رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وقفة بين ماضٍ وحاضر ومستقبل




إن مسيرات الشعوب فى الاتجاه نحو الحرية دائمًا تطول، وكثيرون يحاولون وأدها أو تعطيلها، لكن من المستحيل أن يتحقق هذا الوأد، وتساند تلك المقولة، مقولة أخرى قوية يقول صاحبها: «وأنا فى وسط التجمع البشرى الرائع، أشعر بأننى إنسان مختلف، وأستطيع المجاهرة برأيى، لأننى كنت من قبل أرتعب خوفًا من تكراره».
فالثورة تشجع الخائف، وتسند الضعيف، وترفع من شأن الأمم، فحتى لو سقط شهداء، لكن ثورتهم لن تنطفئ، فالتغيير قادم، بل هو فى شباب اليوم أمامهم الأفضل قادم، بل فى العقل قائم، فالألم لن يغير إرادة الشعوب، ومهما بلغ العنف الذى يؤلم لكن لا يقتل الإرادة لمن يبذل الجهد والعرق لا لمنفعة شخصية، بل لبناء أوطان حرة غالية، ومع تشابه حروف كلمتين عربيتين هما الأمل والألم، إلا أن الألم لوقت ينتهى ولكن تحقيق الأمل فإلى أزمنة ممتدة لأجيال قادمة تحافظ على المسيرة ولا تكتفى بما حققه الآباء، بل تزيد عليه الكثير، وهذه هى إرادة الشعوب الواعية لبناء مجتمعات تسعى للتقدم المستمر.
لا ننسى أبدًا أن مصر تاريخ يسبق كل دولة كبرت أو صغرت، منها من اغتنى، لكنه بجاره ما اعتنى، بل من داخل البلد الواحد ظهر فجأة من كوّن الثروات، ونسى من ضحوا بحياتهم ليهنأ من جمع الثروة وسد آذانه عن سماع صرخات تنادى بمبادئ هى أساس الأوطان بعبارات لا ينكرها إنسان «عيش، حرية، كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية».
وأى عاقل يتخلى عن الذاتية والأنانية ينكر هذه المطالب، ولا شك أن مصر قيادة وشعبًا واعون هذه المطالب، بل نسمع ما يطمئن بقيادة حكيمة واعية اختبرت أنين شعبها وصرخات الجياع وساكنى القبور.
الكل يأمل فى نقلة كبيرة تغير للأفضل لا لتكرار ممل، ولكن بتضامن وجهاد لتغيير الأوضاع وتجديد الرؤى لتتحول إلى حقائق حتى لا يبقى ساكن فى القبور ولا يعجز مثابر، ساهر يسعى للعبور.
وفى نهاية هذا المقال أضيف حلمًا لا من الخيال، بل هو أمل ليس صعب المنال، صحيح أن ما تم فى مصر فى السنوات الأخيرة يفوق الخيال فى «كبارى» قلما يكون لها شبيه فى دولة قريبة أو بعيدة، وكذلك الطرق الجديدة التى فاقت خيالنا عندما شاهدناها للوهلة الأولى وهذا يستحق الثناء والشكر.. ولكن يبقى بناء الإنسان الذى يقيم فى القبور أو فى مساكن يعلم ساكنوها أنها على وشك الانهيار، ولسان حالهم يكرر مثلنا الشعبى: «العين بصيرة واليد قصيرة».
أتمنى أن يكون النداء معًا نعمل بأيادٍ نشدد بعضنا بعضًا لنبنى جديدًا ونصنع الممكن، بل وما كان بالأمس مستحيلًا يصبح اليوم ممكنًا بأيدى أبناء من بنوا الأهرام وحفروا نهر النيل، ولم يكن فى زمانهم ما هو بأيدينا اليوم من آلات وناقلات، إذا أحسنا استخدامها نقيم أهرامات أعلى لا بالحجارة والصخور، بل بحياة كريمة تحقق العبور من ضيق إلى وسع، ومن فقر إلى ثراء.
أما أمنيتى فى هذا المقال فهى أن يتحول القلم إلى أدوات بناء والشكاوى إلى تهاليل الفرح والرخاء، فمصر غنية بشعبها وأرضها وتاريخها، وآن الأوان أن تحقق الآمال وتغير الأحوال، وبذلك معًا ندفن الأهوال حتى لا تبقى أمام أطفالنا إلا مصر الأمل، ومصر أم الدنيا كما كنا نردد فى طفولتنا، وتبقى الأمنية الأخيرة، وهى تحقيق الحلم لنراه قبل الرحيل، ومن بنى مصر ليس بعاجز أن يبنى الشعب، حتى لا يبقى بينها ساكن فى قبور مزاحم موتانا.
مصر قادرة بشبابها وشيوخها على إعادة الإعمار ببناء رجال ونساء هم أطفال اليوم الذين يتطلعون إلى حياة كريمة، تليق بكرامتهم كأبناء مصر التاريخ والعلم والأهرام والنيل، وتعود مصر حلم القاصى والدانى لرؤياها.
إن كل هذه الأحلام ممكنة فى ظل القيادة الحكيمة للرئيس السيسى، الذى بدأ بالفعل فى تحويل الحلم إلى حقيقة.