رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوجه الآخر لـ غاندى.. «عنصرى الهوية وزوج غيور»

غاندي
غاندي

"إن الأجيال القادمة سوف تشك في أن مثل هذا الرجل قد عاش فعلا بلحمه ودمه على هذه الأرض".. هكذا قال آينشتاين في عام 1944 عن مهاتما غاندي، فهو من أكثر قادة القرن العشرين غرابة، وأقدرهم على تحريك الخيال والتأمل، فقد عاش حياته يتصدى لأعتى قوة في عصره، قوة الإمبراطورية البريطانية، كما قاد الملايين من أبناء وطنه المهانين المطحونين إلى الحرية والتسامح والكرامة.

وعلى الرغم من شخصية غاندي وحياته ومبادئه الروحية، ومواقفه البارزة والتي اهتزت لها السياسة البريطانية، واضطرت أن تنحني أمام قوته، وأشهرها موقفه عام 1930، حينما أعلن العصيان المدني الأكبر، وأشهر دعوة عدم التعاون، واضطربت الهند بدعوته، واضطرت حكومة الهند حينها إلى اتخاذ أشد الإجراءات الدموية لسحق الثورة، واضطرت الحكومة البريطانية أن تصرح على حاكم الهند أنها ترمى إلى السير بالمسألة الهندية إلى منح الهند استقلالها الذاتي.

حياة عظيمة فياضة عاشها مهاتما غاندي جعلته بطلا قوميا، ابتداء من أعوام غاندي الأولى، ثم مراحل الدراسة في الهند وإنجلترا، ومرحلة الحياة العملية الأولى في المحاماة، ونزوحه إلى جنوب أفريقيا، فضلا عن مراحل الكفاح التي خاضها في أعوامه الأخيرة، وهذا ما ذكره مقال بمجلة "الرسالة" بعنوان "المهاتما غاندي" عام 1934.

ربما لا يعلم الكثير منا غير أن غاندي هو الزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلال الهند، وأنه استطاع مقاومة الاحتلال البريطاني، وقام بالعديد من الإنجازات من أجل الهند، وتعزيز ثقة الهنود في المقاومة، حتى استطاع أن يحقق نجاحا كبيرا في استقلال الهند عن بريطانيا، ولكن ما لا يعلمه البعض أن هناك وجها آخر لمهاتا غاندي.

العنصرية كانت إحدى صفات غاندي، إذ كان يؤيد التفرقة بين البيض والسود، وكان يرى أن البيض والهنود هم جنس أسمى من الجنس الأسود، إذ كان يعتبر السود أشخاصا غير متحضرين، وحياتهم تشبه حياة الحيوانات ذي ذكاء منخفض.

وفي كتاب "غاندي الجنوب أفريقي: حامل نقالة الإمبراطورية" للأكاديميين آشورين ديساي وغلام فاهيد، والصادر في عام 2015، سلطا الضوء على حياة غاندي في جنوب أفريقيا (1893 – 1914)، فقد نظم عدة حملات دفاعا عن حقوق الهنود، وأكد مؤلفا الكتاب أن غاندي حينها لم يلتفت لحقوق السود، إنما كان ما يعنيه حقوق الهنود فقط.

كان مهاتما غاندي زوجا غيورا إلى أقصى درجة، وهذا ما أكده في سيرته الذاتية، فكان دائما ما يفكر في مسألة الإخلاص، ويتحدث مع نفسه قائلا: "إذا كنت سأخلص لزوجتي، فيجب عليها هي أيضا أن تخلص لي، فجعلت تلك الفكرة مني زوجا غيورا، وتحول واجب إخلاصى لها ببساطة إلى حقي في الحصول على إخلاصها المطلق، ولتحقيق ذلك الإخلاص المطلق، كان علي أن أتمسك بحقي هذا بقوة ويقظة".

وتابع: "بالطبع لم يكن هناك ما يدعوني للشك في إخلاص زوجتي، لكن الغيرة عمياء، كان علي أن أراقب تحركاتها باستمرار، فكانت لا تستطيع الخروج دون إذني، وغرست هذه المسألة بذور الشجار المر بيننا، وكانت القيود التي فرضتها عليها بمنزلة السجن، ولكن زوجتي لم تكن من الفتيات اللاتي يمكن أن يتحملن مثل ذلك السجن، فقد حرصت على أن تخرج وقتما شاءت، وكلما فرضت عليها مزيدا من القيود، تصرفت هي بمزيد من الحرية، مما زاد من غضبي، فأصبح امتناع كل منا عن محادثة الآخر روتينا يوميا لحياتنا".

وعلى الرغم من اقتناع غاندي بأن تصرف زوجته كاستوربا كان طبيعيا جدا في ظل القيود التي فرضها عليها، سواء بمنعها من زيارة المعبد أو صديقاتها، إذ كانت تفرض عليه أيضا قيودا، إلا أنه كان يرغب دائما أن يفرض سيطرته كزوج.

كان لغاندي رأي بشأن حقوق النساء، فرغم تشجيعه لتحرير النساء، وتحريضه على المحاربة من أجل التطوير الذاتي الخاص بهن، وتعبيره أمام العامة عن ضرورة المساواة بين الجنسين، إلا أنه كان يرى أن النساء يجب أن يتعلمن ليصبحن أفضل في أعمال المنزل ويعلمن الأجيال اللاحقة.