رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أن نثق بما نراه.. كيف غيرت الفوتوغرافيا صورتنا عن أنفسنا «الحب2»


بعد سنوات من التلاعب الرقمي ثمة تحولًفي صنع الصورة ،  بدأ المصورون في الابتعاد عن المصطنع والتركيز على الواقع.

بقراءة أعمال المصورين(Pedro and Nathalia)، فالتصوير هو الحقيقة ، وتجسيد المشاعر، يعتمد أسلوبهما علي تصوير اللحظات العفوية أمام الكاميرا بهدف تجسيد لحظات من المودة والحميمة ، مؤمنين أن التصوير الحقيقي بمثابة جلسات علاج نفسي لحظات من الثبات والتأمل والتواصل الصامت بين الزوجين يجعلهما يعيدا اكتشاف علاقتهما من جديديقول ميلان كونديرا"الحب لا يتجلى بالرغبة فى ممارسة الجنس وهذه الرغبة تنطبق على جملة لا تحصى من النساءولكن بالرغبة فى النوم المشتركوهذه الرغبة لا تخص إلا امرأة واحدة"

لحظات حميمية للمصورين Pedro and Nathalia

يؤكدان في حوار لهما "الحقيقي رحلتنا - المزيف ممل!عندما نصور الأزواج بشكل حقيقي  وعند إدراك اللحظة المناسبة تلتقط الصورة  ببساطة إنها تجربة لا تُنسى ، الحقيقة دون تظاهر جميلة جدًا!"

بدأت طريقتهما تتغير في تصوير الثنائيات عندما حضرا ورشة عمل صٌورا كموديل،لحظتها اكتشفا أن الأمر لا يتجاوز مجردإضاءة جيد ة،  ولحظة حقيقية من التواصل ليبدأ السحر


لحظات حميمية للمصورين Pedro and Nathalia

تتلخص فكرة أحمد الإدريسي عن الحب بمقولته "شخصان مليئان بالأضرار .. يتركان العالم جانباً،ويحاولانِ ترميمَ بعضَهُما البعض بهدوءٍ ورقّة ."المحنة هي مقياس الحب الحقيقي لحظة الإختبار وانكشاف الحقائق وعمق المشاعرأن تري محبوبك بعد أن تزول عنه الامتيازات.

يقول المصور أنجيلو ميريندينو (Angelo Merendino)"تزوجت فتاة أحلامي ؛ بعد خمسة أشهر ، شخصت جينيفر بسرطان الثدي ، "طوال معركتنا ، كنا محظوظين لأن لدينا مجموعة دعم قوية ، لكننا مازلنا نكافح لجعل الناس يفهمون الصعوبات التي واجهناها يوميًا. بدأت في تصوير حياتنا اليومية ، على أمل إظهار حقيقة التعايش مع هذا المرض الرهيب. بمرور الوقت ، نمت الثقة ، وفي نقطة معينة كفت جين عن الشعور وكأنها مضطرة للوقوف ، كانت هي ... سعيدة ، حزينة ، سخيفة ، أو أي شيء كانت تشعر به في تلك اللحظة. الآن أنظرإلى هذه الصور وأشعر بحبنا ".

"زوجتي تكافح مع سرطان الثدي". My Wife’s Fight with Breast Cancer. سبتمبر 2007

يتعلق التصوير الفوتوغرافي بالتقاطالعواطف في لحظة معينة، كلحظة خوف تشاركها محبوبك فتطمئن .في الصورة زوجين تزوجا بعد انتقالهما إلى ألمانيا كلاجئين عاشا معًا لمدة 11 عامًا قصة حياة صعبة إذ كانا تحت ضغط اجتماعي في روسيا بسبب توجههما، يتوقف الزمن في لحظة عفوية ،وسط الحديث اليومي المعتاد ،يحتضنا بعضهما البعض.الصورة  من زاوية علوية ، الزاوية تخلق فضاءهما الخاص كأن العالم يبدأ وينتهي في لحظة عناق حدودها فراش صغير هو مساحتهما الأمنة هاربان معا من  مشاق حياتهما ليستكينا علي كتفي الأخر.


صورة (Katharina Mikhrin )

 

تقول المصورة (Katharina Mikhrin ) " لقد أجرينا هذه الجلسة في شقتهما الصغيرة المريحة،ما يهمني هو الناس وقصص حياتهم أعتقد أن التعاطف هو الشيء الأساسي لأي مصور،يتعلق التصوير بالمشاعر أكثر من أي شيء آخر والتقاط هذه اللحظات الحميمة  هي طريقتي في تجربة العالمإنه مثل العلاج النفسي بالنسبة لي ".

يقول يوسف الدموكي "من دلالات الحبِّ ألا تشعر بالجهد، في الوصال أو الاتصال، في الشرح أو الفهم، في الحضور أو الغياب" تلتقط المصورة(Amanda Vanvels.) الحياة اليومية لإثنين من أصدقاءها كانا كل منهما يسكن علي مسافة بعيدة من الأخر، حينما قررا أخيرا شراء عربة والسكن معا داخلها ،عندها علما بنبأ حملها تم التقاط هذه الصورة في الخارج على الطاولة الخاصة بهما. صورة مقربةلأوشام  حصلا عليها تعبيرا عن الإكتمال قبل بضع سنوات ، الأطفال هم الدليل الحي لحميمية العلاقة  ،عمق اللحظة وصدق الحب في لحظة مقربة ،  لقطة مقربة بالإضاءة الطبيعية تختصر الصورة عمرا من المحبة الخالصة نحن مكتملان لا ننفصل ،هكذا ببساطة بلا جهد كما يجب أن يكون الحب .


صورة المصورة(Amanda Vanvels.)

تقول المصورة "لا أحاول أبدًا تصويرالأزواج في حالة مزيفة أو وضع معد مسبقا. ألتقط اللحظة كما هي، بدلاً من نسخ أوضاع "ملحمية" ، في مواقع مجنونة ،أفكر دائمًا في شعوري عندما أنظر إلى ألبوم زفاف والدي أو عندما أنظر للصناديق القديمة لصور جدتي.،هذا الشعور بالحنين هو ما أريد أن أعطيه للأزواج أن أمنحهم صورًا لها معنى ، وليست صورًا "مبتسمة للكاميرا" مملة ،صورًا تمثل حقًا هويتهم ، كزوجين ".

قامت المصورة  شيرلي بيكر(Shirley Baker) بين عامي 1960 و 1981 ،بتسجيل الحياة اليومية في فترة ما بعد الحرب في بريطانيا وتصوير حياة الناس العاديين والمهمشين ، في محاولة لوصف العلاقات بين الأشخاصمن خلال تمييز الروابط بينهموتجسيدعفوية اللحظات الحميمةعندمايكون لدى الأشخاص اتصال شخصي وشعور بالقرب في لحظة  ما.


صورة لحبيبين في مانشستر (Shirley Baker)

الحب وصلٌوذوبانٌ وتوسّد لذراع الحبيب ودخولٌ في كامل تفاصيله، عزفٌ للسلم الموسيقي على بيانو الجسد، وتلاوةُ قصيدة الحياة من كتاب الروح، صلاةٌ صوفيةٌ في ملهى ليلي، ونبضة قلب تُجِيب نبضة قلب، نقطة عرق تتعشق في نقطة عرق لحظة الملامسة"حسام مصطفي إبراهيم .

ربما هذا ما تجسده صورة  برونا كازينوتي (قبلة الموت ) 1982 الحب علي الحافة بكل عنفوان وجنون الشباب ولهفة البدايات ، تهتم بالتقاط اللحظات الحقيقية معطية صورها قدرا من الإحساس والدفء وتعتمد علي حذف وتوثيق الواقع فهي تسجل اللحظات المعدة بحكم عملها كمصورة موضة لكنها تراقب العفوية وسط المعد لتقتنص اللحظة ،  الصورة من زاوية علوية في لحظة مشحونة بالتوتر والنشوة ومملؤة بالحب.

تقول "تبدو صوري حقيقية جدًا لأنني أصور قصصًا و أناسًا حقيقيين،أحاول أن أجعل الأشخاص  أمام الكاميرا يشعرون بالراحة  وأسمح لهم بأن يكونوا  أنفسهم. على الرغم من أنني غالبًا ما تكون لدي رؤية للقصة التي أريد تصويرها في رأسي ، إلا أنه من الرائع أن أراقب لألتقط عفوية اللحظة ".

أخيرا لا شيء يبقي سوي الحقيقة ، الدهشة التي لا تفتر بالعادة والعفوية التي تحرر الطفل داخلنا بحماسه وبراءته والحاجة للإحتواء التي لا تتوقف بالتكرار ، تزول المخاوف والقيود وتنكشف حقيقتنا المطلقة .

ثمة ما يميزينا كمصورين ، أن نصبح مراقبين سرييين للحدث ومخفيين، هو ما يجعلنا نلمح المشاعر الحقيقية وسط الزيف ،نقتنصها مقدمين بذلك لحظة تٌمكن المشاهد من الرؤية عبر خياله  ليتعايش مع العلاقات ويشعر بالألفة هكذا بسلاسة وخفة ، نحقق ما يجب أن يكونه الحب كما يراه يوسف الدموكي

"الحبُّ هو الشعور الخفيف الذي يجعل الهوى كالهوا."