رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف دعمت الدولة ذوي الهمم لتمكينهم في بيئة العمل؟

جيهان عامر
جيهان عامر

عاش ذوي الهمم لعقود طويلة في وصم من المجتمع سواء في الدوائر الصغيرة لأسرهم أو محيط مسكنهم، وكان الحل الأسهل لهم هو الانعزال التام عن المجتمع، كأثر للتنمر والمعاملة من الدرجة الأخيرة، ومع اختلاف أنواع الإعاقة التي يعيش بها ذوي الهمم كان يعى على التكيف كي يُكمل حياته.

الأصم يتعلم الإشارة، الكفيف لغة برايل، متلازم دون التخاطب وتنمية المهارات.. وهكذا لكن يبقى الاصعب، ما الاستفادة من السعي والتعلم لطالما لن ينقله خارج إطار اسرته وذويه من أصحاب نفس الاعاقة، لكن حاولت الدولة في السنوات الأخيرة دمجهم في المجتمع بشتى الطرق سواء في إدخالهم في مدراس وجامعات مع الأسوياء حتى يتعلم الطفل من صغره قبول الآخر، أو في بيئة العمل بوظائف تناسب مهاراته دون تقليل منها لمجرد الاعاقة.

في هذا الملف نسرد مجموعة من قصص لذوي الهمم بعد أن نجحوا في التعايش مع بيئة العمل.

جيهان عامر: الناس تعاملني كرئيس للمدينة دون النظر لحركة قدمي
قبل اهتمام الدولة بتطعيم الأطفال ضد مرض شلل الأطفال، عانى الآلاف في مصر من إنهاء حياتهم في الصغر نتيجة الإهمال الطبي، فعند إصابتهم بحمى الشلل يُحكم عليه بالاعدام وهو على قيد الحياة، لكن على العكس تمامًا اختارت جيهان عمار أن يكون مسار حياتها، فلت تجبرها الاعاقة على العيش منزوية طيلة الحياة.

أصيبت جيهان في سن السادسة بشلل في قدمها اليسرى، ورغم انها كانت تتوسط تسعة أشقاء 5 بنات و4 ولاد، لم يختاروا جميعًا التفوق الدراسي، إلا أنها وجدت من التعليم سبيلًا لحفر اسمها وسط المحيطين بها، حتى تخرجت من كلية الهندسة جامعة أسيوط والتحقت بالعمل بجهاز مدينة أسيوط الجديدة في 16 ديسمبر 1998 وتدرجت وتنقلت في كافة الإدارات حتى وصلت إلى منصب نائب رئيس جهاز مدينة أسيوط الجديدة.

توضح جيهان أن كل المحيطين بها دعموها بداية من الأسرة وصولًا لقيادات المحافظة، لكن جاء دفعة التشجيع الاكبر حين خاطبها الرئيس السيسي وشكرها على جهدها وفخر مصر بما انجزته حتى الآن منتظرًا منها المزيد، وبالفعل تسعى لانجازات مشروعات الدولة في أسيوط الجديدة التي أنشأت كمد عمراني لسكان الصعيد تسكينهم وحدات سكنية مزودة بكافة الخدمات، حتى وصلت نسب الإشغال بمدينة أسيوط الجديدة لـ 40 ألف مواطن تقريبًا وليس لدينا أية معوقات من ناحية الخدمات أو المرافق والمنشآت الخاصة بالمدينة.

وتابعت: الدولة في السنوات الأخيرة جعلت تمكين ذوي الهمم أمرًا إلزاميًا وليس كوتة، وذلك كي يشعروا بذاتهم، فالقانون المصري، فقد ضمن مكاسب كبيرة لذوي الإعاقة؛ ونص القانون رقم 10 لسنة 2018 على حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في العمل، على أن تلتزم الجهات الحكومية وغير الحكومية وكل صاحب عمل ممن يستخدم عشرين عاملا فأكثر أن يعين نسبة 5% من ذوي الإعاقة والذين ترشحهم الوزارة المعنية بالعمل والإدارات التابعة لها.

ومن بين من استفاد من هذا القانون عمر أبو زيد، يعمل موظفًا إداريًا في إحدى المستشفيات، يقول إنه دائمًا ما يشعر بكثير من الحزن والآسى بمجرد تذكره الحادث الذي تعرض له قبل سنوات من الآن والذي انتهى وأدى إلى إعاقته الحركية، موضحًا: "لما الشخص بيكون معاق منذ ولادته أو صغره بيعتاد الأمر وممارسة حياته والتكيف معها بما يتناسب نوع الإعاقة، ولكن الأصعب على النفس هو أن تنعم بجميع حواسك وأعضائك وفي يوم وليلة تكون تفقد صحتك أو جزء منها وتكون معاق بعد ما كنت شخص سليم، فهنا تكون إدراك الحادث وتقبله أصعب بكثير".

ذكر عمر أنه الآن يباشر عمله في المستشفى بشكل طبيعي: كما أنه بدأ يعود إلى ممارسة حياته والتأقلم مع الوضع الذي استجد عليه بعد الحادث بمرور الأيام، مشيرًا إلى أن عمله لا يتطلب أي مجهودًا بدنيًا إذ يعمل في الشئون الإدارية وطوال يوم العمل يستطيع أن يباشر وظيفته في المكتب يطالع الاستمارات والأوراق، فهو لا يحتاج سوى التركيز والمجهود الذهني فقط.

أوضح "أبو زيد" أن أصدقائه في العمل متعاونين بدرجة كبيرة معه حتى أنه لا يلجأ إليهم في أي طلب أو غاية حتى يلبونها له ويساعدونه، مشيرًا إلى أن تقبله لمدى إعاقته وتقيد حركته في بادئ الأمر كان صعبًا عليه ولكن يومًا بعد يوم وبمساندة عائلته وأصدقائه أصبح الأمر طبيعي بالنسبة له، موضحًا أنه حتى لا يحتاج إلى أي استثناءات خلال عمله لأنه يباشره من خلال مكتب.

ووفقًا لمؤشرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ معدل التشغيل لذوي الصعوبات الوظيفية 21.3% مقابل 40.2% لغير ذوي الصعوبات، من المفترض ان تزيد نسبة العامالين من ذوي الهمم بعد نص القانون، على أن تكون عقوبة مخالفة نسبة 5% من تشغيلهم ؛ الحبس لمدة لا تجاوز سنة والغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 30 ألف جنيه.