رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«لص الإنجازات».. خطة 2021 للحد من «فيروس» الزيادة السكانية بمصر

الزيادة السكانية
الزيادة السكانية

تعكس مؤشرات الساعة السكانية في مصر وصول عدد السكان من 9 لأكثر من 100 مليون نسمة، خلال الفترة من عام 1900 إلى 2020، الأمر الذي كان سببًا كافيًا أمام الحكومة لإعادة تهيئة وتعديل خطط تنظيم النسل في مصر، وبالفعل وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي ببدء تنفيذ خطة استراتيجية صارمة مع حلول عام 2021؛ للحد من أزمة التعداد السكاني المستمر في الصعود.

تحدٍ كبير يواجه الدولة مع بداية عام 2021، التى تحاول بالتزامن مع مواجهة هذه الأزمة النظر لجميع مواطنيها، كإضافة إيجابية لها وليس عبئًا، إذ وجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بالانتهاء من إعداد عرض متكامل عن الاستراتيجية والخطة التنفيذية للمشروع القومي لتنظيم الأسرة 2021 - 2023، وآليات تنفيذها، بالتعاون والتنسيق بين الوزارات المختلفة تمهيدًا لإطلاقها مع بداية العام الجديد.

قبيل البدء في تنفيذ خطة 2021، تستعرض «الدستور» فى السطور التالية، أطر الخطة الاسترتيجية التي ستعمل الدولة على تنفيذها في الأيام القادمة للحد من الزيادة، من خلال التواصل مع القائمين عليها والمسئولين عن مواجهة الأزمة ووضع الحلول المثلى.

القومي للسكان: توفير طاقم طبي مدرب وحاصل على زمالة تنظيم الأسرة

والدكتور عمرو حسن، المقرر السابق للمجلس القومى للسكان، أشار إلى أن هناك 3138 منطقة سكنية في مصر محرومة بشكل كامل من خدمات تنظيم الأسرة، لذا اتخذت الدولة قرارًا جديدًا مؤخرًا بشأن توزيع وسائل الحمل على القرى بالمجان داخل الوحدات الصحية.

"أول حل جذري أننا نفتح الـ1250 وحدة صحية من جديد"، قال "حسن": إن المشكلة الرئيسية في أزمة الكثافة السكانية هي الوحدات الصحية المغلقة داخل القرى، حتى نتمكن من تنظيم الاستراتجية الجديدة بشكل جيد، وأيضًا تدريب الأطباء وطاقم التمريض على الأمور المتعلقة بخدمات تنظيم الأسرة، وصرف الوسائل الهرمونية تحت إشراف أطباء وصيادلة لديهم الخبرة في إرشاد الأهالي لوسائل منع الحمل التي تناسب حالاتهم.

وتابع: "يجب العودة إلى النظام الذي كان يُتبع في الثمانينيات من حيث استخدام اللوالب طويلة المدى، وهي منتجات يستمر مفعولها لفترة تترواح من 5 - 7 سنوات، بالتالي لن تتردد السيدات على المستشفيات والوحدات الصحية لفترة طويلة، ما سيسمح لأشخاص آخرين بالحصول على الجرعات المخصصة لهم دون مواجهة مشكلة نقص وسائل منع الحمل أو التزاحم على الوحدات الصحية".

وبدوره كمقرر سابق للمجلس القومي للسكان، أوضح "حسن" أن ثورة 30 يونيو أفردت دستورًا جديدًا تضمن لأول مرة مادة تنص على التزام الدولة بتنفيذ برنامج سكاني يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة، وتعظيم الاستثمار في الطاقة البشرية وتحسين خصائصها، وذلك في إطار تحقيق التنمية المستدامة، مضيفًا: "في الوقت الذي وضعت في الحكومة المصرية أهداف الاستراتيجية القومية للسكان عام ٢٠١٥، كان من المتوقع وصول عدد السكان فى مصر فى عام 2020 إلى 94 مليون نسمة، ولكن حدث غير ذلك حين بلغ 101 مليون نسمة فى 3 أكتوبر 2020، أى زيادة 7 ملايين نسمة عما كان مخططًا له".

تحدث أيضًا عن التحديات التي تواجه خدمات تنظيم الأسرة، وأبرزها قلة تدريب الأطباء داخل الوحدات الصحية على التعامل مع الأمر، وسوء توزيع الأطباء وتكدسهم في المناطق المركزية، وعدم تفعيل وسائل المتابعة والتقييم، وتراجع نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة طويلة المفعول، مطالبًا بتفعيل دبلوم طب الأسرة بالزمالة المصرية، ما يساعد على تخريج من 600 إلى 800 طبيب سنويًا مؤهلين للعمل.

ونوه "حسن" بأن لجنة التضامن الاجتماعي في البرلمان كان لها دور، والتي كانت المسئولة عن ملف السكان، موضحًا أنه كان يجتمع دائمًا معهم لعرض وتقييم الاستراتيجية، لذا طلبنا منه التواصل مع أحد أعضاء اللجنة لمعرفة الدور التي قامت به تجاه تفعيل الاستراتيجية.

مسئول وزارة التضامن: توسيع دائرة تصنيع وسائل منع الحمل أبرز معالم الخطة الجديدة

وأوضح النائب محمد أبوحامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب سابقًا، أن الاستراتيجية القومية التي وضعتها الحكومة المصرية عام 2016 ليس هدفها خفض عدد السكان فقط، ولكن تحسين خصائص السكان، وتوزيع السكان على المناطق الجغرافية في مصر، لأن عدد السكان الحالي يشغل مساحة صغيرة من المساحة الكلية للدولة.

"للأسف استراتيجية 2016 لم يتم تفعيلها بشكل كامل رغم كونها متكاملة"، قال "أبوحامد": إن الفترة التشريعية التي قضاها في البرلمان شهدت طلبات عدة لوزارة التضامن من أجل تفعيل هذا الأمر، حتى أعلن مجلس الوزراء منذ أسبوعين فقط عن استراتيجية جديدة بمحاور مطورة سيتم العمل عليها لمواجهة المشكلة السكانية، هدفها التمكين الاقتصادي للمرأة، وتشغيل مراكز تابعة لوزارة التضامن لتقديم استشارات متعلقة بتنظيم الأسرة، وتدريب الأطباء والممرضين على العمل في هذا التخصص.

أضاف: "ما تم إعلانه حتى وقتنا هذا ما هو إلا أجزاء صغيرة من الاستراتيجية، ويعتبر بداية تحرك جيد تجاه هذه القضية، بالأخص أنه تحت إشراف رئيس الوزراء، لكن يجب توافر آليات لمتابعة ما تم تنفيذه في مشكلة الكثافة السكانية، حتى لا نتعرض للمشكلة السابقة من حيث عدم تنفيذ الأمور المتفق عليها".

أما عن وسائل منع الحمل في المستشفيات والوحدات الصحية، أشار "أبوحامد" إلى توصيات تم الاتفاق عليها، وهي توسيع قاعدة الشركات المنتجة والمصنعة للوسائل محليًا وعالميًا لكسر الاحتكار وتخفيض الأسعار، بجانب توسيع قاعدة الدول المسموح الوسائل منها لضمان الجودة، وتسهيل إجراءات تسجيل المنتج في خلال 6 أشهر كما تنص اللوائح، وتوفير إعفاءات جمركية لوسائل تنظيم الأسرة، وأخيرًا التنسيق بين القطاع الخاص والوزارة فى تقدير الاحتياجات والشراء.

طبيب في وحدة صحية: يجب توفير طاقم طبي مدرب للتعامل مع السيدات

توجهنا بعد ذلك إلى وحدة صحية داخل قرية صغيرة تقع بالقرب من مدينة المحلة الكبرى، لنتقابل مع طبيب النسا المتواجد بها، والذي اتضح عدم توافر وسائل تنظيم الأسرة له داخل الوحدة، لكنه يعرف كيفية التعامل مع الأمر، وإرشاد السيدات للحلول المناسبة في تنسيق عملية الحمل، من خلال بيع لوالب لهم قيمتها 2 جنيه فقط، لكنها ليست طويلة المفعول، وهذا ما يضطرهن للذهاب إلى الوحدة بشكل دوري، من أجل استبدال اللولب.

وبيَّن الطبيب أن طاقم التمريض المكون من ثلاث أفراد داخل الوحدة، ليس لديه الخبرة الكافية للتعامل مع أمور تنظيم الأسرة، لكنهم يحاولون جاهدين المتابعة المستمرة مع السيدات المترددات على الوحدة، وتوفير المنتجات أو العقاقير الطبية المناسبة لحالتهم الصحية، كما يجلسون معهم في بعض الأحيان بهدف توعيتهم من مشكلة تكرار الإنجاب، والسير على معدل معين لتجنب حدوث أزمة سكانية في مصر.

وواصل: "هناك العديد من السيدات الراغبات في تأجيل مولودهم الثاني بعد الإنجاب، لذا يلجأون للوحدة الصحية حتى يتعاملوا مع الأمر بشكل طبي، لكن هناك أزمة في قرى عدة تشهد انقطاع تام من الوحدات الصحية أو توافر أطباء وممرضين لها يستطيعون مساعدة السيدات على تأجيل ومنع الحمل بشكل سليم، ما يؤثر على صحتهم مباشرة في حالة تناول عقار مغلوط".

مدير مستشفى الجلاء السابق: حملات التوعية بأنواع وسائل الحمل وأكثرها أمانًا

الدكتور محمد إسماعيل، استشاري طب النساء والتوليد ومدير مستشفى الجلاء السابق، أرجع مشكلة الزيادة السكانية في مصر إلى المفاهيم والمعتقدات المغلوطة لدى غلبية الأسر المصرية؛ لأن الاعتقاد في زيادة المواليد والإنجاب بكثرة من أجل تكوين "عزوة" أو "عيلة" كبيرة هي السبب الأكبر بل والرئيسي في الأزمة السكانية التي تحتاج إلى تعديلها وتصحيحها عن طريق سبل وبرامج متنوعة ومختلفة.

وذكر استشاري طب النساء والتوليد أن التثقيف الصحي بشأن وسائل منع الحمل وتنظيمه في غاية الأهمية، ويجب التأكيد والتوعية باستخدام الوسيلة الأمنة للسيدة من أجل تنظيم النسل، وذلك عن طريق استشارة الأطباء المتخصصين أو مديريات الصحة التي تنظم حملات تنظيم الأسرة، ملفتًا إلى توعية السيدات بأنواع وسائل الحمل وأكثرها أمانًا على صحتهن لاستخدامها بشكل فعال وسليم، من أجل تحقيق هدف الحد من الزيادة السكانية السلبية.

أوضح استشاري طب النساء والتوليد أن برامج تنظيم النسل والحملات التثقيفية والتوعوية هي وسيلة رئيسة وأساسية للحد من زيادة معدلات المواليد في المجتمع؛ لأنها تعمل على التخاطب المبار مع عقول الأسر المصرية وتصحح المفاهيم المغلوطة لديهم، ونشر ثقافة البحث عن مستقبل أفضل ومستوى معيشي جيد للأسرة والأطفال بدلًا من مفهوم العيلة والعزوة، مؤكدًا أنه يجب تكثيف تلك البرامج في كل محافظات الجمهورية لا سيما المحافظات الريفية التي يقل فيها معدلات التعليم والعمل نسبيًا عن الحضر.

خبير اقتصادي: تغيير المعتقدات الراسخة لدى العقول.. بداية الحل

الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، كشف عن أن معدلات الزيادة السكانية المرتفعة لها أثرها السلبي الكبير على معدلات التنمية في المجتمع، مرجعًا ذلك إلى أنه على الرغم من تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة إلا أن المواطن لا يشعر بالفارق بالنسبة لوضعه الاقتصادي، وهذا لأن الزيادة السكانية تقف حائلًا أمام تنمية المجتمع وتحسين مستوى المعيشة على الرغم من نمو اقتصاد الدولة.

المشكلة تكمن في كيفية تغيير ثقافة المصريين بشأن الإنجاب أكثر من مرة، هكذا يرى الخبير الاقتصادي، مستطردًا أنها تعتبر من المعتقدات الراسخة التي تعمل الدولة المصرية على تغييرها إلى الاكتفاء بطفلين فقط، وذلك من أجل توفير حياة كريمة لهم بالشكل الذي لا يجعلهم عبئًا على الأسرة والمجتمع ومن ثم الدولة، مشيرًا إلى أن الحل يبدأ من أفراد الأسرة المصرية وعدم إنجاب أكثر من طفل طالما لا يتوفر له احتياجاته الأساسية من مأكل وملبس وتعليم وصحة، لأن كل ذلك سيؤثر على مستقبل المجتمع والدولة.

وعن وضع حلول لأزمة الزيادة السكانية، أوضح الخبير الاقتصادي أنه يمكن تحقيق استفادة من وراء مؤشرات الزيادة السكانية المرتفعة، وذلك من خلال تغيير مفاهيم المواطنين عن العمل الحرفي لذين يرفضونه على الرغم من احتياج الدولة له، إذ إن استغلال الزيادة السكانية في العمل وتدوير العجلة الاقتصادية وتشغيل المصانع والشركات، بهدف تحقيق مكاسب استراتيجية للدولة من خلال زيادة نسب العمل وخفض معدلات البطالة، ومن ثم ارتفاع معدلات الاستهلاك، مشيرًا إلى أن كل هذا في الأخير ينتج عنه تأثيرات بالشكل الإيجابي على اقتصاد الدولة الذي من شأنه تحسين أوضاع المواطنين.

500 ألف نسمة كل 100 يوم تقريبًا

أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء عن أنه في يونيو الماضي قد قفز عدد سكان مصر إلى 100 مليون وخمسمائة ألف نسمة وفقًا للساعة السكانية، بعد أن كان عدد سكان مصر في 11 فبراير الماضي مائة مليون نسمة وفقًا لنفس الساعة السكانية، مما يعني زيادة عدد السكان حوالي خمسمائة ألف نسمة خلال 125 يومًا وفق الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.