رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«جحيم المصحات النفسية».. تدمير حياة المرضى النفسيين بالإهمال والقتل تعذيبا

المصحات النفسية
المصحات النفسية

«نار المرض ولا علاج المصحات».. أصبحت المصحات النفسية شرا لا يقبله أي مريض والذي قد يفضل ذويه أن يبقى في حالة الجنون والقلق على أن يجد نفسه جثة هامدة، أو خوفًا من مصيره المحتوم بالتعذيب والضرب والإهانة بحجة العلاج.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ولكن يتم التعدي عليهم وقتلهم بأبشع الطرق في بعض المصحات والمراكز، ويتم رمي جثثهم على الطرق، فمصير المرضى داخل المصحات النفسية أصبح مجهولا ومعتما.

- شاب توفي بالإهمال
في هذه الواقعة المأساوية لفظ شاب في ربيع العمر أنفاسه داخل مصحة نفسية شهيرة في حلوان، والسبب أن الممرضين أهملوا في الإشراف عليه ورعايته طبيًا وصحيًا وجسمانيًا، حتى قضت محكمة جنح مستأنف حلوان، برئاسة المستشار محمود حمدي، بحبسهم 6 أشهر لاتهامهم بالإهمال والتسبب في وفاته.

والبداية كانت مع «ت» عندما تقدمت أسرته ببلاغ لقسم شرطة حلوان بوفاته داخل دورة مياه مصحة نفسية، واشتباههم في الوفاة جنائيًان وانتقلت الأجهزة الأمنية وتم التحفظ على الجثة، وبمناظرتها تبين وجود إصابات بالوجه والرقبة، وأن إصابات المجني عليه، رضية احتكاكية حيوية وحديثة، حدثت من المصادمة بجسم صلب، كما أن الإصابات المشاهدة بيمين العنق والوجه والشفتين والأنف، عبارة عن إصابات رضية احتكاكية يشير شكلها وتوزيعها إلى أنها على غرار الضغط بأصابع اليد بغرض سد المسالك الهوائية العليا

وأكد التقرير أن الإصابات المُشاهدة بيسار العنق هي إصابات رضية احتكاكية حدثت من الضغط على العنق بجسم «صلب لين» كالحبل أو ما في حكمه، وانتهى التقرير إلى أن سبب الوفاة هو "اسفكسيا" كتم النفس والضغط على العنق، وأثبتت المسئولية إهمال ممرضين مشرفين على حالة المجني عليه.

- مات محروقًا في مصحة نفسية

وفي محافظة بورسعيد، عقب 7 سنوات من مكوثه في مصحة نفسية لفظ «م. ع» أنفاسه الأخيرة، محروقًا داخل عنبر مستشفى الصحة النفسية حيث تم العثور على جثته مُقيد اليدين والقدمين، ووجد بجانبه ولاعة.

وكانت إدارة الحماية المدنية، قد تلقت بلاغا يفيد باندلاع بحريق في أحد العنابر بمستشفى الصحة النفسية، وعلى الفور توجهت سيارتين إلى المستشفى بنطاق حي الضواحي ونجحت في إخماد الحريق، ولكنه كان قد التهم أحد المرضى، وتم نقل الجثة الى مشرحة مستشفى الحميات تحت تصرف النيابة العامة.

- قتلوه وادعوا هروبه في حلوان

وفي حلوان أيضًا، كانت هناك بلاغًا بهروب واختفاء مريض من مستشفى الصحة النفسية بحلوان، ولكن بإجراء البحث والتحريات تبين أنه مقتولًا، وملقى داخل حفرة بجوار سور المستشفى، واتهمت اسرته المستشفى بارتكاب الواقعة.

و تلقى عاصم نعيم، رئيس نيابة حلوان، بلاغًا من مستشفى للأمراض النفسية يفيد اختفاء مريض من داخل المستشفى ليلًا، حيث غافل أفراد الأمن ولاذ بالفرار، وبحثت عنه أسرته في كل مكان دون جدوى حتى عثر عليه مقتولًا بجوار سور المستشفى، واتهمت ابنة المجنى عليه أطباء المستشفى بقتل أبيها.

- مات بضربة من «مولة سرير» عقب يومين من احتجازه

أما حكاية «م» لم تكن مرضية للضمير الإنساني، فمكوثه في أحد المصحات لم يتجاوز يومين، حتى تم تسليم جثته لأسرته في مستشفى بالعاشر من رمضان بمحافظة الشرقية.

كان «م» قد أصيب باضطراب نفسي وساءت حالته، الأمر الذي تبعه حضوره إلى المستشفى لاحتجازه وإراحة أعصابه لعدة أيام، وبعد الواقعة كان المبرر أن مريض أخر تعدى عليه بالضرب حتى توفى.

كان مدير أمن الشرقية، قد تلقى إخطارًا من اللواء أحمد زكي، نائب مدير الأمن لقطاع الجنوب، يفيد بورود بلاغ للعميد خالد فرج عيسى، مأمور قسم شرطة اول العاشر من رمضان،يفيد بإقدام أحد المرضى النفسيين بمستشفى للصحة النفسية بالعاشر من رمضان، على قتل مريض آخر داخل المستشفى.

بالانتقال والفحص، تبين إقدام المتهم على قتل المجني عليه "م. س. س. س"،23 سنة، من مركز بلبيس، بمحافظة الشرقية، بـ"مولة سرير"،حيث أخذ في ضربه حتى هشمَّ رأسه، وبضبطه وسؤاله أفاد بأن المجني عليه "سب الدين" -على حد قوله-، قبل أن يضيف: "سب الدين والله قال لي أموته".

وأفادت التحريات الأولية بأن الجاني والمجني عليه تصادف دخولهما المستشفى في يومٍ واحد، لتلقي العلاج بالمستشفى، فيما جرى التحفظ على المتهم تحت تصرف النيابة العامة، والتي أخطرت لمباشرة التحقيقات، وطلبت تحريات المباحث الجنائية حول الواقعة وملابساتها.

ومن الناحية الطبية والنفسية، فأن المريض النفسي داخل هذه المستشفيات لابد من الاهتمام به ورعايته بصورة مستمرة خاصة لتنفيذ طلباته حتى لا يشعر بالاضطهاد أو يؤذي نفسه، أو حتى لا يتعرض للإيذاء من مريض أخر، ولابد أن يتم فصل المرضى العنيفين عن المرضى الذين هم أقل في درجات المرض حتى لا تسوء حالتهم، وحتى يساعدهم هذا على العلاج.

- عقوبة تصل للمشدد 15 عامً
ومن الناحية القانونية، قال الدكتور وليد وهبة، الخبير القانوني، أن تعرض المريض النفسي داخل المصحات الصحية والعصبية للإيذاء سواء بالضرب أو التعذيب أو تعمد الإهمال، تكون العقوبة للمسؤولين في المستشفى من المدير للطبيب المعالج للممرضين وتصل العقوبة إلى السجن 15 عامًا.

كما أن تكون العقوبة تصل لغلق المستشفى، وشطب الأطباء من المهنة إذا ثبت تعمد إهمالهم وتعذيبهم، خاصة إن كانت الأفعال المرتكبة جريمة وليست من أساليب العلاج، وكانت متعمدة الإيذاء في شخص المجنى عليه، بالمخالفة للمقتضيات الوظيفية، أما إذا كان الإهمال في الإشراف تسبب في الوفاة قد تكون العقوبة مخففة أقلها الحبس 6 أشهر، ووقف عن العمل.