه إلى قسم قصر النيل لتحرير محضر إثبات حالة، فرفضت الاستجابة لمطلبهم لأننا تعودنا فى الأهلى على قاعدة أرسيناها، وهى عدم «نشر غسيلنا» على الملأ.

وللعلم، بعدها بسنوات تعرضت لموقف مشابه، حين أبعدنى «الحزب الوطنى» عن ملعب السياسة فى عام ٢٠٠٥، وتعمد إسقاطى فى الانتخابات نتيجة معارضتى الكثير من القرارات التى كان يتم اتخاذها وتمريرها.

لكن بشكل عام أشعر بأننى فى النهاية دائمًا ما أخرج فائزًا، فإلى الآن ما زالت سيرتى الطيبة تجدد من نفسها ولا أجد فى مسيرتى شائبة تعكر صفو تلك الرحلة الطويلة والثرية، وسعيد دائمًا بأن اختياراتى المهنية كانت انحيازًا وانتصارًا لمبادئ تربيت عليها، ويكفى أننى رفضت منصب وزير الإعلام فى عهد «الإخوان» لاختلافى التام معهم، وللعلم فقد ترشحت لهذا المنصب إبان فترة حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك.

وأخيرًا، أنا لم أسعَ طيلة حياتى لمنصب، دائمًا كنت شغوفًا بالفكر والثقافة، وتكفينى محاوراتى مع عظماء عصرى ونوابغ القرن العشرين، فما زلت إلى الآن أذكر وأعتز بغضب العظيم يوسف إدريس منى، الذى طالبنى بالاستمرار فى الكتابة حين اطّلع على أعمالى الأدبية، ووعدته، لكنى أخلفت موعدى معه، وحين التقى معى لاحقًا رفض مصافحتى، وسألنى: «فين برنارد شو يا عم حمدى؟!»، فى إشارة إلى رغبته فى أن أسير على درب الكتّاب الكبار.