رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء: فتاوى تحريم استخراج المومياوات ودعوات إعادة دفنها إنذارا بضياع الحضارة

المومياوات
المومياوات

أكدت نخبة من خبراء الآثار أن فتاوى تحريم استخراج المومياوات المصرية القديمة والدعوات التي تطالب بإعادة دفنها تعد بمثابة إنذار بضياع واندثار الحضارة المصرية العريقة، موضحين أن عرض المومياوات كما هى عليه لايعد انتهاكًا لحرمة الموتى إنما جاء تنفيذا لديانتهم الوضعية.

وقال الخبراء في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم، إن المصريين عامة والأثريين خاصة يحترمون قدسية تلك المومياوات ويحافظون عليها، مؤكدين أن وجود المومياوات على الشكل الذى توجد عليه حاليا، يستخدمه العلماء لدراسة الأمراض والعلاج والكشف عن الكثير من اسرار الحضارة المصرية القديمة.

وفي هذا الصدد، قال عالم المصريات الدكتور زاهي حواس إن ترك المومياوات في باطن الأرض يعرضها للتحلل لذلك يتم استخراجها وإعادة ترميمها وحفظها بالشكل الذي يليق بها ويصونها، مشيرا الى أن المومياوات الملكية التي ستنقل إلى متحف الحضارة المصرية بالفسطاط، ستعرض بشكل حضاري ومختلف وبتكنولوجيا متطورة، تحفظها من الاندثار والتحلل.

و اضاف " نحن لا ننبش القبور، بل نعيد أمجاد هؤلاء الشخصيات العظيمة التي صنعت التاريخ المصري الذي يبهر العالم اجمع ".

ومن جانبه، اكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن لجميع العلماء مكانة وقدر كبير، والإسلام رأى فى الآثار السابقة الدليل المادي الملموس على وجود قوم آخرين للتعرف على حياتهم وحضارتهم ودراسة أسباب ازدهارها أو هلاكها والنظر إليها للاعتبار والعظة، مشيرا الى انه بضياع هذه الآثار بأي شكل من الأشكال هو ضياع وفقدان لحضارة معينة.

واوضح أن رفات السلالات البشرية تقع ضمن الآثار طبقُا لمفهوم الآثار كما جاء فى التعريف الوارد فى قانون حماية الآثار المصرى رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018 " الأثر كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان منذ عصور ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى ما قبل مائة عام متى وجد على أرض مصر وكانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهرًا من مظاهر الحضارات المختلفة التى أنتجت أو قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها ".

وأضاف أنه عند إعادة المومياوات إلى المقبرة نكون غير قادرين على إمكانية حفظها من عوامل التحلل والإندثار لأن المقابر عادة مفتوحة وبذلك تكون مرتعا للأمراض والتحلل والاندثار لهذه المومياوات، وهذا جرم يعاقب عليه قانون حماية الآثار.

وأكد الدكتور ريحان أن تحنيط الجثامين يغير من صفات الجثامين نفسها وحتى لغويا يتغير اسمها إلى( مومياء)، ولو تعرضت لعوامل التعرية ستتحلل فورًا، لذلك تخضع لنظم خاصة وضعت على أسس علمية وبهذا فهو تكريم وليس إهانة لصاحبها، كما أن هذه المومياوات تخضع للدراسة بالفعل من أساتذة متخصصين لمعرفة السلوك البشرى والأمراض التى تعرضوا لها ووسائل العلاج والكثير من المعلومات عن هذه الحضارة وبالتالى فإن استخراج المومياوات وعرضها يخضع للإشراف والدراسات العلمية، وليس الهدف حصد الدولارات حتى أن هذا النوع من السياحة يطلق عليه (السياحة الثقافية) للتعرف على حضارات الشعوب وليس من قبيل الترفيه.

وقال إن زائر حجرة المومياوات بالمتاحف يصمت تماما احتراما لهذا المكان ومن الطبيعى أن يدفع الزائر مقابل لهذه الخدمة وهؤلاء الرواد يقطعون آلاف الكيلو مترات للتعرف على حضارتنا العظيمة، وليس للفرجة على" بهلوانات"، مؤكدا أن الدين الإسلامى دعا إلى السير فى الكون للتعرف على حضارات السابقين وهو ما يجب أن يحرص عليه العرب والمسلمون أيضًا طبقًا للآية 21 سورة غافر (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ).

فيما طالب الأثري أحمد صالح المتخصص في التحنيط والمومياوات المصرية بوضع تشريع لتحديد طرق التعامل مع البقايا القديمة من خلال وضع ضوابط تطبق منذ لحظة اكتشاف تلك البقايا وحتى عرضها والمحافظة عليها، الى جانب إنشاء متحف متخصص للمومياوات والبقايا الادمية يعمل به فريق عمل متخصص على كيفية الحفاظ على الاجساد القديمة.

وتشهد حاليا الأوساط الأثرية حالة من الجدل العلمي بعد الفتوى التي أصدرها مؤخرا الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الخاصة بتحريم استخراج جثامين أجدادنا قدماء المصريين وعرضها فى فاترينات، مع السماح باستخراجها فقط للبحث العلمى.