رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بلد جديد.. كيف تواجه مبادرة «حياة كريمة» الأمية فى المحافظات؟

بلد جديد
بلد جديد

حققت مبادرة «حياة كريمة»، التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى عام ٢٠١٩، نجاحات كبيرة، ففى عامين أنجزت المبادرة خلال المرحلة الأولى منها نجاحات ضخمة فى عدد من المحافظات، وذلك من خلال تنفيذ مشروعات مختلفة فى قطاع التربية والتعليم، لا سيما ملف تعليم الكبار ومحو الأمية فى القرى والنجوع.
«الدستور» تستعرض نجاحات فصول محو الأمية التى تطلقها المبادرة مجانًا، ومدى تأثيرها فى المجتمع المصرى وحياة المواطنين، وذلك من خلال التواصل مع عدد من المستفيدين من المبادرة والمسئولين عنها، لنعطى القارئ صورة لما سيكون عليه الوضع فى باقى قرى المبادرة التى بدأ العمل عليها مؤخرًا فى المرحلة الثانية.



منار الحلف: نوفر فرص عمل للحاصلات على الشهادة

ذكرت منار الحلف، إحدى المعلمات العاملات بمحو الأمية، إنها اتجهت للعمل بمحو أمية الكبار منذ ٢٠١٤، بعد حصولها على شهادة الثانوية التجارية، وتهتم بإقناع الفتيات بالتعلم.
وأضافت «الحلف»، ٢٧ عامًا، من قرية منيل سلطان جنوب الجيزة، أنها عملت- فى البداية- بشكل فردى، ثم علمت بأن هيئة محو الأمية تتكفل بإنشاء الفصول وتمويلها، لذا خاضت رحلة جمع عدد كافٍ من الطلاب كى تُمنح تلك الفرصة، موضحة: «واجهتنى صعوبات كثيرة لأننى أعيش فى مجتمع ريفى، مثل رفض الأزواج خروج زوجاتهم للتعلم أو رفض الآباء خروج بناتهم، نظرًا لأن عددًا منهم يعتمد على الأبناء كمصدر للدخل ويعتبرون التعليم تعطيلًا».
وتابعت: «رغم تلك التحديات نجحنا فى تعليم عدد كبير من السيدات، من بينهن شربات الشوربجى، صاحبة الثلاثة وثلاثين عامًا، التى عانت الكثير بعد طلاقها ولم تجد مصدر دخل للإنفاق على أولادها، وبعد أن أقنعتها بالتعلم، وبعد مرور ٣ أشهر فقط، حصلت على شهادة محو الأمية، وعملت أمينة للمعمل بمدرسة كداية الثانوية».
وأكدت أنها استفادت على المستوى الشخصى من العمل بفصول محو الأمية، لأن ذلك يوفر لها مصدر دخل يزيد بزيادة عدد الطلاب.


رئيس جهاز محو الأمية: التوسع فى افتتاح فصول بالقرى الأكثر احتياجًا
أعلن الدكتور عاشور أحمد عمرى، رئيس الجهاز التنفيذى للهيئة العامة لتعليم الكبار ومحو الأمية، عن العمل على التوسع فى افتتاح فصول محو أمية جديدة فى الأقاليم والقرى الأكثر احتياجًا، إضافة إلى استقبال متطوعين جدد من شباب الجامعات للاستفادة من مهاراتهم وخبراتهم بشكل إيجابى فى نشر التعليم بين مختلف فئات المجتمع.
وقال إن هناك اهتمامًا جليًا ببرامج تعليم الكبار فى القرى والنجوع من أجل رفع معدلات التعليم بها والارتقاء بقاطنيها، مشيرًا إلى أن فصول محو الأمية تشهد تثقيف أهالى القرى فى الدلتا والصعيد بقضايا المجتمع المهمة، إضافة إلى القضايا التى تمثل عبئًا أو خطورة على المجتمع، مثل قضية الزيادة السكانية، لتوعية الأهالى بأهمية تلك القضايا وعواقبها.




إيمان شكرى: طالباتى أصبحن مدرسات


قالت إيمان شكرى، خمسينية وواحدة من المتطوعات فى فصول محو الأمية: «على الرغم من كبر سنى، ومرض زوجى الذى يحتاج للمتابعة الدورية لدى الأطباء والمستشفيات، اتخذت خطوة تعليم الناس دون انتظار مقابل، فلا شىء أسمى من العلم ونقل الخبرات، دون انتظار أجر».
وتطوعت «إيمان» فى إحدى دور الجمعيات الخيرية التى تنظم فصول محو الأمية تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعى التى تكفل برامج لتعليم الكبار، موضحة أنها قضت سنوات فى أعمال التطوع الخيرية المختلفة، والآن تركز اهتمامها على تعليم الكبار فى فصول محو الأمية التى تشرف عليها الوزارة.
وأضافت أنها فخورة وسعيدة بعملها التطوعى الذى أسهم فى تعليم أعداد كبيرة من كبار السن القراءة والكتابة، مشيدة بالدور الذى تقوم به وزارة التضامن الاجتماعى والمؤسسات الخيرية فى إتاحة الفرصة للتوسع فى فصول محو الأمية، وفتح باب التطوع للجميع وتشجيعهم.
وأشارت إلى أن هناك نماذج ناجحة تخرجت فى فصول محو الأمية، ومَن يجتز الاختبارات بنجاح وتفوق يستطع أن يتطوع لبدء تعليم غيره، لافتة إلى أنه من أبرز النماذج التى تعلمت على يديها كانت طالبة تعلمت منها أساسيات اللغة وتطورت إلى أن وصلت إلى مراحل متقدمة، والآن تتولى فصلًا أو إحدى الحلقات لمحو أمية سيدات أخريات وتعليمهن اللغة العربية والدين.



«التضامن»: نستهدف إيجاد مجتمع ريفى متطور

قال الدكتور خالد عبدالفتاح، مستشار وزيرة التضامن لمبادرة «حياة كريمة»، إن المرحلة الجديدة من المبادرة تشمل إنشاء مدارس وفصول محو أمية، وتوفير فرص عمل لأهالى القرى الأكثر احتياجًا.
وأضاف أن المبادرة تستهدف تطوير مناطق وقرى الريف المصرى، وإيجاد مجتمع ريفى متطور ومستوى معيشى يتناسب مع المشروعات التنموية العملاقة التى تنفذها الحكومة، مشيرًا إلى أن وزارة التضامن الاجتماعى تنسق مع مختلف الوزارات والجهات المعنية المشاركة فى المبادرة بهدف تحقيق التعاون المثمر، إذ ينبثق من «حياة كريمة» أكثر من لجنة تتابع التطورات الخاصة بمشروعها أو ملفها. وذكر أن اللجنة المسئولة عن متابعة مشروعات التربية والتعليم تتولى تنفيذ وتطوير كل ما يخص هذا الملف بما فيه متابعة عملية تطوير وإعادة هيكلة المدارس الحالية.


رضا نصر: نساعد الشريحة من سن 15 حتى 60 عامًا


أكدت الدكتورة رضا نصر، مشرفة فصول محو الأمية بمركز أطفيح بمحافظة الجيزة، أن مبادرة «حياة كريمة» لا تستهدف تطوير قرى مصر بدعم البنية التحتية فقط، بل تطور الإنسان كذلك، مشيرة إلى نجاح تجربة محو الأمية، إذ إن الفصول مجانية وتضم كل الفئات العمرية.
وقالت «رضا»، مدير جمعية «أمان الأسرة» التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى، إنها خصصت- حتى الآن- ٤٥ فصلًا لمحو الأمية، سعة كل فصل نحو ٢٠ دارسًا ودارسة، كما خصصت ٤٥ معلمة لهذا الغرض، تتولى كل منهن إدارة الفصل على مدار ثلاثة أشهر.
وأضافت أنه جرى اختيار المعلمات وفقًا لمعايير محددة، أبرزها قدرتهن على إقناع غير المتعلمين بالانضمام للفصول بهدف تغيير نمط حياتهم، لافتة إلى أن الشريحة المستهدفة من سن ١٥ حتى ٦٠ عامًا.
وأشارت إلى أن كل ما يُطلب من المنضمين للفصول صورة شخصية وصورة من بطاقة الرقم القومى، لطباعة الشهادة بعد إتمام الدراسة.
وقالت: «بعد أن عقدت الجمعية بروتوكولًا مع الهيئة العامة لمحو الأمية، أصبحت لها القدرة على منح المعلمين رخصة فتح فصول خارج إطار الجمعية لضم أكبر عدد من الطلاب وتوسيع دائرة التعلم، لكن على المعلم أن يجهز أوراقًا رسمية، منها عقد بينه وبين الهيئة، وقائمة لتسجيل بيانات العدد المسموح به من الدارسين، وإقرار بالالتزام بالحضور وتعليم الدارسين، وإقرار بأنه متفرغ لتعليم الدارسين، واستمارة بها نوع التعاقد والمكان واسم المعلم ومؤهله وعنوانه تفصيليًا».
ولفتت إلى أن المعلم يحصل على أجر مجزٍ قدره ٣٠٠ جنيه عن كل طالب، مشددة على أن الهيئة والجمعية تتابعان الفصول بشكل دورى، للتأكد من سلامة طرق التدريس واتباع المناهج.


صفاء القرنى: حميت تجارتى من احتيال الزبائن

حكت صفاء القرنى، ٤٥ عامًا، تجربتها الملهمة فى محو أميتها، رغم ما عانته من تنمّر وسخرية من عائلتها، وترديد مقولة: «بعد ما شاب ودّوه الكُتّاب»، إذ كانت الأكبر سنًا فى الفصل. وقالت «صفاء» إنها أصرت على استكمال الدراسة وعدم التأثر بظاهرة التنمر، لأن دافعها للدراسة كان أكبر، إذ كانت تريد إسعاد نجلها وتربيته بشكل سوى نفسيًا، مشيرة إلى أنه احتاج المساعدة فى المذاكرة، وكان يلجأ لزوجة عمه التى كانت تضغطه نفسيًا وتعايره بجهل أمه حتى بدأ يتسرب من المدرسة وهدد بتركها نهائيًا، وحينها بحثت عن معلم ليعطيه دروسًا خصوصية كى لا يعيش ابنها بوصمة جهل أمه. وعلمت «صفاء» بإنشاء فصول «حياة كريمة» فانضمت إليها، ومن خلالها تعلمت القراءة والكتابة، وتعلمت حساب الأسعار والكميات التى طالما فشلت فيها خلال عملها بمحل البقالة خاصتها، ما كان يعرضها لاحتيال الزبائن واستغلال عدم قدرتها على الجمع والطرح.


حنان عبدالرحمن: رغبة السيدات فى المذاكرة لأبنائهن شجعتهن على التعلم

قالت حنان عبدالرحمن، التى تعد من أشهر المعلمات على مستوى الجيزة، إنها أسهمت فى أكثر من مشروع تنموى بالمحافظة خلال السنوات الأخيرة، وبدأت نشاطها المجتمعى فى مشروع «٢ كفاية» للتوعية بتنظيم النسل.
وحكت «حنان»، خريجة كلية الدراسات الإسلامية، أنها بدأت العمل فى ٢٠١٥ بإنشاء فصل يضم ٢٠ طالبة، وبعد نجاح ١٥ منهن تشجعت على الاستمرار، وزاد عدد الفصول وعدد الحصص بواقع ٣ حصص أسبوعيًا، كل حصة تستغرق ٣ ساعات، كى تزيد الحصيلة الدراسية من مناهج «اتعلّم اتنوّر» لمحو الأمية.
وذكرت أنها تدرّس أيضًا الرياضيات والقرآن الكريم للراغبات فى حفظه، منوهة إلى أنه كلما زاد عدد الناجحات زادت رغبة الأخريات فى الانضمام حتى أصبح لديها ٥ فصول.
وقالت: «الحافز كان غيرة السيدات من بعضهن البعض، علاوة على الرغبة فى مساعدة أبنائهن فى الدراسة، خاصة خلال عام وباء كورونا وتعطل الدراسة فى المدارس، ما جعل الطلاب يعتمدون فى المذاكرة على أولياء أمورهم».
وقالت إنها بالتدريج لمست تحسن الأوضاع المعيشية لعدد كبير من أهالى قرى «صول والبرمل» بأطفيح على سبيل المثال، موضحة: «ظاهريًا وجدت تحسنًا فى شكل الملبس مع الاهتمام بالنظافة وغيرها من الأشياء التى تمكنت من الاطلاع عليها، وجوهريًا منهم من وجد فرص عمل، ومنهم من أصبح قادرًا على خدمة أولاده بشكل أفضل وأبسط الطرق، مع إعطائهم جرعات العلاج وقراءة اسمه بدلًا من قتلهم جهلًا».