رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النظام العبودى انتهى اسما وشكلا لكنه مازال يحكم داخل النفوس


قرأت عن ندوة ، بمناسبة اقتراب 8 مارس ، يوم المرأة العالمى، أقامتها جمعية نسائية لا أتذكر اسمها .
فالجمعيات التى تتخصص فى قضايا المرأة ، متشابهة الأسماء ، متشابهة التفكير ، متشابهة الرؤية . تلخصت الندوة فى كيفية اعداد الفتاة ، والمرأة ، لتحمل مسئوليات الزواج ، لتكوين مستقبل سعيد .

شئ غريب ، هل مشكلة المرأة ، أنها لا تعى مسئولية الزواج ، حتى تتكون الجمعيات التى تتخصص فى هذه المهمة ؟؟ .
الواقع يؤكد أن جزءا كبيرا من هموم الفتيات والنساء ، يأتى من التركيز المتضخم لمسئولية الزواج ، وخدمة الأزواج ، وتربية الأطفال ، دون الاهتمام بتكوين حياة خاصة لهن .

كيف فى جمعية للمرأة ، لا يتكلم أحد ، عن مسئولية الفتاة ، أو المرأة ، أولا تجاه نفسها ، استقلالها الاقتصادى ، ونضجها النفسى ، ورؤية الحياة الرحبة ، التى تحوى الكثير من التحقق ، فى مجالات متنوعة ، كثيرة ، وليس فقط الزواج ؟.
هل قضايا النساء الحقيقية ، البعيدة عن الزواج ، وخدمة الأزواج ، وتربية الأطفال ، ، " فضيحة " ، يجب " سترها " ؟
أم أنها قضايا " تافهة " ، لا ترقى الى القضايا " الهامة " الأخرى ؟.
كيف نحلم بمستقبل سعيد ، ترفرف عليه ، العدالة ، والحرية ،
والكرامة ، ومازال المجتمع يعتبر الزواج ، ومسئولياته ، الوظيفة الأساسية
الأهم ، الأرقى ، للمرأة ؟؟. بينما هو ليس كذلك ، للرجل .
ماذا يعنى قولنا ، بأن الأسرة ، هى نواة المجتمع ، وأن
الأسرة هلى الخلية الأولى ، فى المجتمع ؟؟؟؟ . معناه أن تجميع هذه
" النواة " ، هو المجتمع الكبير ، وأن ما يسرى فى المجتمع الكبير ،
هو ما " تقره " الأسرة ، من " قوانين " ، و " مبادئ " ،
و " قيم " .
فالأسرة المصرية ، منذ آلاف السنوات ، قائمة على
الكتالوج الذكورى ، الذى يؤسس لعدم العدالة بين الزوج ،
والزوجة . وهذا الكتالوج الذكورى ، هو قانون الأحوال الشخصية،
الذى تنص أول بنوده ، على أن واجب الزوج ، هو " الانفاق " ،
وفى المقابل ، يتحدد واجب الزوجة ، ب " الطاعة " .
و" الانفاق " ، مقابل " الطاعة " ، مبدأ " موروث " ، منذ
النظام " العبودى " ، ونظام " الُسخرة " . حيث ينقسم المجتمع ،
الى " أسياد " يملكون كل شئ ، و " عبيد " ، لا يملكون شيئا ،
الا أجسادهم ، التى تبُاع ، وتُشترى ، فى سوق العبيد ، والجوارى .
ولكن النظام العبودى ، انتهى من العالم ، بفعل القانون. لكنه مازال باقيا
فى صلب مجتمعنا ، فى داخل نفوسنا ، فى قانون الزواج الذكورى ، الذى يحدد العلاقة بين الزوج ، الأعلى ، الذى يأمر ، والزوجة " الأدنى " ، التى تطيع .
والمجتمع بمرور الوقت ، يجد نفسه ، مضطرا للتخلى عن
بعض موروثاته الاجتماعية ، والدينية ، والثقافية . لكنه ، عند هذا
القانون ، يتغاضى عن ضرورات التقدم ، وضرورات الانسانية ،
وضرورات العدالة ، فى مؤسسة الزواج .
فعلا ... ان سقوط النظام العبودى فى الزواج ، هو سقوط
لآخر " معاقل " الذكورية .
وهذه معركة ثقافية كبرى ، تقيس المعيار الحقيقى ، للتقدم
الانسانى ، ومدى تغلغل حب العدالة ، فى النفوس .
بداخلى قناعة راسخة ، تتأكد كل يوم ، أنه لا " خير " ، فى
مجتمعات ، تمعن فى قهر ، ومذلة ، واضطهاد ، النساء ، وتضفى
على هذه الأفعال المشينة ، غطاءات من الشرعية ، والتقنين ،
والتبرير ، والدفاع .
منْ يقرأ التاريخ ، يتضح له ، أن عصور الانحطاط الفكرى ،
والفساد ، والتدهور الحضارى ، والأخلاقى ، بدأت حينما أقسم
العالم " اليمين الذكورى " .
سيظل العالم بأسره ، تعيسا ، مختل الفكر ، مشوه الوجدان ،
مضطربا ب جنون العظمة ، والغرور ، مهددا بالحروب ، والارهاب ، والعنف ، أسيرا للشراهة ، عبدا ذليلا ، لأدنى الغرائز ، والشهوات ،
ما لم " ينعدل " ، و " يستقيم " .
ولن ينعدل ، ولن يستقيم ، الا بالتكفير عن " الخطيئة " الكبرى ، التى ارتكبها ، فى حق " نصف الحياة " ... النساء .
يوم الاستقلال للنساء ، واليوم الوطنى للنساء ، والعيد
العالمى للنساء ، هو يوم تحرر المرأة ، من رذيلة " الطاعة " .
اليوم الذى حقا ، يستحق الاحتفال ، هو حينما ، لا تكون
وظيفة ، ومهمة ، المرأة ، بحكم أنها امرأة ، مسئولة ، عن غسل
قمصان ، وشرابات الزوج ، وعن تحضير وجبات طعامه ،
وعن تغيير لفافات الأطفال .
اليوم الذى يستحق الفرح ، حقا ، هو عندما ، لا تترك
المرأة عملها ، بأجر ، لكى " تتفرغ " ، لخدمة الزوج ، والأطفال ،
بلا أجر .
لكننى بتأمل الأحوال ، والعلاقات ، والظروف التى تقلب
المعانى ، وتسمى الأشياء بغير مسمياتها ، والاعلام ، والثقافة ،
والفنون ، التى تتعاون فى " غسيل العقول " ، لا أرى أن هذا اليوم ،
قريب المنال .
من بستان قصائدى
----------------------

يسافر يناير
يهاجر فبراير
يأتى مارس
أيام
تثقل على أنفاسى
بالمصير اليائس
تتسم كل الأشياء
بالمذاق المُرْ البائس
فقدت من كان لى
الفارس .. والحارس
النبيل .. الكريم .. المشاكس
هازم المخاوف والهواجس
المبتسم دائماً ..
فى وجه القدر العابس