رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زمن محمود الخطيب.. اعترافات «بيبو»: أنا صنيعة الجمهور

محمود الخطيب
محمود الخطيب

«أنا من الدقهلية، القيرة، مركز السنبلاوين، من أسرة بسيطة للغاية، الترتيب العاشر بين إخوتي، والدي موظف يحصل على راتب ليس كبيرًا، بالكاد يكفي تعليمنا، ومعيشتنا، كل هذه الظروف علمتني، قيمة الصبر، التدين».

حكى محمود الخطيب «بيبو» عن نشأته وطفولته التي كانت سببًا في تكوين شخصيته في الملاعب، ليدون زمنًا باسمه «زمن بيبو»: يقول «الحمد لله، شئ كبير للغاية، أن يُسمى زمن باسمي، وهذا يدفعني لأن أتذكر كل لحظة كنت أحلم فيها أن أكون لاعبًا بالنادي الأهلي».

ارتدي «الخطيب» التيشرت رقم «10» في طفولته، اتساقًا مع إعجابًا بأشهر لاعبي كرة القدم في التاريخ الأسطورة البرازيلية «بيليه» يضيف «بيبو»: «بعدما كنت أحصل على مصروفي اليومي من والدي، كنت أحرص على حضور حفلات السينما، التي كانت تعرض خمسة عشر دقيقة عن الأسطورة البرازيلية بيليه».

رئيس النادي الأهلي ونجمه السابق صالح سليم، في أحد لقاءاته التلفزيونية، شبه محمود الخطيب بالنجم البرازيلي «بيليه» لتشابه المهارات الكروية بينهما.

عاش «بيبو» في منطقة الحلمية بالقاهرة، كان يلعب كرة القدم في الشوارع الضيقة، وهو ما أكسبته مهارات عديدة، استفاد منها في الملاعب، فعندما كان يحرز أهدافه من المناطق الصعبة في الملعب، خط المرمي، أو زاوية ضيقة، كان يتذكر هذه الأيام التي لعب فيها في صباه في شوارع "الحلمية"، قال أثناء وجوده في برنامج "صاحبة السعادة" الذي تقدمه الفنانة إسعاد يونس على قناة "دي إم سي" حاليًا:"كنا نحضر كرة السلة، ونزيل طبقة الوبر من على خارجها، ونلعب بها، وهو ما أكسبني مهارات عديدة فيما بعد، ثم انتقلنا إلى عين شمس، ولعبنا على الأرض الرملية، لذا كنا نضطر لأن نرفع الكرة عاليًا، وهو ما أفادني أيضًا".

أصيب "بيبو" وقت أن كان عمره تسع سنوات، بجرح كبير في باطن قدمه، لا يزال يتذكره، ورغم هذه المتاعب لم يعانده والده، أو يمنعه من ممارسة كرة القدم، لأنه كان يعلم بحبه وشغفه بكرة القدم، يقول:"كان لدي قيم معينة، أتبعها مع والدي، وهي أنني لابد من استئذانه قبل نزولي للشارع للعب كرة القدم مع زملائي، لأنهم كانوا يخافون علىّ بشدة، ينتظروني ف شرفة المنزل إذا تأخرت عن الساعة الثمانية مسًاء، وكان والدي يطلب من والدتي، إذا ذاكرت دروسي، وأديت صلواتي، استطيع نزول الشارع، وكنت أحضر سجادة الصلاة أمامها في المطبخ، وأحضر كتابي، لكي تراني، وتدعني أنزل للشارع، وهو ما كانت تفعله".

قبل أن يلتحق محمود الخطيب لنادي النصر القاهري، اختير ضمن ستة لاعبين لدوري المدارس في الفترة الابتدائية، يقول "كان حظنا كويس، اختيرت ضمن اللاعبين الذين عاشوا فترة دوري المدارس، لذا شاهدني الكشافين في هذه الدورات بساحة مصر الجديدة في بطولة منطقة شرق القاهرة، وكانت مهمة للغاية، وكسبنا البطولة، وانتقلنا نحن الستة لاعبين لنادي النصر لفريق تحت 14 سنة، وكنت أحلم في هذه الفترة للعب للنادي الأهلي، وكنت هداف البطولة قبل أن انتقل لنادي النصر، وكانت هي المرة الأولى التي لم استأذن فيها من والدي، وحصلت وقتها على أحسن لاعب في البطولة، وكنت خائفًا من والدي، لذا قبل أن أدخل لشرفة المنزل، أظهرت الجائزتين كي يراهما والدي ليصفح عني".

في أول مواجهة بين نادي النصر والنادي الأهلي، تعادل في المباراة الأولى، وأحرز هدفي فريقه، وفي المباراة الثانية هزم بخمسة أهداف مقابل هدفين، وأحرز الهدفين أيضًا، وهو ما دفع النادي الأهلي للتعاقد معه، وانتقل للنادي الأحمر.

فاروق جعفر، لاعب نادي الزمالك الشهير، تحدث في مذكراته التي حكاها لمجلة "آخر ساعة" عام 1987 ونُشرت على حلقات عن محاولته لضم "الخطيب" في بداياته لنادي الزمالك.

كان محمود الخطيب لاعبًا بنادي النصر وقتما حاول "جعفر" ضمه لنادي الزمالك، لكن المسئولين عن النادي الأبيض وقتها رفضوا فكرة انضمام "بيبو" لنادي الزمالك وفقًا لرؤيتهم بأنه لا يصلح إلا للعب كرة الشراب فقط.

بعد فشل محاولات فاروق جعفر لضم "الخطيب" لنادي الزمالك، نجح النادي الأهلي في ضمه في نفس الأسبوع، ليلعب مباراة ضد الزمالك ويحرز فيها 5 أهداف بمفرده.

كان فاروق جعفر يرى أنه لو انضم "الخطيب" لنادي الزمالك وقتها لكان عطاؤه سيكون أكثر من عطائه للنادي الأهلي بكثير.

حكى والد "بيبو" في لقاء تلفزيوني، رفقة العائلة، أنه وقت مباريات النادي الأهلي، كان يرتفع ضغطه، ويمتنع عن تناول الإفطار أو الغداء، ويترقب لحظات خروجه ابنه "محمود" سالمًا من المباراة، قال:"كنت بقول يارب سلم لغاية من الماتش يخلص".

وفي إحدى مباريات النادي الأهلي مع نادي الزمالك، في موسم كان الأول قد حسمه بفارق خمس نقاط، وفاز النادي الأهلي بسبعة أهداف، وكان أحد المشجعين يجلس بجوار والد "بيبو" في المدرجات، وحدث أن أحد المشجعين قد "شتم" "محمود" ثنًاء على مهاراته.

لعب "بيبو" بعض المباريات الودية مع النادي الأهلي، وكان أحد الأندية الروسية "أوديسا" قد اتفق على ملاقاة منتخب "الأهلي والترسانة"، وكان الناديين المصريين يضمان العديد من اللاعبين الكبار، صلاح حسني، شريف مدكور، شطة، الشاذلي، مصطفى رياض، واعتذر بعض اللاعبين الكبار، وأصيب "رياض" لذا أُحضر "بيبو" من المدرجات وفاز منتخب الأهلي والترسانة بثلاثة أهداف، أحرز منهم "بيبو" هدفًا من على خط المرمى، قال "كان هذا الهدف في تلك الفترة غريبًا، لم يحرز هدف مثله، وهو ما قربني من الجمهور بشدة وقتها، وكانت هي الانطلاقة، وفرح بتألقي العديد من اللاعبين الكبار وأعطوني ثقة كبيرة".

يحكى "الخطيب" عن سبب لقبه: "كابتن صالح كان بيقولي يامحمود، وكنت في الثانوية الرياضية، كان لي صديق عصام الصباغ، وكان يلعب معي كرة قدم، فكان يقولي خطيب احنا نباصي لبعض، فوجد أن الخطيب ثقيلة،فناداني بيبو، ومن هنا جاءت التسمية".

في إحدى مباريات النادي الأهلي في السودان عام 1974، أصيب "بيبو" في المباراة، سقط أحد اللاعبين على قدمه، ووقتها سمع حارس مرمى النادي الأهلي "إكرامي" صوت كسر قدمه، قال "كان أحد المشجعين يدعى أبو المعاطي، سائق أتوبيس، جاءني للمنزل، رفقة الركاب، ليطمئنوا علىّ، وكانت اللافتة طيبة أيضًا من جمهور السودان، حيث وقف طابور من المشجعين، وجاءوا إلى منزل ليعتذروا لي، وكان من المشاهد التي لا أنساها في حياتي، بالإضافة إلى وقت مرضي بحساسية الصدر، وجاء الجمهور إلى مستشفى المعلمين للاطمئنان على صحتي، ووقتها خرج والدي وزوج أختي، وخرجت أنا فوجدتهم يبكون، حتى عندما خرجت وشاهدت الجمهور لم أتمالك نفسي، لذا أنا صنيعة الجمهور".

بعدما اعتزل محمود الخطيب بـ12 عامًا، أي بعد اعتزاله عام 74، اعتذر لي اللاعب السوداني فوزي المرضي الذي سقط على قدمي، واعتذر لي "أنا ماكنتش أقصد".

يعترف "بيبو" أنه لم يرد الجميل الذي صنعه معه الجمهور، وحكى "كانت هناك سيدة بسيطة الحال، تبيع بسكويت وشيكولاته، وكانت تعيش ف عابدين، وكان عندنا مباراة، وكنت خارج أنا وزيزو من النادي، وأصرت على أن تعطينا مما تبيعه، وحاولنا أن نعطيها تذاكر أو أموال، لكنها رفضت رفضًا قاطعًا، وقالت: لأ النادي الأهلي أنا أشتري تذكرته، وبعد مباراة اعتزالي عزمني الجمهور في أحد مقاهي عابدين، وأهدوني برواز بآية قرآنية بساعة، وما زلت أحتفظ به في منزل والدي".