رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أن نثق بما نراه.. كيف غيرت الفوتوغرافيا صورتنا عن أنفسنا (الحب)


عن الحب كيف تختلس الكاميرا لحظاتنا الساحرة ، وتجسد ذاك الشعور الغامض بلا تعريف ، يقول الإمام ابن عربي "إنما الحب ما ثبت "ثمة لحظة من زمان لا يمكن سوي للصورة أن تخلدها للأبد
من الوهلة الأولي التي ظهرت فيها صورة الزفاف( عصر الملكة فيكتوريا ) ،اتجه الأزواج إلى الفوتوغرافيا كوسيلة لرواية قصصهم ومشاركة أغلى ذكرياتهم ولحظاتهم الحميمية ، تنتقل الصور الباليةمن جيل لجيل ، وتوثق ألبومات الصور العائلية القديمة أهميةاللحظات الحميمية والحب ، ثمة حاجة قوية لدي الإنسان لتسجيل لحظاته الساحرة وتذكرها ، فالأشخاص لديهم علاقة حميمة بصورهم الشخصية ،هي مواد مثيرة للذكريات،شهادة علي حياتهم وتجاربهم وبفحص هذه الارتباطات نتمكن من رواية تاريخنا والامتزاج بأنفسنا ولحظاتنا الخاصة .
يتعقب المصورون حميمية الحب عبر الطريقة التي ينظرون بها للعالم .. عبر رغبتهم أن يكونوا شهود علي الحياة ،ناقلين للتجارب التي يختبرونها ولو بشكل عابر.
يقول (Jean-Louis) " العلاقة الحميمة شيء خاص عندما تفلت من المصور ، تعلن عن وجودها ، عنفها ،قوتها ، وفية بغير قصد لغموضها،هي إذن أسيرة الصورة "
عندما يشارك المصور لحظة خاصة مع جمهوره فهو يرتبط معه برباط سحري يترك جزءا من ذاته مع الأخرين ، في صورة بعنوان (عناق) للمصورة (Lauren Pisano.) وهي صورة شخصية لها مع زوجها الصورة ناعمة لا تسجل التفاصيل ولا تظهر الوجوه ما يهم حقا هو سحر اللحظة وبساطتها زوجان منحصران معا في طرف الكادر ممتزجان ومتحدان

عناق للمصورة Lauren Pisano.

تقول المصورة لورين بيسانو(Lauren Pisano.)"هذه الصورة هي صورة شخصية مع زوجي. أردت في البداية التقاط صورة لانعكاسه في المرآة الضبابية ، لكني شعرت أنني أسجل صورة جنسية ، فقط عندما استرخيت بين ذراعيه ، شعرت أنها اللحظة المناسبة.أعتقد عندما ترتبط الناس بصورة ما على المستوى الشخصي، فإن ذلك يساعدهم على سرد قصتهم ورؤية أنفسهم بطريقةلم يلاحظوها من قبل، من أجل هذا أحب التصوير لأنه يسمح بالتشارك لهذا الحد "
تعتبر ياسمين يوسف أن المقياس الوحيد للحب هو "الطمأنينة وحدها التي تغمر قلبك، والسكينة التي تملأ روحك ،أن تستعيد نفسك التي تحبها وتستعيد شعورك بالحياة معه كفيلًا بأن يجعلاك تُحِب، فتهدأ في محيطه وتَستعِين به علي ما يُرهُقك " هكذا تجسد فيفيان ماير جانبًا مختلفًا من العلاقة الحميمة (الراحة) أن تكون مطمئنا .

Vivian Maier (American 1926-2009), Florida

الصورة داخل حافلة أو قطار ، ينصب التركيز الرئيسي في الصورة على زوجين مسنين ، وتضع المرأة رأسها على كتف الرجل. ثمة شعورا بالدفء،الراحة التي تصاحب الألفة. قد لا يكون هذا هو الجانب الأكثر رومانسية للعلاقة مع البعض ، ولكن هناك نوعًا معينًا من الجمال في الحياة اليومية الذي يتم تجميده في هذه الصورة. قد يعتبر البعض التنقل وقت للعزلة ، وللبقاء مع نفسك ولكن فيفيان ماير تري أن التأمل الذاتي لا يكتمل إلا بحضور الرفقة الأمنة التي تحتويه .إنها لحظة يغفل عنها الكثير منا ، وهذه هي اللحظات التي اختارت ماير التركيز عليها.هنا تكمن شاعرية صور ماير في قدرتها على التقاط لحظات تبدو صغيرة وغير مهمة وتحويلها إلى إحساس جميل يتشاركهالعالم


Vivian Maier (American 1926-2009)
"الحب أن أكون ممتلئة بك فلا يسعني غيرك " التقطت المصورة فيفيان ماير لقطة في مدينة نيويورك لزوجين جالسين على طاولة ، بدلاً من التقاط الصورة من زاوية منخفضة ،التقطت الصورة من زاوية علوية في لحظة تحتضن المرأة بيد الرجل بكلتا يديها. مفتونان بنظرات بعضهما البعض، تُظهر هذه الصورة إحساسًا بالشوق ، وأن هناك مسافة ما في المكان أو الزمان تفصل بينهما ، والطريقة الوحيدة للتعويض عن هذه الخسارة هي أن يكونا محاطين ببعضهما البعض قدر الإمكان في اللحظة الحالية . حتى لو كان هناك أفراد آخرين في المطعم ، من خلال عدسة كاميرتها حذفت الأشخاص حولهما ،هنا تجسد ماير الشعور بالارتباط والضياع في عالمنا.
عبر تحليل لصور المصورة فيفيان ماير تري (Jenna Shamoon) "نتمتع الآن بقدرة علي التقاطصور لتجاربنا الخاصة ، و اقتصاص لحظات الحبوتأطيرها بالطريقة التي تناسبنا،ونشر لحظات تسمحللآخرين بمشاهدة وتمجيد لحظة مختارة من حياتنا. لهذا تحديدا تصبح صور ماير أكثر أهمية لأنها لحظات عفوية بسرعة مرور اللحظة. .الحياة عابرة ، وكذلك اللحظات التي تتكون منها تجاربنا.صور ماير تجسد هذه اللحظات الهادئة من الحميمية وتخلدها، وتذكرنا بأن الإيماءات الصغيرة التي نقوم بها لبعضنا البعض تحمل نفس القدر من الحب والقوة مثل الإيماءات الكبرى".
يعمل كل من Trine Søndergaard و Nicolai Howalt بشكل تعاوني منذ عام 2000. يعتمد عملهما علي تشارك مفهومها عن الجمال مشروعهما N + T عبارة عن سلسلة فوتوغرافية صورت خلال بداية علاقتهم.منذ التقيا عام 1998 تمثل الصور الحياة كما شعروا بها وعايشوها. كان هدفهم هو العمل بدون رقابة والتقاط صور للمواقف والتفاصيل واللحظات التي لا يتم تصويرها عادة أو تمثيلها في ألبوم العائلة.



مشروع (N + T) للمصورين Trine Søndergaard و Nicolai Howalt



صورة عن وكالة Associated Press
ربما تجسد صورة رفات أعيد اكتشافها عام 2007 في مانتوفا بإيطاليا. مقولة يوسف الدموكي "جمال الحضن في طول انتظاره، وأبدية تذكاره."هذا حضن يمتد إلى 5000 عام.يمكن أن تكون أقدم قصة حب في البشرية كتشفت الجمعية الأثرية SAP في شمال إيطاليا ، زوجًا من الهياكل العظمية البشرية التي تم العثور عليها في موقع بناء خارج مانتواالمدينة حيث كتب شكسبير حكاية "روميو وجولييت" اكتشف علماء الآثار الهياكل العظمية ، التي يعتقد أنها لرجل وامرأة ، من العصر الحجري الحديث ، ودُفنت ما بين 5000 إلى 6000 سنة مضت.
هذه صورة تجعلك تسكنها ،الجمال المفجع والبساطة الممتنعة تعبير بسيط عن حب أبدي لا نهائي ، لقد وقعنا جميعا في الحب لكن القليلين الذين ينعمون بلحظاتهم الأخيرةوهم ينظرون في عين المحبوب يمكن أن تتخيل الكلمات الأخيرة تقول "أنا أحبك"أعتقد أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن ننظر بها إلى النهايةمحبوسين في عناق أبدي
أن تجسد لحظات الحب الحقيقية أمر مميز ، الحب أمان ضد انحطاط الذات، الحب تخليد لأسرارنا انكشاف لرغباتنا الحقيقية. الحب يعني أن نكون أنفسنا..
كما قال (Jean-Louis Pinte) "تصوير العلاقة الحميمة يعني التخلي عما نعرفه عن أنفسنا وتقديمه للآخرين. إنه يعني الخروج من أنفسنا. وهكذا ، يتحسس المصور على أطراف أصابعه طريقه لعالم الحب كشاهد ، من أجل تقديم رؤية شاعرية لعالم ساحر."
(يتبع)