رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسرار لاجئي الحروب العالمية في مصر.. أحبوا الفول والعشاء البدوي والملايات اللف

لاجئي الحروب العالمية
لاجئي الحروب العالمية في مصر

بعد رحلة مخيفة فى البحر المتوسط هربًا من القذائف اليومية التى تدكّ بلادهم، خلال الحربين العالميتين، استقر لاجئون في مصر، فكانت البلد الأكثر رحمة بهم من جيرانِهم.

وجد بعض السياسيين اللاجئين فى مصر بلدًا آمنًا، يرسلون منه رسومات كاريكاتير، وأعلامًا وشعارات، وخطابات، ونشرات سياسية ضد هتلر.
آخرون كانوا يعملون بالرسم والنحت والأعمال اليدوية، فوفَّر لهم المخيم متحفًا صغيرًا للعمل وعرض أعمالهم.
جرى الدم فى عروق الأوروبيين مرة أخرى بعد العذاب الذى ذاقوه على الجانب الآخر من البحر، من خرائب أوروبية تنهار يوميًا تحت ضربات المدافع، إلى جنة تحفّها البحار فى مصر، وحياة ليلية مليئة بالسهرات، حتى زال «حلم العودة».. ففى الصور، التى نشرتها مكتبة الكونجرس للاجئين الأوروبيين في مصر، تظهر وجوه باسمة لا تعانى كما يعانى لاجئو السنوات الماضية بأوروبا، إلى جوار أطفال يلعبون ويسبحون فى الشواطئ، وأوروبيات عجائز فى جلسات نميمة، تحت العلم المصرى.
وبسبب العمالة داخل المخيمات، جمع بعض اللاجئين ثروات من اليوميات والرواتب التى يحصلون عليها من أعمالهم، فأغرتهم الأكلات المصرية، وكانت أفواج منهم تخرج يوميًا لمحلات ومطاعم وعربات فول حول المخيمات، ففى العريش والبحر الأحمر وقعوا فى حب الحياة البدوية وأصناف اللحوم المدفونة فى الرمال.. وفى الإسكندرية، قلدت الأوروبيات الأزياء السكندرية كالعباءات القديمة والملاية اللف، وبعضهم بقى فى الإسكندرية لينضم للجاليات الأجنبية التى تعيش بالإسكندرية، وربما يعيش أحفادهم هناك حتى الآن.
وفق مكتبة الكونجرس، كانت أكثر السلع شراءً «الفول والزيتون والزيت والفواكه والشاى والقهوة والصابون وشفرات الحلاقة وأقلام الرصاص والورق والطوابع».
حياة كاملة عاشها ٣٠ ألف لاجئ أوروبى فى مصر لما يقرب من عامين، ١٨ شهرًا فى «البيت الآمن» أثمرت ٣٠٠ زواج، وميلاد ٦٥٠ طفلًا، عادوا إلى بلادهم مطلع ١٩٤٦ بعدما هدأت المدافع، وانطفأت نيران الحرب العالمية الثانية، وانتحر هتلر، وتوحَّدت أوروبا، وأعادت قوات أوروبا الشرقية إعمار المدن المُدمَّرة.