رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أن نثق بما نراه.. كيف غيرت الفوتوغرافيا حياتنا قصة الفوتوغرافيا (العلم)



إذا كنت قد ولدت منذ أكثر من 200 عام فإن الطريقة الوحيدة المتاحة لتذكر شكلك للأبد هي إما نقش صورتك على الجدران أو رسم لوحات زيتية لك، بظهور الفوتوغرافيا تغير العالم وتمكنا من التواصل والتعبير عن أنفسنا وتخليد ذكرياتنا.
هل الفوتوغرافيا فن أم علم ؟ من أجل الإجابة على ذلك لابد أولًا من فهم خصائص العملية نفسها. معناها وكيف يتم تشكيل الصورة المسجلة بواسطة الكاميرا. من هنا نحكي قصة الفوتوغرافيا
في البداية لاحظ الحسن بن الهيثم عالم البصريات أن الضوء عندما يمر من ثقب ضيق في غرفة مظلمة يكون صورة معكوسة مقلوبة علي الجدار المقابل بعد قرون عدة التقط الفنانين والعلماء الإيطاليين هذه الملاحظة وثمة مخطوطات لليوناردو دافنشي بشكل الكاميرا، وكانت البداية كاميرا الغرفة المظلمة بها فتحة (لاحقًا عدسة) في أحد الجدران، يتم من خلالها عرض صور الأجسام خارج الغرفة على الحائط المقابل.

وصف العالم والكاتب الإيطالي (Giambattista della Porta)جيامباتيستا ديلا بورتا  بالتفصيل أواخر القرن السادس عشر ،  استخدام الكاميرا المظلمة ذات العدسة التي استخدمها الفنانون بعد ذلك علي نطاق واسع لرسم صور المناظر الطبيعية ،حتي هذه المرحلة كان الاختراع وسيلة لتحسين قدرات الرسامين ،مما دعي العلماء للبحث عن طريقة لإعادة إنتاج الصور ميكانيكيًا بالكامل وكانت جهود علماء البصريات منفصلة تماما عن جهود الكيميائيين  .




في عام 1727، أثبت أستاذ التشريح الألماني يوهان هاينريش شولز(Johann Heinrich Schulze) أن أسودادا أملاح الفضة وهي ظاهرة معروفة منذ القرن السادس عشر، بسبب الضوء وليس الحرارة،عندما استطاع إظهار حروف مكتوبة بملح الفضة بواسطة ضوء الشمس وأعلن عن إكتشافه في وقت كانت الغرفة المظلمة منتشرة لكن لم يتم الربط يبن الإختراعيين ربما حتي القرن التاسع عشر.
في مفارقة جديرة بالفوتوغرافيا حيث تقديس قوة الملاحظة والإحتفاء بالمحاولات الفاشلة والمصادفات القدرية، شارك أربعة رجال في وضع أساسيات علم التصوير الفوتوغرافي. في وقت واحد تقريبًا يعملون بشكل مستقل تمامًا عن بعضهم البعض، وتجمعت نتائج تجاربهم في النصف الأول من القرن التاسع عشر
كان جوزيف نيبسي Nicéphore Niépce، مخترع هاو، مهتمًا بالطباعة الحجرية حيث يتم نسخ الرسومات على حجر ليثوغرافي ثم طبعها بالحبر.
ابتكر طريقة يمكن من خلالها للضوء رسم الصور التي يحتاجها، وضع زيت علي الحجر ثم وضعه على لوحة مطلية بمحلول حساس للضوء من bitumen (نوع من الإسفلت) وزيت اللافندر وعرّضه للضوء بعد بضع ساعات، تصلب المحلول الموجود تحت المناطق المضيئة في النقش، نجح Niépce اعتبارًا من عام 1822 في نسخ النقوش بالزيت على الحجر والزجاج والزنك.
التقط نيبس أول صورة فوتوغرافية معروفة في عام 1826 1827. رابطا بين إختراع الكاميرا المظلمة والاكتشافات الكيميائية لحساسية بعض المواد للضوء، كان وسيطه عبارة عن بيتومين حساس للضوء مذاب في زيت اللافندر ووضعه على سطح صفيحة مستوية من القصدير. كان وقت التعريض حوالي 8 ساعات، تتحرك خلالها الشمس من الشرق إلى الغرب بحيث تبدو وكأنها تلمع على جانبي المبنى.ولم يكن مناسب لتصويرالأشخاص، لكنه تمكن من الحصول على صورة جميلة لساحة فناء منزله الريفي.

كانت المطبوعات الورقية هي الهدف النهائي لعملية التصوير لنيبسي فجميع محاولاته الأخرى، سواء كانت باستخدام الكاميرا أو عن طريق النقوش، كانت ضعيفة التعريض وأضعف من أن يتم نقشها. ومع ذلك، أظهرت اكتشافات نيبسي المسار الذي كان على الآخرين اتباعه بنجاح أكبر.
مثل العديد من الفنانين الآخرين في عصره، قام داجير بعمل رسومات أولية باستخدام كل من الكاميرا المظلمة وكاميرا لوسيدا، وهي أداة مزودة بمنشور اخترعت عام 1807. في محاولة للاحتفاظ بالرسومات التي يتم نقلها باستخدام الكاميرا camera obscura وأدي ذلك إلى شراكة مع Niépce على مدار السنوات الأربع التالية لعام 1829.



في عام 1833، عمل المصور الفرنسي هرقل فلورنس Hercules Florence بورق حساس بأملاح الفضة لإنتاج مطبوعات للرسومات ؛ أطلق على هذه العملية اسم "التصوير الفوتوغرافي" photography. ومع ذلك، منذ أن أجرى تجاربه في البرازيل، ضاعت مساهماته في التاريخ حتى عام 1973، عندما أعيد اكتشافها.
لم يستطع ويليام هنري فوكس تالبوت، الذي تدرب كعالم في جامعة كامبريدج، رسم ملاحظاته العلمية حتى بمساعدة كاميرا لوسيدا. ألهمه هذا العائق لابتكار عملية تصوير فقرر تسجيل الصور التي لاحظها بوسائل كيميائية، وبحلول عام 1835 كان لديه تقنية عملية. لقد جعل الورق حساسًا للضوء عن طريق نقعه بالتناوب في محاليل ملح الطعام (كلوريد الصوديوم) ونترات الفضة. وهكذا تم إنتاج كلوريد الفضة في ألياف الورق. عند التعريض للضوء، أصبح كلوريد الفضة داكن اللون. وتمكن من جعل الورقة السلبية يمكن من خلالها الحصول علي عدد لا حصر له من إيجابيات الورق

بالعودة لداجير Daguerre فقد اهتم بتقصير وقت التعريض والاحتفاظ بنسخ من الصور،تخلى عن البيتومين كوسيط تسجيل الصورة بعد وفاة نيبس المفاجئة في عام 1833، واكتشف أن صورة كامنة تتشكل على صفيحة من الفضة المعالجة باليود وأنه يمكن "إظهارها" وجعلها مرئية من خلال التعريض لبخار الزئبق، وبالتالي يمكن تقليل أوقات التعريض من ثماني ساعات إلى 30 دقيقة ورغم ذلك كانت الصور تتحول للاسوداد الكامل بعد مدة حتى تختفي الصورة.

بحلول عام 1837، تمكن داجير من الحصول علي الصورة بشكل دائم باستخدام محلول ملح الطعام لإذابة يوديد الفضة غير المعرض. في ذلك العام، أنتج صورة فوتوغرافية للاستوديو الخاص به على طبق من النحاس المطلي بالفضة، وهي صورة رائعة التفاصيل.
في ذلك العام أيضًا، ظهرت أول صورة فوتوغرافية لرجل وقف مصادفة ليربط حذاءه أثناء التصوير ووقع ابن نيبسي، اتفاقية مع داجير تؤكد أن داجير هو مخترع عملية جديدة Daguerreotype process.
ي عام 1839، باع ابن نيبس وداغير كامل حقوق الداجيروتايب للحكومة الفرنسية، مقابل أجر سنوي مدى الحياة. في 19 أغسطس تم نشر تفاصيل العمل الكاملة. كتب داجير كتيبًا يصف العملية، في وصف تاريخي للعمليات المختلفة لنمط Daguerreotype وديوراما، والتي أصبحت في الحال من أكثر الكتب مبيعًا ؛ ظهرت 29 طبعة وترجمة قبل نهاية عام 1839.
كل من Nipce وDaguerre وTalbot، وJohn Herschel ساهموا في الكشف عن طريقة تعريض وإظهار وتثبيت الصور الفوتوغرافية وهم بذلك يُنسب إليهم الفضل في إختراع التصوير الفوتوغرافي.
وسنكشف العديد من المصورين الآخرين الإمكانيات التي توفرها كاميرا التصوير الفوتوغرافي. ومع ذلك، جلبت بداية العشرينات الطفرة الحقيقية في التصوير، والتي انفجرت في القرن الواحد والعشرين في العديد من الاستكشافات التصويرية المختلفة والمثيرة للاهتمام.