رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ريش أخضر ينبت من قلبى

 حنان شاهين
حنان شاهين



ذات ضيق شعرت بألم يشبه الوخز تحت ذراعى رحت أتحسسه بانزعاج، كان يشبه رأس حبة قمح.
فى الليلة التالية تكرر نفس الأمر فى أكثر من موضع فى كلتا ذراعى، مع الوقت بدأت تلك الرءوس تتفتق عن زغب صغير صار يكبر يومًا بعد يوم حتى كاد يظهر من تحت ملابسى،
كنت أشعر بحرج شديد وأحاول جاهدة أن أخفى الأمر، ارتديت قميصًا ذا كمين واسعين، ورحت أحرص على ضم ذراعى إلى جسدى طيلة الوقت، حتى عندما صفعنى أخى فى آخر مرة لم أكن أفكر فى حماية وجهى كعادتى فى تلقى صفعاته ولكماته لى، كان أكثر ما يقلقنى أن يجذبنى من ذراعى فيفتضح أمرى.
فكرت أن أخبر أمى عن سرى لكنى ترددت، ظننت أنها ربما تعتبر الأمر كارثة وعارًا كبيرًا، وقد تفكر فى انتزاعه بالقوة، فكرت فى إخبار صديقتى لكنى خشيت أن تشى بى.
كنت أصعد إلى سطح البيت لأفك أزرار قميصى وأحرر ذراعى بعد أن أتأكد تمامًا أنى فى مأمن من أى عين، أعرض ريش جناحى لأشعة الشمس حيث الدفء والنور، لاحظت أن الريش يصير أكثر نعومة وطراوة كلما حررته ومسدته بيدى، تأكدت أن الاعتناء به وتغذيته أفضل الطرق للتخلص من الألم، وأن محاولة اقتلاعه بالقوة كان خطأ كبيرًا.
لاحظت أمى طول مكوثى على سطح البيت، أخبرتها بأن النوم يغلبنى كلما حاولت المذاكرة فى غرفتى، أما أبى فلم يكن يهتم كثيرًا بأمرى، ربما لم يلحظ غيابى من الأساس، أخى كان هو العقبة الوحيدة أمامى، كيف أقنعه أن يكف عن افتعال الخناقات حتى يعلن عن ذكورته ويختبر قوة عضلاته بضعف عضلاتى حتى فى وجود أبى.
أمى على قناعة تامة بما علمتها إياه جدتى بأن تكسر للبنت ضلعًا يطلع لها أربعة وعشرين ضلعًا، رحت أحصى عدد الريشات فى ذراعى وأحسب كم ضلعًا كُسر لى..
كنت أسأل نفسى إن كانت هناك فتيات مثلى يكتمن سرًا كبيرًا؟
برغم خجلى الشديد، وبرغم بعض الألم الذى كنت أشعر به أحيانًا، إلا أن شعورًا ما بالارتياح كان يتسرب إلى نفسى، خاصة حين كنت أصعد إلى سطح البيت وأحرر جناحى وألوح بذراعىّ فى الهواء وكأننى فرخ يمام يتعلم التحليق.
كانت فقط مجرد رغبة يحول دون تحقيقها ثقل جسدى مقارنة بحجم ريش جناحى الصغيرين.
ذات مساء أخبرتنى أمى بأن علىّ أن أرتدى أجمل ثيابى وأتزين لأن ضيوفًا سيأتون لزيارتنا.
فهمت ما تعنيه أمى.
حملت صينية عليها أكواب مملوءة بشراب أحمر وضعتها على منضدة تتوسط غرفة الضيوف ثم جلست فى هدوء، نظرت بطرف عينى للعريس كان يحملق فى ساقىّ وخصرى وصدرى، كانت أمى قد حرصت على شراء صدرية مبطنة بالإسفنج ليبدو صدرى مستديرًا وممتلئًا.
صعدت إلى السطح بعد انصراف العريس وأمه وأخيه وخالته وشخص آخر لم أعرف هويته، ولم يكن يعنينى أن أعرف لماذا كل هؤلاء كانوا يتأملوننى بنظرات فاحصة؟
كل ما كان يشغلنى كيف سأخفى ريش جناحى الذى صار أكثر طولًا وكثافة، ورحت أتمرن على محاولة طيّهما حول ذراعى، كانا يحتاجان إلى مزيد من التحرر والتعرض لأطول وقت ممكن تحت أشعة الشمس، رحت أتدرب يوميًا على التحليق بهما.
فى يوم العرس نجحت فى طيّهما تحت ثوب الزفاف الأبيض.
انفض العرس، أدخلنى العريس إلى غرفة نومه وأغلق الباب علىّ وخرج ليودع من دخل معنا الشقة، سمعت أحدهم يوصيه أن يذبح لى القطة فى أول ليلة.
بعد أن انصرفوا فتح العريس الباب ودخل مباشرة دون أن يستأذننى فى الدخول، كنت خائفة، أنظر إلى النافذة المفتوحة، نزعت ثوبى عنى سريعًا وحررت جناحىّ ورحت أرفرف بهما فى فضاء الغرفة، تراجع للخلف فاغرًا فاه من الدهشة مفسحًا لى الطريق إلى النافذة لأمنح القطة المسكينة عمرًا أطول وأجرب التحليق لأول مرة.