رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعاون شامل.. خبراء يتحدثون عن رسائل زيارة الرئيس للسودان

السيسي والبرهان
السيسي والبرهان

قال خبراء إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى السودان،لها دلالات وأهداف واضحة ستنعكس على ملف سد النهضة، فى ظل التعنت الإثيوبى واعتزامها الملء الثانى للسد دون التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث، كما ستكون لها تداعيات على شكل التعاون المستقبلى بين البلدين فى كل المجالات.
وفى السطور التالية، تستعرض «الدستور» تصورات وآراء عدد من الخبراء حول الزيارة وتبعاتها على القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، والنتائج المتوقعة لها، وكيف يمكن أن تترجم إلى تعاون بنّاء على المستوى الاستراتيجى والسياسى والتجارى، بما يصب فى مصلحة الشعبين المرتبطين بروابط تاريخية عميقة.


خالد عكاشة: البلدان لن يسمحا بالتصرفات الأحادية لأديس أبابا

أكد العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الخرطوم تعد إحدى أهم خطوات تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتأتى فى لحظة تاريخية دقيقة تمر بها المنطقة بأكملها وعلى وجه الأخص السودان، كما تنقل التعاون بين البلدين إلى شكل جديد ومتطور من الشراكة الاستراتيجية الفعالة على مختلف الأصعدة.
وفيما يتعلق بملف سد النهضة واعتزام إثيوبيا الملء الثانى له، قال العميد خالد عكاشة إن هذا الملف له أولوية قصوى للدولتين باعتباره قضية لها طابع وجودى للشعبين كما جاء على لسان قيادات الدولتين، مذكرًا بأن الرئيس السيسى تحدث فى أكثر من مناسبة، وقبل زيارته الخرطوم، عن أهمية الأمن المائى للمصريين وأنه قضية وجودية لا يمكن المساس بها بأى شكل من الأشكال، مضيفًا أن الخرطوم وهى تستقبل رئيس جمهورية مصر العربية تؤكد ذات المعنى.
وذكر أنه قبل أسابيع أعلن السودان عن مبادرة أيدتها مصر حول تطوير آلية التفاوض، التى يرعاها الاتحاد الإفريقى، من خلال تشكيل رباعية دولية تقودها وتسيرها جمهورية الكونغو الديمقراطية بصفتها الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقى، وتشمل كلًا من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة للتوسط فى المفاوضات، لكى تضع الأمور فى نصابها ولنصل إلى محطة توافق قبل الملء الثانى لبحيرة سد النهضة. وأكد أن مصر والسودان يرفضان بشكل مطلق أى شكل من أشكال فرض الأمر الواقع من إثيوبيا أو تجاهل الحقوق والمصالح المصرية والسودانية باعتبارهما دولتى المصب، معتبرًا أن هناك خريطة عمل مشتركة خلال الأشهر المقبلة للدولتين «مصر والسودان» للحفاظ على مقدرات الشعبين وحقوقهما المائية وأمنهما المائى، وعدم السماح بأى إخلال فى هذه المعادلة الأمنية، وهى معادلة تأمين المياه للمصريين والسودانيين ورفض التصرفات الأحادية التى لن تسمح بها القاهرة والخرطوم. ورأى أن مصر والسودان سيسلكان نهج التفاوض إلى النهاية ولديهما سيناريوهات كثيرة لهذه المفاوضات ومن الممكن عودتهما إلى المجتمع الدولى لكى يتحمل مسئوليته إذا ما وصل الأمر لتهديد السلم والأمن الإقليميين بأى صورة من الصور.

صلاح حليمة: تحركات لمنع تحويل النيل الأزرق إلى «بحيرة إثيوبية»

قال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الإفريقية، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى السودان، وانعقاد القمة المصرية- السودانية فى التوقيت الحالى، تعكس العديد من الدلالات التى ستؤثر على المحيط الإقليمى، فى ظل الأوضاع التى تشهدها المنطقة، سواء فى السودان أو فى جنوب السودان، بالإضافة إلى عدد من القضايا الملحّة التى تشكل خطورة على أمن البلد الشقيق واستقراره.
وأوضح أن زيارة الرئيس السيسى تناولت شقين أساسيين، هما الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وقال: «فيما يتعلق بالأوضاع الأمنية والأمن القومى تأتى قضية سد النهضة على رأس أجندة الموضوعات، خاصة أن الدولة المصرية لها موقف حازم وثابت تجاه هذه القضية، يرفع شعار أن المياه خط أحمر ولا يمكن لأى دولة أو قوة المساس به».
وأضاف: «هناك تأييد للمواقف ودعم مشترك بين الجانبين المصرى والسودانى ضد التعنت الإثيوبى، وهناك محاولات جادة لإدخال الوساطة الرباعية لوقف التمادى والانتهاكات الإثيوبية، التى كان آخرها إعلان بدء الملء الثانى للسد دون اعتبار للدول المشاركة فى مياه النيل».
وتابع: «لدينا رؤية مصرية سودانية مشتركة تجاه قضية سد النهضة، وستكون هناك تحركات مشتركة وتصعيد إلى الأمم المتحدة لوقف الانتهاكات الإثيوبية ومحاولة فرض صيغة الأمر الواقع فى هذه القضية، مع رفض فكرة تحويل نهر النيل الأزرق إلى بحيرة إثيوبية».
وأشار إلى أن زيارة الرئيس السيسى إلى الخرطوم تضمنت كذلك مناقشات حول قضية التوتر الحدودى فى المنطقة، مؤكدًا دعم مصر الكبير للسودان فى مواجهة المحاولات الإثيوبية للاستيطان فى أراضٍ سودانية وفقًا لاتفاقية عام ١٩٠٣، معتبرًا أن ذلك يؤكد أن أديس أبابا تضرب بكل الاتفاقيات عرض الحائط، وتخالف الأعراف والقوانين الدولية التى تم وضعها منذ عشرات السنين.

محمد حجازى: مقدمة لطفرة فى العلاقات الاستراتيجية وإحياء اتفاقية «الحريات الأربع»

قال السفير محمد حجازى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الخرطوم جاءت فى توقيت شديد الأهمية، فى ظل اعتزام إثيوبيا الملء الثانى لبحيرة سد النهضة بشكل أحادى ودون اتفاق مسبق، مما يعد تهديدًا مباشرًا لمصر والسودان وخرقًا واضحًا وصريحًا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع فى مارس ٢٠١٥ بين الأطراف الثلاثة، بالإضافة إلى الموقف المتوتر على الحدود السودانية الإثيوبية، الأمر الذى يستدعى دعم السودان، إزاء تلك التجاوزات الحدودية.
ونوه إلى أن الفترة الحالية تشهد إحياء الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، على رأسها اتفاقية «الحريات الأربع»، «التملك والتنقل والإقامة والعمل»، إلى جانب مشروعات البنية التحتية الجارى تنفيذها، مثل مشروع الربط الكهربائى، إذ يصل خط الربط الكهربائى إلى السودان منقولًا من مصر إلى طاقة ٣٠٠ ميجاوات.
ونوه كذلك إلى مشروعات الربط البرى بين البلدين، وإنشاء الطريق الساحلى بطول ٢٧٠ كيلومترًا، وفتح المعابر الحدودية ودعم نشاطها فى معبرى «قسطل» و«أرقين، وتطوير ميناء «بورتسودان» والموانئ النهرية فى «وادى حلفا» لدعم التبادل التجارى، بالإضافة إلى الطريق الدولى العابر للحدود «القاهرة- كيب تاون» عبر السودان، والطريق البرى الذى يربط بين مصر والسودان وتشاد.
وأضاف أن زيارة الرئيس السيسى إلى الخرطوم ستكون مدخلًا لتطبيق كل الاتفاقيات السابقة، والنهوض بالعلاقات لآفاق استراتيجية تترجم هذا الواقع الذى يربط بين الأمن القومى المصرى والسودانى والدفاع عن المصالح المشتركة، خاصة فى ضوء ما تشهده المنطقة من توترات سواء على الحدود مع إثيوبيا أو تضامنها مع إريتريا مما يهدد شرق السودان، بالإضافة إلى توتر الأوضاع فى الصومال وتشاد والعديد من المناطق المحيطة بالقرن الإفريقى والمطلة على البحر الأحمر، ما يهدد أمن الملاحة فى هذا الممر الاستراتيجى ويستلزم تضافر الجهود والتنسيق المصرى السودانى المشترك.


طارق فهمى: الدولتان تدعمان مقترح «الرباعية الدولية» للوصول إلى اتفاق بشأن سد النهضة

أكد الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى السودان لها أهمية من حيث التوقيت والدلالة، فى ظل التوترات العسكرية على الحدود السودانية الإثيوبية، وتأكيد مصر حق الخرطوم فى وحدة أراضيها وعدم استلاب أى أجزاء منها، وسط تخوف من مواجهات عسكرية قادمة.
وأضاف «فهمى» أن الزيارة تأتى فى إطار تعزيز وجود مصر والسودان فى البحر الأحمر الذى تدخل فيه دول متعددة، تمتد من إسرائيل إلى إريتريا لدول فى حوض النيل إلى القرن الإفريقى وغيرها من هذه الدول، منوهًا إلى أن مصر ستنسق مع الأطراف فى نطاق البحر الأحمر، وسيشمل التنسيق أطرافًا متعددة مثلما فعلت فى إقليم شرق المتوسط.
وأشار إلى أن الزيارة تأتى، أيضًا، للتجاوب ودعم المخطط السودانى فى موضوع سد النهضة، وإعلان السودان عن مقترح تشكيل الرباعية الدولية، لأن هناك ٤ أشهر حرجة قبل الملء الثانى للسد وفق الإعلان الإثيوبى، وبالتالى القاهرة سترفض تشغيل السد بسياسة الأمر الواقع. وذكر أن هناك تحذيرات مباشرة من الرئيس السيسى بألا يفرض أى خيار على مصر فى هذا التوقيت، وسبق وتكرر ذلك فى زيارة رئيس الأركان، الأسبوع الماضى، وأيضًا على لسان وزيرة الخارجية السودانية فى زيارتها القاهرة.
وقال «فهمى» إن الزيارة ستكون لها نتائج مهمة خلال الفترة قبل ملء السد، والقاهرة ترسم خطًا استراتيجيًا فى تعاملها مع السودان، سيكون فيه كل الوسائل مطروحة، والسبل المستخدمة لن تقتصر على الدعم السياسى.
وأكد أن الزيارة رسالة إلى إثيوبيا بعدم المراوغة مرة أخرى فى الوقت المتبقى قبل ملء السد، والبدء فى حوار جدّى مباشر من خلال الرباعية الدولية التى اقترحها السودان.