رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المُفكِّر المغربى مصطفى بوهندى: الدين جاء لتعزيز القيم المشتركة.. ومساحات الاختلاف بين الأديان محدودة

جريدة الدستور

شهد الشهر الجارى احتفالًا للمرة الأولى بـ«اليوم العالمى للأخوة الإنسانية» بعد أن اعتمدته الأمم المتحدة، ليصير مناسبة يحتفل بها المجتمع الدولى كل عام، مناسبةٌ اعتبرها الرئيس عبدالفتاح السيسى تذكرة للجميع بأهمية الحوار لفهم وتقبل الآخر، وتأكيدًا على أهمية تعزيز التعاون لنبذ التعصب والتصدى لخطاب الكراهية.

فى ظل عالم يموج بالصراعات وتاريخ مضرج بالدماء، صارت «الأخوة الإنسانية» مطمحًا يحول دونه العديد من العوائق والمشكلات الناجمة عن التعصب ورفض الآخر والاعتقاد بأفضلية كل فئة أو جماعة على ما سواها، حواجز عدة ينبغى هدمها فى سبيل التصدى لخطاب كراهية يسكن النفوس وتنطق به الأفواه وتتذرع غالبية مُطلقيه بأيديولوجياتها ومُعتقداتها المُختلفة.

البحث عن نقاط الاتفاق بين الثقافات والأديان المُختلفة قد يكون هو الخطوة الأكثر جدوى فى سبيل ترميم الصراعات اللا مُتناهية، وهذا ما انشغل به المفكر المغربى مصطفى بوهندى فى مشروعه الخاص بمقارنة الأديان، وفى عمله كمنسّق مختبر الأديان والعلوم الإنسانية فى جامعة الحسن الثانى، وكمدير «مركز أديان للبحث والترجمة»، و«مركز مراجعات للدراسات والأبحاث» فى المغرب.

فى هذا الحوار مع «بوهندى» نتطرّق إلى جهوده فى البحث عن القيم المشتركة بين الأديان، وأهمية ذلك فى الوقت الراهن، انطلاقًا من كتاباته فى هذا الصدد، وعلى رأسها كتاب «موسى والتوحيد»، وكذلك «الإضافة النوعية القرآنية»، وما يستدعيه ذلك بالضرورة من الجرأة والجسارة فى تفكيك التراث الدينى وتنقيته من شوائب تحض على الكراهية ونبذ الآخر فيما يُنافى جوهر الأديان ومقاصدها.

إلى نص الحوار:

■ عملت فى كتابيك «موسى والتوحيد» و«الإضافة النوعية القرآنية» على توضيح القواسم المشتركة بين الأديان.. ما مدى أهمية ذلك فيما تظن فى التأسيس لفكر مُتسامح لا يسعى إلى نفى معتقدات الآخر؟
- لقد جاء الدين بالأساس من أجل تعزيز القيم المشتركة، بدون تلك القيم لا يُمكننا الحديث عن دين الله القائم على المبادئ الإنسانية المشتركة. كل الأديان جاءت بالقيم المشتركة، وعندما نجعل الدين خصوصيًا أو عنصريًا أو قوميًا نفقد جوهره ولا يبقى سوى دين الطائفة أو الجماعة أو غير ذلك، لذلك، أرى أنه من الضرورى أن يعيد المجددون فى الأديان المُختلفة قراءة دينهم فى إطار الجوانب الإنسانية الأساسية والقيم المُشتركة، وليس فى إطار الخصوصيات الطائفية الضيقة.
ينبغى تعزيز الوعى بأن كل الكتب المُقدسة، سواء تلك الخاصة بالديانات السماوية أو غير السماوية تحمل حكمة الإنسان فى تطلعه نحو الله والمعرفة والقيم، وكلها تقوم على جوانب مشتركة كثيرة جدًا ومساحات اختلاف هامشية، ومن ثم، فحينما نُضيّق على أنفسنا ونقلب المعادلة بما يجعلنا نركز على الاختلافات الهامشية ونُنحى جانبًا نقاط الاتفاق، لا نبقى فى عالم الحضارة أو عالم الإنسان الذى يتفهّم أخاه الإنسان ويُدرك أن الناس أحرار فى أفكارهم ومعتقداتهم.

■ ما أبرز المُعوقات التى تراها حائلة دون تعزيز ثقافة الحوار بين الأديان؟
- المُعوق الأساسى برأيى هو غرور الإنسان الذى لا يرى سوى مُعتقَده ويؤمن بأنه الوحيد الصواب وكل ما عداه باطل، بينما الحق نسبى ويتعلق بزاوية نظر كل إنسان ومحدداته الاجتماعية، كما أن للآخرين ظروفًا أخرى ووجهات نظر أخرى ينبغى احترامها وتفهُمها، عندما نُقدِّر اختلاف الناس يمكننا الاستفادة من كل أفكارهم وآرائهم، وفى الآن ذاته نطرح عليهم خصوصيتنا دون أن تكون تلك الخصوصيات مُلغية للآخر، بل تكون مُغنية.
نحتاج إلى ثقافة متنوعة تقبل المُختلف وتبحث عنه، لذلك حوار الأديان ينبغى أن يتجه فى اتجاه الإغناء وليس فى اتجاه التسلُط والنظرة الأحادية التى تجعل الشعوب تتحارب ويُصفى وينفى بعضها بعضًا، فالأديان سبيل للتعارف والتكامل والتعاون فى المقام الأول.

■ ما المنهج الذى اتبعته فى دراسة الأديان بما مكنك من تجاوز أبرز المشكلات فى الدراسات الاستشراقية من قراءات عنصرية؟
- أرى فى المقام الأول أنه يجب التعامل مع القرآن ككتاب علم يُخاطِب العقل البشرى مباشرة، حينها سيُقدم لنا القرآن منهجًا عجيبًا لا يقوم على الإجبار أو المنع من التفكير، بل يُعزز التعامل العقلانى مع الآيات والأدلة والبراهين، ويفتح آفاق القارئ له على النظر فى كل شىء، بدءًا من النفس حتى الكون ككل، وهذا هو الانفتاح الكبير بالسؤال، آنذاك يصير الإنسان فى تعليم مستمر وتكوين لا نهائى، لا سيما حين يفيد مما تُقدِّمه الكتب المقدسة من قصص تقدم أسرار التاريخ والمجتمعات.
القراءات الذاتية للقرآن مُجحِفة، مثلما أن القراءات الأجنبية مُجحفة حينما تكون عنصرية؛ فحينما نقرأ تراث الآخرين من منظور كونهم مُشركين فإننا نُضيّعه. عندما قرأنا الدين المصرى القديم من منظور عنصرى وذاتى لم نفهم أنَهم قدموا دينًا للتوحيد والقيم، كذلك المستشرقون قرأوه من زاوية مسيحية، فلم يفهموا حقيقته كتراث عظيم يمثل أساسًا للتراث الدينى العالمى تنبغى قراءته فى إطار التطور الإنسانى فى التعامل مع الدين وفهم الحياة.
الأمر ذاته ينطبق على قراءة القرآن؛ فحينما نقرأ القرآن بعنصرية يختلط البشرى بالإلهى، وهو ما أدى إلى كثير من الانحراف فى الفهم والرؤية والتفسير والتأويل، والمطلوب مراجعة هذا التراث بشكل علمى من أجل الفهم، وليس من أجل أحكام القيمة، فالقرآن بيان يُكمل الكتب السابقة ويحفظها، وعندما نقرأ القرآن سنفهم الكتب المقدسة فى إطار كونها تراثًا دينيًا عالميًا.

■ قلت إن «المسلمين حافظوا على الثقافة اليهودية»، وربما تكون الثقافة الخاصة بالمرأة فى اليهودية هى الأكثر رواجًا فى الفكر الإسلامى.. إلام تُرجع ذلك؟
- يرجع هذا إلى أننا لم نقرأ القرآن كما تنبغى قراءته، القرآن نقرؤه بمناسبة الموت لا بمناسبة الحياة. فلم نرجع إليه ليقترح علينا سبل التعامل فى قضايا حياتنا المختلفة، اقتراحات القرآن هداية عظيمة ولن نغير حياتنا ما دُمنا نعتمد على ما وجدنا عليه آباءنا، لأن ما نعيشه من تخلف سببه ذلك، وإذا أردنا أن نتحرر علينا أن نلفظ الأفكار المتوارثة المُتكلسة، فالأساس فى الفقه هو إدراك الواقع ومعرفة مشاكله والرجوع إلى الشرع وإدراك مقاصده ومحاولة إنزال الشرع على الواقع بالعقل؛ فحينما لا نفكر فى الناس لا يمكن أن نغير الوضع وستبقى السلطات الدينية هى المُتحكمة.
لو تأملنا قصة مريم وملكة سبأ فى القرآن لا يمكن آنذاك التفكير من منطلق أنه «لا يُفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»، ولا يمكن أن نُنكر إمامة المرأة الدينية، رغم إمامتها فى جوانب مختلفة من الحياة، لا يمكن أن نخرج من ذلك ونحن فى فكر مُتكلس يتبع الأخبار والرواة ولا يتبع كلام الله. يجب أن تعاد قراءة القرآن بعيدًا عن هذا الموروث الثقافى، فإن جمعنا كل النصوص الواردة عن المرأة سنجد أنها تغطى جوانب اقتصادية واجتماعية وغير ذلك، لكن عندما تختار نصًا وتغمض عينيك عن نص آخر تكون كمن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض.

■ قدّمت فى كتابك «أكثر أبوهريرة» مُساءلة بحثية لروايات أبى هريرة المتعددة والواسعة.. لماذا برأيك الهجوم الضارى الذى شنه الكثيرون على هذا الكتاب تحديدًا؟ هل ثمة ميل راهن فى ثقافتنا الإسلامية الحالية لتقديس الأشخاص؟
- بالفعل، لقد اكتسب أبوهريرة وغيره من المُحدثين قداسة دينية، وصار كلامهم نصوصًا يؤمن بها الناس ويتبعونها، حتى صرنا أمام نص دينى مُنزل من الله، ونصوص أخرى مُقدسة للأئمة والعلماء والمُحدثين.. راوٍ مثل أبى هريرة روى الكثير من الأمور التى أصبحت من الدين رغم عدم منطقيتها، وفى الكتاب سعيت لإبراز التناقضات فى رواياته، وتساءلت كيف نقبل أمورًا تخالف القرآن وتخالف بعضها البعض؟
بيّنت من خلال الكتاب أن هذه الشخصية التى اعتبرها المسلمون مُقدسة وكلامها مُقدس تُقدم روايات تتناقض مع القرآن، كما أثبتُ أن أبا هريرة ليس صحابيًا لكنه روى بواسطة عن النبى، وحتى لو كان صحابيًا، فالصحابة ليسوا إلا بشرًا ويمكن أن يخطئوا، لو كان فى القرآن تناقض ما قبلناه فكيف نقبل كل هذا التناقض فى رواية أى شخص؟
لماذا تغمضون أعينكم على هذه التناقضات؟ لماذا تقبلون الروايات المتناقضة لهذا الشخص؟ كل المعضلات فى تراثنا بسبب هذا الشخص ومدرسته التى هى مدرسة الحديث، فهو من أكبر الرواد فى الحديث، وعبارة «أكثر أبوهريرة» ليست من كلامى ولكنها كلام المعاصرين له، وهو يقول بنفسه «ما بال الناس يقولون أكثر أبوهريرة»، فهو يعترف أن الناس فى زمانه كانوا يقولون أكثر أبوهريرة بمعنى أنه بالغ.
الكثير من المشاكل فى تراثنا بسبب الأحاديث التى جاء بها أبوهريرة. القرآن يُحدِّثنا عن الأنبياء حديثًا يراجع فيه الأديان الأخرى، ويأتى أبوهريرة بحديث يناقض القرآن ويستند إلى التوراة فيقبله الناس، كذلك يأتى بالحديث الموجود فى الإنجيل ورد عليه القرآن فيقبله الناس وكأن النبى هو الذى قاله.

■ لماذا لا تجرى مناقشات جادة حول ما يُطرح فى هذا الشأن؟
- لا يقبل الفقهاء المناقشة فى مثل هذه الأمور لا سيما مع الدارسين لما يُسمى بالعلوم الشرعية مثلى، لأننا نكشف العلل فيما يقولونه ونفضح المزورين الذين يُحدثون الناس بما يتناقض مع القرآن من روايات غير معقولة.، لن يقبلوا حديثنا عن ضرورة اتباع كلام الله وعدم تمجيد أقوال البشر، نحن بالنسبة لهم مخربون للمنظومة الدينية التى صنعوها، والتى هى موازية للدين تستمد شرعيتها منه، لكنها لا توافق ما قاله الله فى كتابه.
هؤلاء لا يقبلون الحوار، لأنهم لم يقبلوا بإعادة النظر فى أفكارهم وفى النصوص التى يحتكمون إليها. هذا يحتاج إلى تفكير، وهم لا يفكرون أصلًا إلا فى تنفيذ ما ورثوه عن آبائهم من أفكار ومعتقدات، ومن يخالفهم يعلنون الحرب عليه.

■ تؤكد فى أكثر من موضع على الفارق بين الحديث والسُنة رافضًا اعتبار الحديث مصدرًا ثانيًا للتشريع.. ألا تعتقد بأن تنقية الأحاديث وتفنيدها قد يكون أفضل من إقصائها؟ وإلى أى مدى تتفق مع رؤية التيار القرآنى فى هذا الصدد؟
- السنة التى أعتبرها وأعمل بها هى السنة العملية المُفصِّلة للعبادات من صلاة وصيام وغير ذلك، لكن الأحاديث لا أرى فائدة منها، فلو أن حديثًا من صحيح البُخارى ضاع أو عشرة أحاديث أو ضاع كله، فما الذى سينقص من الدين؟ لتذهب هذه المصادر التى اعتمدها السُنّة أو الشيعة أو غيرهما كلها إلى الجحيم ولن يؤثر غيابها فى شىء. يجب أن نعى تمامًا الفارق بين القرآن الذى يجب أن نحتكم إليه وكلام الفقهاء أو الرواة الذى يمثل آراءهم واجتهاداتهم، فكل فقه يمثل عصره وبيئته وظروفه وصالح له، ومن ثم ينبغى إعادة النظر فيه.
أما فيما يخص التيار القرآنى، فهم ليسوا اتجاهًا واحدًا لكن بشكل عام أتفق معهم فى أن القرآن هو مصدر التشريع الإسلامى، وإن كانت لى اعتراضات أخرى على أفكارهم التى هى اجتهاد بشرى، مثلما تأتى أفكارى كاجتهاد بشرى أيضًا، وحينما أتحدث عن الإسلام فإننى أقصد الإسلام الكونى الذى جاء به موسى وإبراهيم وعيسى ومُحمد باعتباره خاتم الأنبياء.. فعهد محمد هو عهد إكمال الدين وعدم الحاجة إلى المعجزات وتقليص الحواجز أمام الناس، هذا هو ما أفهمه عن الدين، وليس الفهم الضيق الذى يُقدم فى قراءات تراثية لا تعى أن هذا القرآن جاء للناس فى إطار التعاون على الخير.

■ قلت إن الفقهاء ورجال الدين فى القرون الماضية كانوا يفكرون فى قضايا جزئية عكس اليوم حيث يقتضى التفكير البحث فى مسائل كُلية ومنظومات شاملة.. ما الذى تقصده بالمسائل الكُلية فى هذا الصدد؟
- فى عالم اليوم تصير الأمور أكثر تعقيدًا مما كانت عليه فى السابق، وتتداخل شئون السياسة مع الاقتصاد مع غيرها، ومن ثم لا يمكن فهم الأحداث دون دراية بتعقيدات الواقع، وهذا ما ينبغى على الفقيه إدراكه، إذ يجب أن يكون عالمًا بالواقع والشرع. فجواب حلال وحرام فقط لم يعد ممكنًا فى عالم اليوم، وينبغى فهم الظاهرة ككل واستقراء الواقع، لأن غياب بعض المعلومات يعوق الحكم الصحيح فى أحوال كثيرة.

■ أحد الانتقادات الأساسية الموجهة لأى فكر دينى مُغاير الحديث عن فتحه الباب أمام الفروقات وزعزعة العقيدة لدى الغالبية المُسلمة ممن ليس لديهم القدرة على الفحص والتحليل.. كيف ترد على ذلك الرأى؟
- الذى يجب أن يعرفه مثل هؤلاء الفقهاء أن هذا الانفتاح الإعلامى والتكنولوجى ضيّع عليهم كل السلطة، وإذا لم يقدموا حديثًا مُقنعًا سيتركهم الناس وسيفقدون وجودهم وشرعيتهم، فعليهم أن يفهموا أنه يجب أن يطوروا بحثهم، ليقدموا للناس شيئًا جديدًا.. الشباب فى الوقت الحالى أصبحت لديه قدرة على الوصول للمعلومة أكثر من الأجيال السابقة، وسيذهب إلى الإلحاد إن لم يجد من يُخاطب عقله. نقول لهؤلاء الذين ما زالوا يفهمون: الناس بحاجة إلى قراءات جديدة تحل مشاكلهم، فهم لا يريدون الكلام المُرسل، وسيذهبون للاتجاهات التى تحل مشاكلهم اليومية إن لم تقدموا لهم حلولًا واقعية من خلال دراسة واقعهم ومعرفة ما ينفعهم بالفعل.
إن كان ابن تيمية والطبرى فقيهى عصرهما، فأين فقهاء عصرنا؟ كل واقع يحتاج إلى فقهاء يفقهون الواقع ويعرفون مقاصد الدين وليس القيم المرتبطة بطائفة أو جماعة، وعندما نفهم الدين والواقع نعرف أن حل مشكلات الناس والبحث عمَّا ينفعهم هو الأجدى، فالدين جاء لمنفعة الناس وليس لنفع الله الذى لا يحتاج لنا. إن نظرنا إلى تجربة الإسلام السياسى فى دول عربية على سبيل المثال، نجد أن الناس كانوا فى وقت ما يعقدون عليهم الآمال، لكن التجربة أظهرت أن آمالهم لم تكن فى محلها، لأن تلك الجماعات فكرت فى تحقيق مصالحها وأهملت ما يحتاجه الناس فى واقعهم.

■ أخيرًا.. هل ثمة عمل جديد تعكف عليه فى الوقت الحالى؟
- نعم، أكتب عن قصة الحضارة، وكيف أن الدين بشكل عام، وخصوصًا اليهودى والمسيحى سُرِق من إفريقيا إلى أوروبا، وقدموا لنا دينا أبيض غير الدين الحقيقى. نكتب فى قصة الحضارة بناء على الترتيب الكتابى من الإنسان الأول إلى اليوم بقراءة التاريخ الدينى والجوانب الطبيعية والتاريخية والأثرية وغير ذلك إلى أن نصل إلى الديانة اليهودية والمسيحية والإسلامية، فهو بحث فى تعدد المعارف وتداخل العلوم ومشروع نقدى لقصة الحضارة كما قدمها لنا الغرب.
لا أركز فى العمل على أحكام القيمة، ولكنه دراسة تاريخية تعيد قراءة التاريخ وقصة الحضارة بعيدًا عن المنظور الغربى السائد لها، فقد حُمِل تاريخ الجنوب إلى الشمال، وأصبحنا نتحدث عن تاريخ الجنوب كأنه تاريخ الشمال؛ ليصبح الأوروبى هو ناقل الحضارة، وهذا كله كذب وما سماه من حضارات هى لشعوب أخرى وليست أوروبية.