رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محاضرة حول علم النفس وإدارة الأزمات بالمجلس الأعلى للثقافة

 الدكتور هشام عزمى
الدكتور هشام عزمى

عقد المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمى، مساء أمس محاضرة بعنوان: "علم النفس وإدارة الأزمات"، نظمتها لجنة التربية وعلم النفس بالمجلس، بحضور مقررها الدكتور معتز سيد عبدالله، وألقى المحاضرة الدكتور طريف شوقى أستاذ علم النفس ونائب رئيس جامعة بنى سويف السابق، والدكتور أيمن عامر عضو اللجنة، ورئيس قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة، وقد تم تطبيق الإجراءات الاحترازية كافة، بهدف الوقاية من انتشار فيروس (كوفيد-19) المستجد، كما بُثت الفاعلية مباشرة عبر حسابات المجلس بمواقع التواصل الاجتماعى المختلفة.

افتتح مدير النقاش الدكتور أيمن عامر الحديث مؤكدًا أهمية موضوع المحاضرة، مشيرًا إلى أنها تهدف إلى تعريف جوانب عدة لاصطلاح "الأزمة"، ومظاهر تأثير الأزمات وخصائصها، من منظور علم النفس، مع إيضاح أساليب الإدارة الفعالة للأزمات، وما يمكن أن يتعلمه الإنسان من الأزمات.

ثم أوضح الدكتور طريف شوقى، أن كلًا منَّا واجه أزمة ما فى حياته، سواء كانت شخصية أو أسرية أو اجتماعية، وقد تكون تلك الأزمة ذات آثار بسيطة، أو شديدة، وذكر أن بداية نشأة مصطلح "الأزمة" كانت فى إطار الطب الإغريقى، وكان بمعنى "نقطة تحول"، ويشير إلى حدوث تغير جوهرى ومفاجئ فى جسم المريض، ثم اقتبس فى القرن السادس عشر للدلالة على ارتفاع درجة التوتر فى العلاقات بين الدولة والكنيسة: واستُخدم فى القرن السابع عشر للدلالة على ظهور مشکلات خطيرة، أو لحظات تحول فاصلة فى تطور العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأوضح أنه من المفترض أن تأتى الأزمات فى صور متنوعة، ألا وهى: الأزمات الطبيعية مثل الزلازل أو البراكين أو الأعاصير أو الفيضانات، ومن نماذج الأزمات الشخصية فقدان صدیق أو فقدان العمل، فضلًا عن أزمة المراهقة أو أزمة تعرض النساء للتحرش، فيما نجد أنه من أمثلة الأزمات الأسرية ظهور مدمن فى الأسرة، أو وقوع الطلاق، والأزمات التنظيمية مثل انهيار أسعار أسهم إحدى الشركات، أو تعرض مؤسسة للقرصنة الإلكترونية، بيد أنه من أمثلة الأزمات السياسية حدوث الاحتجاجات الفئوية، أو انتشار الشائعات، أو العنف طائفى، والأزمات الصحية فتكمن فى انتشار الأوبئة مثل: (الإيبولا - الإيدز - کورونا).

أكمل الدكتور طريف شوقى حديثه مؤكدًا وجود شواهد متعددة تفصح عن مدى تأثير الأزمة فى حياتنا سواء كان ذلك إيجابيًا أو سلبيًا، مثل تكالب الناس على السلع والخدمات بصورة غير مبررة، مما يعجل بحدوث اختناقات بشأنها عدم توفر المنتج، حيث إن حالة القلق والخوف التى تتبع الأزمة، تقلل من القدرة على التفكير العقلانى السليم، ومن الأمثلة على ذلك الإفراط فى استخدام الأدوية بصورة غير مبررة، وعن الآثار الناتجة عن الإجراءات الاستثنائية كالعزل الصحى الطوعى أو الإجبارى على حدٍ سواء، أوضح أنها قد تكون إيجابية قائلًا: "كورونا قوم عند قوم فوائد"، وذلك بما أن هذا العزل جعل الكثير من الأسر تجتمع بعد شتات طويل أجبرتهم ظروفهم الحياتية عليه، أو سلبية كتفاقم النزاعات الأسرية والإنهاك النفسى، بسبب طول فترة الاحتكاك بين الأزواج مما قد ينشئ بيئة خصبة لتصاعد الخلافات والمشاحنات.

كما أوضح أنه من شأن التعرض للضغوط الناجمة عن الأزمة أن يقلل من مستوى مناعة الفرد؛ حيث أشارت البحوث فى هذا الصدد إلى أن سوء المزاج يؤثر سلبا فى آلية العمل لجهاز المناعة الخاص بجسم الإنسان؛ فيصبح الفرد أكثر عرضة للإصابة بالمشكلات الصحية، وعلى النقيض ترتفع الروح المعنوية عند التغلب على الأزمات، وتابع قائلًا: "الأزمات کوجوه البشر؛ فالأزمات الشخصية تشبه فى بعض الأوجه الأزمات الدولية، تحدث فجأة ويلاحظ نقص المعلومات بشأنها خاصة عندما تحدث لأول مرة".

كما أوضح فى مختتم حديثه أن المحن قد تنطوى على بعض المنح، وقد يكون لها بعض الآثار الإيجابية، ثم تساءل حول ما يمكن أن نتعلمه من الأزمة؟ وأجاب موضحًا أن لفظة أزمة فى اللغة الصينية من مقطعين وهى: "Wet-ji"؛ فيشير القسم الأول إلى الخطر، والثانى إلى الفرصة التى تكمن فيه، وتتمثل البراعة هنا فى تصور إمكانية تحويل الأزمة، وما تحمله من مخاطر إلى فرصة لإطلاق القدرات الإبداعية التى تستثمرها لإعادة صياغة الظروف وإيجاد الحلول السديدة لها، مثل قضية الكثافة السكانية، التى حرى بنا من هذا المنطلق ألا ننظر إلى كونها أزمة أو مصدر للتهديد فقط، بل على أنها تقدم فرصة للنمو حالما تم الاستغلال الأمثل لهذه الطاقة البشرية، ويمكننا التعبير عن هذا بقولنا: جزى الله الأزمات عنا كل خير فقد قادتنا إلى السبيل الرشيد.