رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تتعامل إسرائيل بـ"حكمة" مع قرار تحقيقات الجنائية؟

الجنائية الدولية
الجنائية الدولية

أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا الأربعاء الماضي، أنها تصادق على فتح التحقيق فيما يتعلق باحتمالية ارتكاب انتهاكات في حرب غزة 2014، من قبل كل الأطراف الفاعلة في النزاع، إسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية.

قرار فتح التحقيق أثار غضب إسرائيل، وهو ما دفع الساسة والمسئولين في تل أبيب إلى إطلاق سيل من التصريحات الساخنة ضد القرار، مع الكثير من الشعارات مثل الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، دولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي يعرفون إجراء تحقيق ذاتي أفضل من أي جهة اخرى، سنقف من وراء الضباط والجنود؛ هذه لاسامية؛ إسرائيل تتعرض للهجوم؛ المدعية العامة تكره إسرائيل؛ هذا قرار منافق ولا أساس قانوني له؛ ليذهبوا ويفحصوا سوريا وإيران قبل ذلك.

الشعارات السابقة اعتاد العالم على سماعها عندما يتم الهجوم على إسرائيل من أي جهة أو منظمة في المجتمع الدولي، وحتى لو كان بعضها صحيحاً لكنها لا تصلح لتكون دفاعاً قانونياُ، ولا تصلح لأن تكون ردًا إعلاميًا لمواجهة القرار دعائياً.

بشكل عام تتعامل إسرائيل مع المحكمة الجنائية بذات الطريقة التي يتعامل بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو مع الملفات القضائية ضده، حيث يستخدم عبارات التشهير والهجوم وبأن هناك حملة ممنهجة تستهدف إسقاطه.

لا شك في أن نتنياهو لن يتعاون مع محكمة لاهاي، ولن يسمح لها بالتحقيق في إسرائيل، وسيُجند دول العالم لتقويض شرعية هذه المحكمة، ولدى "نتنياهو" تجربة غنية في إدارة حملات تشهير وتحريض ضد المحاكم، وبالتأكيد سيُظهر مواهبه ضد كل من يحاول، في رأيه، "تلفيق ملف جنائي" ضد دولة إسرائيل.

لكن الهجوم الإسرائيلي على المحكمة يعطي انطباعاً أن إسرائيل لا تكترث للمجتمع الدولي، وهو ما ستكون له تداعيات سياسية، وسيعزز فكرة أن إسرائيل لا تحترم لاهاي ولا تحترم الأمم المتحدة، لأنها دائمة الهجوم عليهما.


بشكل عام، فإن الأمور قد تهدأ قريباً من تلقاء ذاتها، ففي يونيو المقبل ستنهي "بنسودا" مهمتها، وسيتولى مدع عام جديد، وهو رجل القانون البريطاني كاريم خان، وليس واضحاً ما إذا كان سيمنح ملف "حرب غزة" ذات الاهتمام أم لا.

لسياسة الدفاع الإسرائيلية نحو القرار ثلاثة جوانب، الجانب القضائي والجانب الدبلوماسي والسياسي، حتى الآن اختارت إسرائيل الهجوم والاحتجاج على المحكمة، وليس واضحاً إذا كانت لها خطة بديلة إذا لم ينجح الهجوم.

من الناحية العملية، فإن إسرائيل يمكنها صد إدعاءات المحكمة الجنائية إذا أثبتت أنها تحقق في الإضرار التي تسبب بها الجنود للفلسطينيين.