رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أيام الحب والرعب».. حكايات سلوى بكر عن الحياة والكتابة

الأديبة الكبيرة سلوي
الأديبة الكبيرة سلوي بكر

الأديبة الكبيرة سلوي بكر واحدة من أهم الكاتبات التى أثرت الساحة الأدبية خلال النصف القرن الأخير، فحياتها مليئة بالعديد من التحديات والنجاحات والإحباطات والجوائز، نجحت صاحبة رواية "البشموري" في أن تكون أم صالحة وأديبة هامة لم يمنعها الأول عن الثاني، ولم يلهلها الأخيرعن الجديد.

وفي يوم المرأة العالمي تسرد " بكر" قطوفا من سيرتها الذاتية كانت قد صرحت بها في أحد حوارتها الصحفية قائلة:

تقول: الحياة المنغلقة التى عشتها فى بيتنا ولدت لدىّ شعورًا بالاستغناء الدائم، فأنا لم يداهمنى مطلقًا الشعور بالغيرة من أحد، ولذلك عندما بدأت فى الكتابة كان لدى شعور بالاستقلالية بقلمى، فرغم أننى كنت معجبة بكتابات كثيرين، غير أننى لم أذهب لتقليد أحد منهم، وكذلك عملى كمفتشة تموين أفادنى كثيرًا، فقد ساعدنى على الاحتكاك بعوالم أوسع وأرحب، ورغم أنها فترة كانت مليئة بالرعب، لكنها أتاحت أمامى رؤية المجتمع بصورة أوضح من القاع، حيث شاهدت صورًا أخرى من البؤس ألهمتنى خيالًا آخر فى الكتابة.

والكتابة بالنسبة لى هى نوع من الهواية ونغمة مليئة بالمتعة، فعندما أكتب لا يعنينى لمن أكتب، لا أضع فى بالى النخبة ولا يشغلنى العامة ولا أفكر فى القارئ؛ لأننى دائما أخاطب قارئًا مجهولًا لا أعرفه، بجانب أننى دائمًا أكتب لأننى أريد أن أستمتع بالكلمة، وتلك حالة تلازمنى طيلة حياتى، وعندما بدأت فى الكتابة لأول مرة لم أخطط أبدًا لإصدار القصص، ولولا الصدفة لما حدث ذلك أبدًا، وهنا يتجلى دور الكاتب الصديق شعبان يوسف فى تلك الحادثة الغريبة.

فى وقت ما كان «شعبان» بصحبة رفعت سلام يستعدان لإصدار مجلة «كتابات»، وبينما كنا جلوسًا سألنى: تعرفى حد بيكتب قصص؟ فأجبته: أنا؛ فطلب منى الاطلاع عليها، وحين قرأها أعجب بها، فمنحها ليحيى الطاهر عبدالله، فطلب لقائى، فالتقيته وبدأ أول سطور حكاية الأديبة سلوى بكر. ودائمًا أرى أن الجانب الإنسانى فى الكتابة هو الذى يجعل القارئ من أى جنس أو اتجاه مقبلًا على القراءة، وقد اختبرت نصوصًا كتبتها فى ذلك، وحدث أننا كنا فى أحد المؤتمرات بمدينة «باليرمو» فى إيطاليا، حينها تعرفت على أحد الأشخاص يدعى «ألدو» يعمل هناك مترجمًا، ومنحته إحدى رواياتى الصغيرة، وكان عنوانها «أرانب» وجدته يُرسل لى بعد شهرين خطابًا يشكرنى فيه، وهو يقول: شعرت بأن البطل يعبر عن مشاكلى. وأيضًا عندما تمت ترجمة «العربة الذهبية لا تصعد إلى السماء» إلى اللغة الألمانية تكرر نفس الموضوع من جانب إحدى القارئات الألمان.

الكاتب يجب أن يكتب للجميع وعن الجميع، وليس هناك قانون يقول بأن صاحب أى قلم عليه أن يكتب هذا ولا يحق له أن يكتب ذاك؛ فمثلًا أعمالى عبارة عن تنويعات تجمع بين القصص القصيرة والرواية التاريخية مثلما حدث فى «البشمورى»، ففضاء الكتابة واسع وبلا ضفاف ومشروع لأى كاتب الكتابة عن المرأة والإنسان والمسرح، فأنا أحاول طرح أسئلة التاريخ من خلال التأريخ؛ لكن يبقى القاسم المشترك الأدنى فى كل كتاباتى هو الحديث دائمًا عن المهمشين والمستبعدين؛ فأنا أسعى إلى النظر فى العلاقة بين المتون والهوامش الاجتماعية بحكم التأمل الإنسانى