رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«شهادة ميلاد».. كيف أشعل صاحب «زينب والعرش» غضب السادات؟

 فتحي غانم
فتحي غانم

الكاتب الصحفي فتحي غانم، هو شخصية تكوينها حاصل جمع مواهب متعددة، فهو رجل عاش حياته كرقم صعب فى تاريخ عالمى الصحافة والأدب، حالة تحتار أن تضع لها تعريفًا معينًا أو توصيفًا محددًا، بدأ رحلته مع صاحبة الجلالة كصحفى عادى يبحث عن نفسه، وانتهت رحلته معها وهو الأديب البارع والكاتب البديع، الذي أحدث انقلابًا فى أبجديات مهنة بأكملها، بعدما مزجت كلماته بين الأسلوبين الروائي والصحفي في ظاهرة كانت فريدة في وقتها، وما زالت.

وكشف في أحد الحوارات الصحفية عن لمحات من حياته، مبينة النقطة الأبرز في مسيرته وهي صدامه مع الرئيس السادات في أعقاب انتفاضة يناير 1977، حيث قالت: «شهادة الميلاد الحقيقية لاسم الصحفي فتحي غانم خرجت من ميدان المنشية بمحافظة الإسكندرية»، حيث المكان الذي شهد محاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في ٢٦ أكتوبر عام ١٩٥٤، وقتها كان يعمل فى جريدة «أخبار اليوم»، فتم تكليفه بتحقيق صحفيث عن الجاني، وبالفعل لم يخب الرجاء فيما طُلب منه.

نجح «فتحى» فى تقديم صورة درامية وقصة صحفية محكمة التفاصيل عن منفذ العملية، أشعلت نيران الغضب لدى «عبدالناصر»، لينفجر بالكلام فى وجه على أمين قائلًا: «إزاى الكلام ده يتنشر؟»، حيث اعتبر الكلام المكتوب ينصف المتهم ولا يصب فى صالحه، متسائلًا عن الصحفي الذي صاغ هذا الموضوع.. من يكون؟.

عندها تدخل على أمين شارحًا للزعيم الراحل ومدافعًا عن «فتحى»، مبينًا لـه أن التحقيق يناصره ولا يهاجمه، مؤكدًا أن هذا الصحفي من محبيه ومؤيديه، وهو ما اقتنع به الرئيس في النهاية.

تستطيع أن تقول إنه منذ تلك اللحظة دخلت كتابات «فتحي» حيز اهتمامات «عبدالناصر»، قتم تصعيده لاحقًا لرئاسة مجلس إدارة جريدة «الجمهورية»، وهو في أوائل الثلاثينيات من عمره، وتوالت وتنوعت بعدها المناصب التى تولاها، وبالرغم من ذلك لم يجمع اللقاء بينهما إلا مناسبتين فقط لا ثالث لهما.

فى عام ١٩٧٧ حدثت واحدة من أهم لقطات التراجيديا في حياة صاحب «تلك الأيام»، وذلك عندما سأله «السادات» هو وصديقه صلاح حافظ: «اللي حصل فى يناير.. ده يبقى إيه؟»، فجاءت الإجابة «انتفاضة يا ريس»، ليقرر الانتقام منهما بطريقته الخاصة، حيث قال لهما «اتفضلوا اقعدوا في بيوتكما.. وما تدخلوش روزاليوسف تاني».

وقالت «زبيدة»: «بعد هذا اللقاء تم وقف راتبيهما، حتى المتعلقات الخاصة بكل منهما تم منعهما من الحصول عليها، ورفضت كل الصحف في مصر استقباله للكتابة على صفحاتها، لكنه رفض التراجع عن موقفه واستعصم بالجلوس في منزله.

انفراجة العودة حينها جاءت من إحدى شركات الإنتاج، عندما عرضت عليه تحويل روايته «زينب والعرش» إلى مسلسل تليفزيوني، فوافق على الفور، لكنه اشترط أن يشترك فى كتابة السيناريو معه صلاح حافظ، فكتب كل واحد منهما حلقة، ليخرج النص الدرامى فى النهاية محكم التفاصيل، وصار هذا العمل إحدى أهم أيقونات وعلامات الدراما المصرية فى تاريخها.

عندما كنا نجلس سويًا دائمًا ما أجده يجدد فخره بأنه أول من كتب عن الصراع داخل عالم صاحبة الجلالة، ومع ذلك وفى أوقات كثيرة كان يُبدى رغبته فى التفرغ لممارسة الأدب والاستمتاع بكتابة الرواية والقصة، لكن لم ينجح فى تحقيق ذلك باعتبار أن الصحافة هى مصدر رزقه، التى يجني منها الأموال التي تعينه على الحياة.