رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«التصالح حياة».. حكايات « قبلة الحياة» في التصالح عل مخالفات البناء

التصالح
التصالح

أعلنت الحكومة قبل بضعة أشهر عن تطبيق قانون مخالفات البناء وتنفيذ محاضر الإزالة على مستوى كافة مدن ومحافظات مصر، بهدف وقف التعديات على الأراضي الزراعية وغيرها من البناء خارج حزام العمران، لتظهر شريحة من المواطنين المخالفين أمام الدولة غير قادرين على تقنين أوضاعهم القانونية، ومن هنا أعلنت الحكومة عن تدشين مبادرة "التصالح حياة".

تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أطلقت مبادرة "التصالح حياة" والتي تعد أبرز البرامج الحمائية التي تدعمها الدولة، للمساهمة في دفع قيمة التصالح في مخالفات البناء للمواطنين الأولى بالرعاية في التجمعات الريفية، بهدف رفع العبء عن كاهل المواطنين الأكثر احتياجًا، على أن يتم ذلك بالتعاون بين مؤسستا "حياة كريمة" و"صناع الخير"، وبالتنسيق مع وزارتي التضامن الاجتماعي والتنمية المحلية.

وتستهدف "التصالح حياة" تقديم يد العون للمواطنين الأكثر استحقاقًا للدعم، من خلال معايير وشروط محددة، أبرزها أن تكن الحالات من الفئات الغير القادرة والأولى بالرعاية، وكذا أن يكن العقار مستوفيًا للشروط القانونية وألا يكون من الحالات المحظور التصالح عليها طبقًا لما ورد في قانون التصالح، أي لا تزيد مساحتهعن 100 متر.

تواصلت "الدستور" في هذا الملف مع نماذج من المستفيدين من "التصالح حياة"، والذين صُنفوا أحد الفئات التي تستحق دعم المبادرة الرئاسية، وكذا التعرف على شروط ومعايير كيفية اختيارهم ضمن المواطنين المستحقين بالتكفل بقيمة التصالح على مخالفات البناء.


أحمد: رزقي على الله.. وأصحاب المبادرة فكوا كربي وبدعيلهم يوميًا

بينما كان أحمد مصطفى، من محافظة المنيا، يفكر في كيفية تدبر أموال التصالح على مخالفة بناء منزله، فوجئ في أحد الأيام بإخطار من مجلس المدينة بأنه قد تم دفع جزء من المبلغ المطلوب وعليه أن يأتي كي يُنهي إجراءات دفع رسوم جدية التصالح واستلام الإيصال، أخذ "مصطفى" يبحث عمن تكفل بدفع هذا المبلغ وعلم فيما بعد أن هنك مبادرة يُطلق عليها " التصالح حياة" دُشنت بتوجيهات من الرئيس السيسي وتعمل تحت إشراف الوزارات المعنية هي من تكفلت بدفع هذا المبلغ.

بحسب "مصطفى"، فإنه ليس لديه عمل ثابت إذ يعمل في الفلاحة باليومية، قائلًأ: "رزقي على باب الله، ويوم بشتغل و10 لا، بطلع من النجمة بعد صلاة الفجر للبحث عن أي مصدر رزق لأولادي، ربنا بيكرم بشغل في أي مجال من فلاحة أو معمار أو عتالة المهم ارجع البيت باللي ربنا رزقني بيه، لأني مسئول عن أسرة أم و4 أولاد أكبرهم آية في المرحلة الإعدادية، والحمدلله على الرغم من ضيق الحال إلا أني محافظ على تعليم بناتي وبتمنالهم مستقبل أحسن مني".

وذكر مصطفى أنه عام 2016 قد شرع في بناء البيت على مساحة نصف قيراط تقريبًا، ولم يكن لديه علم بأن البناء في تلك المنطقة يُعد مخالفًا وخارج حزام أراضي العمران، ومنذ ذلك الوقت وهو يحاول أن ينهي أوراق محضر إزالة البيت، حتى جاءت "التصالح حياة" وقد انتشلته هو وأسرته من تلك الأزمة، معلقًا: "أنا مش عارفهم بس بدعيلهم يوميًا من كل قلبي لأنهم فكوا كربي، وبتمنى إن البلد تكون مليانة بأمثال هؤلاء الناس الأخيار".

أوضح مصطفى، أنه ليس لديه أي تواصل مع أيً من القائمين على مبادرة حياة كريمة أو التصالح حياة، ولم يطلب منهم أي مساعدة، ولكن أخبره أحد موظفي مجلس المدينة بالمركز الذي يقطن فيه بمحافظة المنيا، أن شباب الخير من مؤسسة صناع الخير وحياة كريمة قد بحثوا ودرسوا كافة محاضر الإزالة وتوصلوا إلى استحقاقه للدعم الذي تقدمه "مبادرة التصالح حياة" للمواطنين الغير قادرين على دفع مخالصة مخالفات البناء.


بحيري: أنقذوني من أمر الإزالة وأتمنى تعميم المبادرات في كل المجالات لفعاليتها ونجاحها

وليد بحيري، أحد المستفيدين من "التصالح حياة"، قال: "ورثت عن أبي قطعة أرض لا تتجاوز مساحتها سوى قيراطين، وبنيت فيها أوضتين فقط لأني عايش وحدي بلا أسرة بعد وفاة والدي، وشغلي بين الأرض والجبل حسب ربنا ما بيرزق، وبيمر عليا أيام وأسابيع وشهور بلا شغل أو فلوس، الحياة عندنا كدا في القرية اللي عايش فيها في صعيد مصر، الحال على القد وكلنا رزقنا على الله بين الأرض الزراعية أو الشغل في الجبل".

وأضاف "بحيري"، أنه قد بنى غرفتين على تلك الأرض التي ورثها عن أبيه في عام 2016 وحينها لم يخبره أحد بأن هذا البناء مخالف، إذ أن غالبية الأهالي في القرى الريفية تبني غرفة أو اثنتين بجوار الأرض الزراعية لسهولة مباشرتها وحرثها"؛ مستطردًا أنه منذ شهرين وبالتزامن مع تطبيق قانون مخالفات البناء على جميع محافظات ومدن الجمهورية جاء له أمر إزالة لجزء المباني على الأرض الزرعية أو التصالح على تلك المخالفة.

أوضح "بحيري" أنه كان أمام خيارين كل منهما أصعب من الآخر، فإن تم تنفيذ أمر إزالة الغرفة التي يعيش فيها سيصبح بلا مآوى، وإذا قرر التصالح مع مجلس المدينة على المخالفة فهو ليس لديه رسوم جدية التصالح ولا يملك سوى قوت يومه فقط، وبينما هو في حيرة من أمره تكفلت "التصالح حياة" بحل مشكلته ودفع جزء كبير من قيمة المبلغ المستحق عليه، وبالفعل فوجئ عندما علم بأمر المبادرة التي تتكفل بالحالات المتعثرة في تقنين أوضاعها في مخالفات البناء.

يتمنى "بحيري" أن تكون هناك نماذج كثيرة مثل تلك المبادرة لأنها انقذت الكثير من الأهالي في قريته وبالفعل قد حافظت على أمنهم واستقرارهم هم وأسرهم في منازلهم دون إزلتها أو التشتيت في الشوارع، معلقًا: "يا ريت نماذج المبادرات دي تبقى كثيرة وفي كل المجالات، يعني بتمنى إن يكون في مبادرات بتتكفل بتحسين مستوى المعيشة؛ لأنني استفدت بالفعل من الخير اللي بيعملوه، وكمان العديد من الاهالي في القرية استفادوا يعني مش حالات فردية فقط".


عماد: تدبير المبلغ كان أشبه بالمستحيل.. و"التصالح حياة" أنقذوني

عماد محمد، من صعيد مصر وأحد المستفيدين من المبادرة، وصف مبادرة "التصالح حياة" بأنها انتشلته من المصير المجهول؛ لاسيما بعدما علم بأمر المخالفة وأن بيته من المقرر أن يُزال نظرًا لبنائه خارج حدود العمران، بالإضافة إلى بعض المشاكل الأخرى على الأرض التي بُني عليها الدار، إذ سبق واشتراها من مجموعة من الإخوة الورثة منهم الذي توفى ومنهم من هو غادر البلد ويعمل في مدن الحضر.

ذكر "عماد" أنه أصبح عالقًا في أكثر من مشكلة بين يوم وليلة وحتى لم يكن لديه أجر محامي كي يوكله لمتابعة قضية الأرض والبيت للتصالح على المخالفة، ليقرر حينها الانتقال إلى القاهرة مع ابن عمه تاركًا أسرته وأولاده للبحث عن عمل لتوفير المبلغ المالي المستحق للتصالح على مخالفة بناء الدار، مستطردًا أنه في إحدى الليالي تلقى اتصالًا هاتفيًا من أهله في البلد يخبرونه بأن أحدهم قد تكفل بالتصالح على مخالفة البناء وتم دفع جزء من المبلغ على أن يتم دفع القيمة المتبقية في ظل أسابيع قليلة ويتثنى له حينها استلام شهادة المخالصة.

لم تسع الفرحة "عماد" وكاد أن يفقد عقله فلم يكن يصدق أنه هناك من خلصه من أمر الإزالة ومشكلة أوراق البيت وأيضًا الأرض دون أن يدفع شيء، إذ علق قائلًا: "أول ما استقبلت التليفون قدرت أخد نفسي، وحسيت إني اطمنت على بيتي وعيالي، فأنا مسئول عن أسرة كاملة من أم وزوجة و3 أولاد، ويومها بس عرفت أنام وأنا مطمن وبدعي للناس اللي وقفت جمبي في شدتي وقدروا ظروفي ودفعوا أموال القضية المستحقة، ونفسي تكون مصر مليانة بالنماذج الخيرة الناجحة اللي بتقدم المساعدة للمواطنين الذين يستحقوا".

خالد: أخبرني مجلس المدينة أن المبادرة تكفلت بالتصالح على مخالفة البناء

خالد أحمد، عامل بسيط يعمل في الفلاحة بأجر يومي بإحدى نجوع محافظات الوجه القبلي، لديه بيت صغير قد بناه منذ بضعة أعوام من الآن، وفي إحدى الأيام منذ حوالي شهرين مر عليه موظفون بالمحليات طلبوا منه الرقم القومي ومعلومات عن المنزل الذي قد بُني مخالفا لقوانين التشييد والبناء، إذ تم بنائه في حزام الرقعة الزراعية والتي يُحظر البناء عليها، وبعد مرور أيام استلم "خالد" محضر إزالة البيت الذي بناه منذ سنوات لأنه يعد مخالفًا إذا لم يُنهي إجراءات التصالح في أقرب وقت ممكن.

سأل "خالد" عن إجراءات التصالح على مخالفات البناء، وعلم أنه كي يُوقف أمر إزالة المنزل يجب عليه دفع رسوم جدية التصالح على المخالفة، والتي بلغت ما يقرب من 2000 جنيه كرسوم أولية فقط، إذ يقول خالد: "أنا فلاح على قد حالي لا أملك سوى قوت يومي أنا وعيالي، ببدأ عملي من مع طلوع الشمس، وواصل عملي في الأرض الزراعية طول اليوم وأرجع البيت بالرزق اللي ربنا كتبهولي، ومن وقت علمي بمحضر الإزالة والمخالفة مبقتش عارف ادبر الفلوس ازاي ومنين والدنيا اسودت في وشي".

أضاف "خالد"، أنه في غضون أيام قليلة استلم إخطارًا من مجلس المدينة بأنه قد تم دفع جدية التصالح، 25% من قيمة المبلغ؛ وذلك من أجل وقف إزالة المنزل الخاص به وأسرته، ولم يطلب منه مجلس المدينة سوى الإمضاء على الإيصال، فيما أبلغه المجلس بأن الدولة متمثلة في مبادرة حياة كريمة وبالتعاون مع مؤسسة صناع خير قد تكفلت بدفع مبلغ التصالح بعد التأكد من عدم قدرته على دفع المبلغ وكونه بُصنف من الأسر الأكثر احتياجًا للدعم، وسيتم دفع بقية المبلغ كاملًا من قبل مبادرة التصالح حياة دون أن يدفع هو أي مبلغ".

صناع الخير: اختيار المواطنين يتم وفق معايير محددة لمراعاة استحقاق الدعم

أوضح هاني عبد الفتاح، المدير التنفيذي لمؤسسة صناع الخير، أن الهدف من تدشين مبادرة التصالح حياة على مستوى محافظات الجمهورية هو تقديم يد العون لغير القادرين على دفع مبلغ التصالح على مخالفات البناء، ومن هنا جاءت فكرة تنفيذ مبادرة اجتماعية لتقنين أوضاع مخالفات البناء والتخفيف عن كاهل الفئات الأكثر احتياجًالاسيما بعد قرار تنفيذ قانون مخالفات البناء على كافة مدن محافظاتت مصر.

وأكد "عبد الفتاح"، في حديثه مع "الدستور"، أن هناك معايير ولوائح تحكم مبادرة "التصالح حياة" لضمان وصول الدعم والمساعدة للفئات الأكثر استحقاقًا للعون، لذا بدأت المبادرة في مرحلتها الأولى بتوفير المساعدة للمواطنين الذين يقطنوا القرى والتجمعات الريفية على اعتبار كونهم الأولى بمساهمة المبادرة في دفع أموال التصالح على مخالفات البناء بدلًا منهم.

وكشف المدير التنفيذي لمؤسسة صناع الخير، أن ميزانية "التصالح حياة" بلغت 150 مليون، صرف منها 2 مليون جنيه فقط حتى الآن لدفع الرسوم الأولية لجدية التصالح للحالات التي تم دراستها، فيما بدأت المبادرة في مرحلتها الأولى منذ حوالي شهرين، وكانت تستهدف 10 محافظات تلتزم المبادرة بدراسة جميع الحالات المخالفة من أجل تقنين أوضاعهم في مخالفات البناء، مشيرًا إلى أن أبرز محافظات الوجه القبلي هي المنيا، قنا، أسيوط، أسوان، الأقصر، فيما استهدفت المبادرة محافظات الوجه البحري كالبحيرة وكفر الشيخ وغيرها، فضلًا عن محافظات القناة من الإسماعيلية والسويس، على أن يتم استكمال بقية محافظات الجمهورية في المرحلة الثانية من المبادرة.

وأخيرًا، أثنى المدير التنفيذي لمؤسسة صناع الخيرعلى التنسيق الكامل والتعاون من قبل وزارتي التنمية المحلية والتضامن الاجتماعي اللذان يشرفان على المبادرة ووصول الدعم والمساعدة لمستحقيها، بالإضافة إلى مبادرة حياة كريمة ومسئولي المحافظات الذين وفروا الكثير من الوقت والجهد لإنجاز هذا العمل وإتمام إجراءات دفع مبالغ التصالح والانتهاء من التصاريح والمستخلصات الحكومية بسهولة ويسر، وذلك من أجل تسهيل العمل لمتطوعي ومنسقي مبادرتي "حياة كريمة والتصالح حياة" كي تحقق المبادرة هدفها في مساعدة أكبر عدد ممكن من المواطنين.

حياة كريمة: الحماية الاجتماعية أبرز أهداف "التصالح حياة"

آية عمر، رئيس مجلس أمناء مؤسسة حياة كريمة، أوضحت أن "التصالح حياة" إحدى المبادرات التي دشنتها الدولة وتهدف إلى تحقيق الأمان والحماية الاجتماعية للأسر والمواطنين الأكثر احتياجًا المستحقين لدعم ومساندة الدولة، مشيرة إلى أنه يتم العمل على تنفيذ المبادرة من خلال التنسيق بين مختلف مؤسسات الدولة المعنية بتنفيذ البرامج الحمائية في المجتمع، ن أجل تحقيق هدفتخفيف العبء عن كاهل الفئات الأولى بالدعم وتحمل قيمة المصالحات في مخالفات البناء.

وكشفت رئيس مجلس أمناء مؤسسة حياة كريمة، أن معايير الاستحقاق اللازمة للحصول على الدعم من قبل المبادرة تتمثل في دراسة الحالات المستهدفة بناء على تقارير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ومن ثم تحمل مبالغ التصالح عن بعض المواطنين الذين تتوافر لديهم شروط أحقية الاستفادة من دعم المبادرة، وذلم من خلال التنسيق الكامل بين وزاتي التضامن الاجتماعي والتنمية المحلية، وبالتعاون مع فريق الرصد الميداني لمؤسستي حياة كريمة وصناع الخير لحصر الحالات والتحقق من مدى استحقاقها.