رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كتّاب ونقّاد يحاكمون الأعمال الروائية ثنائية المؤلف

جريدة الدستور

قليلة ونادرة وتبدو شبه غائبة تلك الأعمال الروائية المشتركة، وقد يرجع ذلك إلى طبيعة الكتابة الروائية، والتي تبدو من خصائصها غير المعلنة أنها تميل إلى الفردية.

أولى تلك الأعمال الإبداعية الروائية "القصر المسحور"، والتى جمعت بين توفيق الحكيم وطه حسين، وفي السنوات العشر الأخيرة ظهرت بعض الأعمال الروائية الثنائية منها رواية "في مقام العشق" للكاتب والمترجم يوسف نبيل، والكاتبة والمترجمة زينب محمد عبد الحميد، ورواية "الموت المشتهى" للطبيبتان حنان الشهاوي، وأميمة السيد، والتى تعد أول رواية ثنائية في تاريخ السرد النسوي.

وعلى غرار تجربة عبد الرحمن منيف وجبرا إبرهيم جبرا في روايتهما "عالم بلا خرائط " جاءت رواية "واو الدهشة" للروائي المصري محمود عبد الغني والروائية السورية جهينة العزام.

وعن تلك الثنائيات يقول الروائي المصري محمود عبد الغني: "أذكر أن أحدهم قال إنه لا توجد قراءة فردية للرواية خصوصا وللأدب عموما، لأن هناك تعدد أصوات في الروايات حتى ولو كان الكاتب واحدًا، ولا أَجِد مشكلة في رواية مشتركة، الأمر يبدو لي مثل القراءات المتعددة للعمل الواحد أيضا".

ولفت محمود عبد الغني إلى أن الحداثة لم تضع سقفا منذ أن قصت سيدة حكايات لزوجها حتى ينام فلا يقتلها أبدا وحتى الآن.

وأكد أن الأدب والفن لا يعرفان الجمود، هذا يعني له موتا، "دعك من هؤلاء الذين يضعون القوانين لطريقة الكتابة، وأرجو منك أن تخبرهم أن يدعوا ذلك للقضاة والمشرعين في الحياة العامة، الصعوبات في البحث عن صوت مختلف وبعيد تماما عن صوت شريك الكتابة، في نفس الوقت يكون منسجما مع صوتك تمامًا، الأمر مثل السيمفوني، وأعتقد أن ذلك توفر لي".

وختم محمود عبد الغني بانه لا يوجد مانع في عمل أدبي مشترك طالما أن المشاركين يدركون المعنى الحقيقي لكلمة رواية، بروية ودون عجلة الفكرة قد تكون مشتركة، أنت وأنا والآخرون لدينا أفكار مشتركة مع إيناس آخرين لما لا".

ومن جانبها، أشارت الناقدة والقاصة ميرفت يس إلى أن فكرة الرواية الثنائية قديمة عرفناها مع رواية "القصر المسحور" التي تشارك في كتابتها توفيق الحكيم وطه حسين في الثلاثينيات، ثم تجربة عبدالرحمن منيف وجبرا إبراهيم جبرا في الثمانينيات في رواية "عالم بلا خرائط".

وتلفت مرفت يس إلى أن هناك العديد من التجارب، "بالنسبة لى هي مغامرة كبيرة لكن من منا لا يملك حس المغامرة خاصة وهاجس التجديد والتجريب يظل يخايلنا طوال الوقت، لكنها تجربة قد تبدو جميلة إذا توافقت أفكار كاتبين وكان بينهما نوع من الانسجام والتفاهم، أو تتحول لصوتين داخل العمل لكل منهما صوت يشكل حوارية تظهر فيها شخصية كل كاتب من جهة وفرديته والانسجام والتناغم من جهة أخرى".

وتختتم مرفت يس أن هذه التجارب من وجهة نظرها قد تكون محفزة على الإبداع بما يكتنفها من شغف ومغامرة.

وعن تجربتها مع رواية "الموت المشتهى"، لفتت الروائية والطبيبة حنان الشهاوي إلى أنها ودكتورة أميمة السيد قبل الشروع في كتابة الرواية جمعتهما جلسات عمل مطولة لرسم الشخصيات، وحينما بدأتا الكتابة لم يكن الأمر صعبا كما يتصور البعض، ويرجع هذا إلى اقتراب نمط تفكيرهما، كلاهما تمارسان مهنة الطب وكلاهما تكتبان الشعر.

وأكدت حنان الشهاوي أنه لو أتيحت فكرة جديدة ليس هناك أى مانع من تكرار التجربة مرة أخرى.

وفي سياق آخر، يقول الكاتب الصحفي والناقد الأردني حسين دعسة إنه يعتبر مثل هذه التجارب بمثابة مغامرة في الكتابة، لكن يجب أن تدرس بشكل جدي وأكاديمي.

ويلفت حسين دعسة إلى أن رواية "حكايات المقهى العتيق" والتي صدرت عن وزارة الثقافة الأردنية، اشترك في كتابتها 9 من الكتاب الأردنيين، الفكرة الأولى للروائي المعروف جلال برجس فكتبها وأشرف عليها إلى أن رأت النور مع "يوسف غيشان، علي شنينات، سليمان القبيلات، نوال القصار، بكر السواعدة، إسلام حيدر، عيسى الحميد، وبلقيس عجارمة".

وأكد دعسة أن الإبداع المشترك، في الآداب والفنون، هو تحايل على المتلقي، فهناك سؤال الإبداع المشترك، ثنائية المؤلف، أو من "يجتمع" من الكتاب، فأرى فلسفيا وإبداعيا، قد يجنح ذوق وذائقة المتلقيالقارئ إلى تحليل فصول الرواية ما بين (المؤلفالمؤلفان) وكيفية ارتقاء جماليات النص إلى وحدة سردية، تنصهر في أسلوبية تأخذنا إلى فهم متاهة كل كاتب مع أجزاء أدخلها المؤلف الآخر على ما كتب الأول مثلا.

واختتم "دعسة" بالتأكيد على أن ثنائية المؤلف في السرد الروائي، يعتقد أنها تجربة شائكة، لم تضع بصمة إبداعية برغم الاختلاف على تجربة جبرا ابراهيم جبرا مع عبد الرحمن منيف، متابعًا: "وقد سمعت، من جبرا ومن منيف، حيرة الرد على سؤال (النواة الأولى) للعمل المشترك َكم صاحب الحركة الأولى".