رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سامح فايز: أخطر ألاعيب دور النشر هو صناعة نجوم وهميين

سامح فايز
سامح فايز

وصل كتابه "بيست سيلر" للقائمة القصيرة لجائزة ساويرس فرع النقد للعام الحالي، والكتاب صادر عن الدار المصرية اللبنانية، حيث حاول فيه مؤلفه تلخيص تلك الظاهرة والوقوف على الأسباب التي تجعل بعض دور النشر تقوم ببعض الألاعيب في مقابل انتشار كتابها، ومنها عدد الطبعات المزورة وغيرها، «الدستور» التقى سامح فايز مؤلف الكتاب وكان معه هذا الحوار..

• في البداية ماذا تقول عن وصولك للقائمة القصيرة لجائزة ساويرس.. وبرأيك ما هى أهمية الجوائز للمبدع؟
- سعادة غير متخيلة بوصولي للقائمة القصيرة، الجوائز عمومًا نقطة تحول مهمة جدًا في حياة أي كاتب؛ في ظل عالم متخم بآلاف الكتاب وملايين الكتب، نحتاج لدائرة ضوء تلفت انتباه الجميع إلى شخص واحد فقط، وهذا ما تقدمه الجوائز عمومًا، وتنجح فيه بشدة خصوصًا مع جوائز مهمة مثل ساويرس في مصر أو الجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر".

• نشر معظم الكتاب في شكل مقالي قبل أن يتم تجميعه في كتاب.. ما هو الاختلاف الذي طرأ عليه بين نشره كمقالات وصدوره في كتاب مجمع؟
- الاختلاف الوحيد هو توثيق المشروع الذي عملت عليه لسنوات من خلال الرجوع إلى الأرقام والبيانات، والتأكد منها بشكل أكثر دقة منذ بداية نشر سلسلة الموضوعات عام 2014 في جريدة القاهرة، مرورًا بجريدة الحياة اللندنية ثم موقع حفريات، وحتى نشر الكتاب 2019، كنت أعمل بشكل استقصائي بحثي على كل موضوع منشور، ضمن خط عام وضعته لنفسي منذ اللحظة الأولى، هل يقرأ الشباب بالفعل أم أن القراءة انتهت بينهم؟ وما تفسير توجهات القراءة لدى الشباب من وجهة نظر علم الاجتماع والنفس، والأثر السياسي الذي خلفته أحداث الربيع العربي على الشباب!

• بيست سيلر يبحث في ظاهرة أرّقت الكثيرين وهى ألاعيب دور النشر وغيرها من أجل البيع، في رأيك ما هى أهم هذه الألاعيب؟

- أهمها وأخطرها صناعة نجم وهمي عن طريق استخدام نفس أدوات صناعة النجم الحقيقي في عصر بات يسهل فيه خلق أبطال من ورق، وذلك عن طريق ألتراس الأدباء على السوشيال ميديا، أو ما نستطيع أن نسميه باللجان الإلكترونية الثقافية، التي تتوجه للدفاع عن كاتب معين، أو تمجيده، بشكل مأجور أحيانًا، أو بشكل فيه جهل بحقيقة ما يدافعون عنه وهو الأغلب، إلى جانب فساد عملية توزيع الكتاب في مصر والتي باتت مرتبطة بمافيا تتحكم في الكتاب الذي يجب أن يبيع من عدمه، بعض المكتبات تتعمد تجاهل كتاب ما وقتله أحيانًا لصالح كتب أخرى، وهى مسألة مرتبطة بالسوق وضرورة السيطرة عليه من هذه المافيا، والتي للأسف معيارها الأساسي هو الكتب المباعة في أسواق الخليج، التي يجب أن تقف عند حدود معينة لا تخدش حياء الثقافة الخليجية، من تجاوز للدين والجنس والسياسة، المسألة التي باتت تتحكم في شكل صناعة الكتاب المصري حتى قبل أن يطبع!

• أجريت حوارات مع أهم البيست سيلر وضمنتها الكتاب مثل مراد وخالد توفيق.. كيف تفسر ظاهرتيهما بشكل موجز؟

- نجاح مراد وتوفيق مرتبط بشكل كامل باحتياج المرحلة سواء فترة التسعينيات بالنسبة للراحل أحمد خالد توفيق، أو 2010 بالنسبة للكاتب الشاب أحمد مراد؛ ظهر توفيق في فترة خفت فيه بشكل متعمد الترويج للأدب بشكله المكرس المعروف، الناتج من رحم اليسار المصري، الذي ضل طريقه بعد سطوة تيارات الإسلام السياسي وهروب أغلب أقطاب اليسار إلى لبنان ودول الشام أو أوروبا فرارا من الملاحقة السياسية، أو بحثًا عن عالم أكثر رحابة بعيدًا عن الزحف الإسلاموي، المسألة التي أحدثت فجوة فعلية في تكوين أجيال القراء، مع غياب واضح للدور المؤسسة الثقافية الحكومية. ونتج عن ذلك شباب ذو خلفية دينية مشوهة، لا هى عرفت الدين بشكله الصحيح، ولا هى أدركت شغفها الحقيقي للقراءة الناتجة عن تصاعد فعلي لمشهد ثقافي كرسه اليسار المصري منذ ثلاثينيات القرن العشرين، وذلك كان سر نجاح سلسلة كتب الجيب الصادرة عن المؤسسة العربية الحديثة عمومًا، وليست توفيقًا وفقط، السلسلة التي حفظت لنا شغف القراءة لدى الشباب دون أن تقترب من الثالوث المحرم لدى رجال الإسلام السياسي، الجنس، السياسة، الدين، تجنبًا للصدام بأصحاب العمائم.

ثم جاء مراد فقدّم وجبة أعتبرها نقلة مهمة في طريق القراءة لدى هؤلاء الشباب، فكاتبهم الأهم الذي يعتبر تلميذًا للعراب أحمد خالد توفيق، يقدم كتابات بها جنس، ونقد للأديان بشكل لا نهائي، خصوصًا في روايته موسم صيد الغزلان، التي اعتبرها أغلب قرائه تدعو للإلحاد. ما سبب صدمة لذلك العالم، صدمة أعتبرها إيجابية دفعتهم للنقاش، وتخلص بعضهم من ثقل الماضي الإسلاموي، والهرب من سطوة الكتابة المحافظة، وبالتبعية، العالم المحافظ الذي سيطر لثلاثة عقود منذ الثمانينيات من القرن الماضي.

• أخيرًا.. ما هي أهم النتائج التي توصلت إليها بعد انتهائك من هذه الدراسة؟
أن الشباب يقرأ، وأن أكذوبة العربي الذي يقرأ 6 دقائق في السنة يجب أن يتخلص من ذكرها الإعلام المصري والعربي؛ بالعودة إلى مصدر تلك الأكذوبة سنجد أنها منسوبة لتقرير صدر عن الأمم المتحدة عام 2003، بمعنى أنه مضى عليها 18 سنة، حدث فيها انتفاضات، وثورات، وتغير العديد من الرؤساء، وسيطرت السوشيال ميديا، واحتل الذكاء الأصطناعي حياتنا، ثم أن التقرير نفسه بالعودة إليه بنسخته الإنجليزية ذكر في الهامش أن الأرقام التي استند إليها غير دقيقة، ويجب التعامل معها بحذر!

وفي نفس التقرير ذكر أن مصر يصدر عنها 9 آلاف عنوان في السنة، وهو الرقم الذي تعتمده للأسف جميع الدراسات المتعلقة بالقراءة في المنطقة العربية حتى اللحظة، وهو الرقم الموجود على موسوعة ويكيبيديا أيضًا، علمًا بأن نشرات الإيداع الصادرة عن دار الكتب المصرية منذ عام 2010 وحتى العام 2020 وثقت أن عدد العناوين الصادرة في مصر 22 ألف عنوان، يطبع منهم 20 مليون نسخة سنويًا بحسب دراسة عن حالة القراءة في مصر صدرت عام 2016 للدكتور زين عبدالهادي أستاذ علوم المكتبات بجامعة حلوان، ومدير مكتبة العاصمة الإدارية.