رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عمران: سوق المال أكثر القطاعات تأثرا بجائحة كورنا خلال 2020

الدكتور محمد عمران
الدكتور محمد عمران

قال الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن 2020 كان عامًا من أقسى الأعوام التي مرت على تاريخ البشرية، مليئًا بالألم والفقد، قضت الدول معظمه في محاولات لاحتواء فيروس لا يرى بالعين المجردة، أوقع أضرارًا مروعة بالأفراد والمجتمعات، كبيرها وصغيرها، وكان أشد وقعًا على الفئات الأكثر ضعفًا.

وأضاف عمران، خلال عرض حصاد الهيئة السنوة عبر تقنية زوم، أن النشاط الاقتصادي واجه طريقًا وعرًا، حيث فرض العالم قيودًا مشددة على التنقل خلال النصف الأول من العام وذلك لوقف انتشار الفيروس، حتى أطلق صندوق النقد الدولي عنوان "الإغلاق الكبير" على أحد تقاريره الصادرة خلال العام، بل واختار قاموس كولينز الذي تصدره مؤسسة هاربر كولينز كلمة "إغلاق" لتكون كلمة العام في 2020، وقد أدى كل ذلك إلى تقليص النمو العالمي بشكل كبير، وكان من الممكن أن تكون النتائج أسوأ بكثير لولا عودة النشاط إلى طبيعته تدريجيًا بشكل أسرع من المتوقع بعد إعادة فتح معظم دول العالم أبوابها لعودة النشاط الاقتصادي في أوائل النصف الثاني من العام.

وعلى الرغم من الضرر الاقتصادي العالمي في ظل تداعيات انتشار الفيروس المستجد، إلا أن التوقعات تشير إلى تحقيق مصر لأعلى معدل نمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العام الجاري 2021-2020، فوفقًا لتوقعات صندوق النقد الدولي، ستحقق مصر نموًا يبلغ 3.5%، وقد استطاعت الدولة المصرية بالفعل تحقيق معدل نمو قدره 3.6% خلال العام المالي 2020-2019، ويرجع ذلك إلى نجاح الدولة في تطبيق حزمة من الإجراءات العاجلة وغير المسبوقة لتنشيط الاقتصاد خلال الجائحة من خلال السياسات المالية والنقدية والإجراءات التنظيمية، بالإضافة إلى استمرارها في تطبيق برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي الذي بدأته في عام 2016.

وبالرغم مما تمر به البلاد من تحديات صعبة، إلا أن هيئة الرقابة المالية استطاعت أن تحافظ على أداء قطاعها المالي غير المصرفي خلال العام؛ بل واستطاعت بعض الأنشطة أن تتفوق على أداء العام الماضي، مما ساهم في أن يكون القطاع المالي غير المصرفي أحد أفضل القطاعات الاقتصادية أداءً وتطورًا خلال هذا العام العصيب.
فعلى مستوى مؤشرات الأنشطة المالية غير المصرفية خلال عام 2020، كان سوق رأس المال في مصر الأكثر تأثرًا بالجائحة، حيث بلغت قيمة الأوراق المالية المصدرة بالسوق الأولي ما يزيد على 115 مليار جنيه مقارنة ب 139.2 مليار جنيه في عام 2019، ومع الأخذ في الاعتبار إصدارات تعديل القيمة الأسمية وإصدارات تخفيض رأس المال وإصدارات السندات وصلت القيمة إلى ما يزيد على 187 مليار جنيه مقارنة بـ 220 مليار جنيه في العام الماضي، واستمر استخدام آلية التوريق من قبل الشركات كإحدى مصادر التمويل من خلال سوق رأس المال، حيث بلغت قيمة إصدارات سندات التوريق ما يزيد على 24 مليار جنيه في 2020، وهي أعلى قيمة توريق في تاريخ سوق المال المصري.

أما نشاط التأمين فقد شهد نشاطًا جيدًا خلال عام 2020، حيث ارتفعت إجمالي الأقساط لتصل إلى 40.1 مليار جنيه في 2020 مقارنة ب 35.2 مليار جنيه في 2019، بزيادة قدرها 14%، كما بلغت استثمارات صناديق التأمين الخاصة حوالي 83 مليار جنيه في 2020 مقارنة بـ 76 مليار جنيه في 2019، بزيادة قدرها %10، وعلى صعيد التمويل العقاري فقد بلغ حجم التمويل الممنوح من شركات التمويل العقـــاري خلال عام 2020 نحو 3.4 مليار جنيه مقارنة بـ 2.6 مليار جنيه في عام 2019، بزيادة قدرها 31%، وفيما يخص التأجير التمويلي، بلغت قيمة العقود ما يقرب من 59 مليار جنيه في 2020 مقارنة بما يزيد عن 56 مليار جنيه في 2019، بزيادة قدرها 5%. أما نشاط التخصيم، فبلغ حجم الأوراق المخصمة ما يزيد عن 11 مليار جنيه في 2020 مقارنة ب 10.6 مليار جنيه خلال العام الماضي، بزيادة قدرها 6.6%.

وعلى صعيد التمويل متناهي الصغر، فقد شهد تطور ملحوظ حيث بلغ حجم التمويل ما يزيد عن 18.5 مليار جنيه مقارنة بـ 16.5 مليار جنيه في 2019، بزيادة قدرها %13.2.

وفي مجال الضمانات المنقولة، بلغت قيمة الضمانات المشهرة 738 مليار جنيه في نهاية عام 2020، وذلك مقارنة بـ 636 مليار جنيه في نهاية عام 2019، وبمعدل زيادة بلغ %16.

ويمكننا أن نُرجع هذا الأداء الطيب إلى قدرة الهيئة على مواجهة آثار الجائحة، حيث قامت الهيئة بتبني عدة إجراءات احترازية للتعايش مع جائحة فيروس كورونا المستجد، والتيســير على المتعاملين والعمل على سلامة واستقرار الأسواق المالية غير المصرفية.

فعلى سبيل المثال، قامت الهيئة بمد مُدة تقديم القوائم المالية للشركات المقيد لها أوراق مالية بالبورصة المصرية والشركات العاملة في مجال الأنشطة المالية غير المصرفية والخاضعة لإشراف ورقابة الهيئة، كما ألزمت الهيئة شركات التأمين بمنح عملائها من حملة الوثائق مهلة إضافية بخلاف ما ورد بوثائق التأمين لسداد أقساط التأمين، وفقًا لنوع وطبيعة وثائق التأمين، بالإضافة إلى ذلك، بادرت الهيئة بتوجيه شركات التمويل العقاري والتأجير التمويلي والتخصيم الخاضعة لرقابتها بالقيام بتأجيل كافة الاستحقاقات الائتمانية لعملائها (مؤسسات-أفراد) لمدة ستة أشهر، مع إعفائهم من غرامات التأخير التي تترتب على ذلك، وقامت الهيئة بتقديم تيسيرات لعملاء نشاط التمويل متناهي الصغر سواء المنتظمين في الأداء أو المتضررين من الجائحة.

أما في إطار تنفيذ الاستراتيجية الشاملة لتطوير قطاع الخدمات المالية غير المصرفية (2018 -2022)، فإن الهيئة قد أنجزت معظم السياسات الواردة ضمن محاور الاستراتيجية وقبل نهاية الإطار الزمني المحدد لها في العديد من الجوانب:

فعلى مستوى محور تطوير التشريعات، فقد أنجزت الهيئة تعديلات على عدة لوائح وقوانين منها اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال، وهي أكبر تعديلات منذ زمن طويل، وكذلك تعديلات على قانون الإيداع والقيد المركزي، وذلك كله بهدف زيادة كفاءة وعمق سوق رأس المال المصري. كما انضم وافد جديد لأنشطة الهيئة بإصدار أول قانون لتنظيم نشاط التمويل الاستهلاكي في مارس 2020 والذي يهدف لزيادة القوى الشرائية للمواطنين وتحفيز الطلب الداخلي على السلع والخدمات، وقد قامت الهيئة بإصدار غالبية القواعد والضوابط المكملة لتلك القوانين والأطر الرقابية والإشرافية المطلوبة لتنفيذ أحكامها. كما وافقت الهيئة على مشروع قانون التأمين الموحد وكذلك قانون لاستخدام التكنولوجيا المالية FinTech في مجال الأنشطة المالية غير المصرفية. ولا يتبقى بعد ذلك سوى مشروع قانون لتنظيم ممارسة نشاط التمويل من خلال المطورين العقاريين.

وعلى مستوى تحقيق الشمول المالي في مجال الخدمات المالية غير المصرفية، فقد قامت الهيئة بتعديل بعض أحكام قانون نشاط التمويل متناهي الصغر ليُخضع نشاط تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة لتنظيم قانوني متكامل وإدراجه تحت مظلة رقابية تهدف إلى تحقيق الاستقرار والشفافية بين المتعاملين في هذا النشاط، نظرًا لأهمية هذا النوع من التمويل ودوره في استكمال دورة النشاط الاقتصادي، ورفع معدلات التنمية الاقتصادية في مصر باستيعاب مئات الآلاف من فرص العمل سنويًا مما يسهم في القضاء على البطالة. كما قامت الهيئة بالسماح للأشخاص الطبيعيين أن يمارسوا نشاط تمويل المشروعات الإنتاجية والخدمية بضمان حقوق منقولات في حيازة المدين وإشهارها في السجل الإلكتروني للضمانات المنقولة.

وعلى مستوى محور تطوير مستويات الحوكمة وتعزيز القدرات الرقابية وحماية حقوق المتعاملين، فقد اهتمت الهيئة بتعديل قواعد الحوكمة الخاصة بالشركات التي تراقب عليها الهيئة والشركات المقيدة بالبورصة، بحيث تُشكل لجنة المراجعة بتلك الشركات من عدد فردي من الأعضاء لا يقل عن ثلاثة من بين أعضاء مجلس الإدارة غير التنفيذيين، ويجوز أن تضم اللجنة في عضويتها أعضاء من خارج الشركة، ويجب أن يكون غالبية أعضاء اللجنة من المستقلين على أن يكون رئيسها أحدهم. بالإضافة إلى ذلك، قامت الهيئة بإصدار عدة قرارات تقضى بالفصل بين وظيفة رئيس مجلس الإدارة ووظيفة العضو المنتدب (الرئيس التنفيذي) للشركات المقيدة بالبورصة والشركات المرخص لها بمزاولة الأنشطة المالية غير المصرفية. كما صدر النظام الأساسي للمركز المصري للتحكيم الاختياري وتسوية المنازعات المالية غير المصرفية.

وعلى مستوى محور تعميق مستويات الاستدامة في القطاع المالي غير المصرفي، فقد استكملت الهيئة ما بدأته العام الماضي، حيث أولت الهيئة اهتمامًا كبيرًا بالمرأة ليصبح 2020 هو عام المرأة بالهيئة، حيث قامت الهيئة بإصدار قرار بوجوب تمثيل عنصر نسائي واحدًا على الأقل بمجالس إدارات الشركات والجهات العاملة في مجال الأنشطة المالية غير المصرفية. كما أطلقت الهيئة تطبيق ذكي عبر الهواتف المحمولة لتكوين قاعدة بيانات تضم الكوادر النسائية المؤهلة لشغل مناصب قيادية وتدفع بالمرأة للمشاركة في صنع القرار الإداري وتطوير الأداء النوعي للشركات، كما أعلنت الهيئة لأول مرة جائزة لاختيار القيادات النسائية الأكثر تميزًا بالقطاع المالي غير المصرفي. وتهدف هذه القرارات إلى إعطاء المرأة فرصة القيادة والمشاركة في صنع القرار الإداري عبر ضمان تمثيلها في مجالس إدارة الشركات المقيدة في البورصة المصرية والشركات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية.

وقد تكللت جهود الهيئة في مجال الاستدامة بانضمام الهيئة لعضوية شبكة البنوك المركزية وهيئات الرقابة المالية الهادفة للتحول إلى النظام المالي الأخضر، وذلك في خطوة تعزز من تواجد الاقتصاد المصري على خريطة الاقتصاد الأخضر. ومن ناحية أخرى، قامت الهيئة بإنشاء المركز الإقليمي للتمويل المستدام، بغرض نشر الثقافة المالية في مجال التمويل الأخضر، وعلى صعيد آخر، قامت الهيئة بالتبرع بمبلغ 250 مليون جنيه من فوائضها لصندوق تحيا مصر للمساهمة في دعم أنشطة الصندوق في مجال دعم العمالة غير المنتظمة في ظل الظروف الاقتصادية الناتجة عن تفشي وباء فيروس كورونا المستجد.

وعلى مستوى تحسين مناخ الاستثمار، أصدرت الهيئة قرارًا تنظيميًا بضوابط مزاولة صناديق الملكية الخاصة لبعض الأنشطة المتخصصة بما يُسهم في تعظيم دور صناديق الاستثمار في الأنشطة المرتبطة بالتنمية الاقتصادية كقطاعات التنمية الصناعية والزراعية وما يرتبط بها من أنشطة تسويقية وأنشطة إنتاجية، وذلك لجذب وتيسير تدفق الاستثمارات نحو التنمية الاقتصادية، كما قامت الهيئة بإصدار الضوابط الرقابية الخاصة بقوائم العقوبات والقيود المالية المستهدفة في مجال مكافحة الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل للجهات العاملة في مجال الأنشطة المالية غير المصرفية.

وعلى مستوى تطوير الأسواق المالية غير المصرفية، وفي خطوة تستهدف تحقيق التكامل بين الأنشطة المالية وإتاحة التنوع في مصادر التمويل أمام شركات التمويل غير المصرفي وافقت الهيئة على إتاحة بدائل تمويلية جديدة أمام شركات التمويل العقاري، والتأجير التمويلي، والتمويل الاستهلاكي، والتخصيم، والتمويل متناهي الصغر من خلال استحداث نوعية جديدة من صناديق الاستثمار متخصصة في الاستثمار في القيم المنقولة الأخرى من خلال حوالة كُل أو جزء من محفظة الحقوق المالية الآجلة المملوكة لها والناشئة عن مزاولة نشاط التمويل غير المصرفي. بالإضافة إلى ذلك، قامت الهيئة خلال العام بالموافقة على منح ترخيص لستة عشر شركة تمويل استهلاكي. كما قامت الهيئة بالموافقة على ثلاثة إصدارات للصكوك، منهم إصدارين صكوك إجارة بقيمة إجمالية قدرها 2.6 مليار جنيه، أما الإصدار الثالث فكان لصكوك مضاربة وبلغت قيمته 2.5 مليار جنيه.

وعلى مستوى العلاقات الدولية، فقد تم إعادة انتخاب مصر عضوًا بمجلس إدارة الأيوسكو (IOSCO) للفترة 2022-2020 وذلك للمرة الرابعة على التوالي، كما انضمت الهيئة للمجموعة الاستشارية الإقليمية للشرق الأوسط لمجلس الاستقرار المالي Financial Stability Board (FSB) في خطوة نوعية لتعزيز الاستقرار المالي لقطاع الأنشطة المالية غير المصرفية.

وعلى مستوى تحسين منظومة إدارة المخاطر وخلق آليات للإنذار المبكر بالأزمات، قامت الهيئة ولأول مرة في تاريخها بتنفيذ اختبار الإجهاد (stress testing) وتحليل السيناريوهات لقياس مدى قدرة وتحمل الشركات والمؤسسات المالية غير المصرفية لعوامل المخاطر الناتجة عن أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، وكذلك أية متغيرات اقتصادية غير مناسبة لاستمرارية الأعمال المعتادة، وقد جاءت نتيجة الاختبار وكذلك تحليل السيناريوهات مؤكدة على تمتع الشركات والمؤسسات المالية غير المصرفية بمراكز مالية قوية جعل تعرضها لمخاطر انخفاض الملاءة المالية، ومعدلات السيولة في نطاق المخاطر المنخفضة، وإن كان تعرضها لمخاطر انخفاض الربحية وتراجع الفوائض المالية وانخفاض الكفاءة التشغيلية وجودة المحافظ في نطاق المخاطر المعتدلة والمقبولة. وقامت الهيئة باتخاذ حزمة من المبادرات للتيسير على المتعاملين والعمل على سلامة واستقرار الأسواق المالية غير المصرفية، مع أخذ التدابير الوقائية لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد بين العاملين بالهيئة وتيسير إجراءات التعامل مع المواطنين بمقر الهيئة بالقرية الذكية.

أما على صعيد التوعية والثقافة المالية، فقد تمكنت الهيئة، من خلال معهد الخدمات المالية بإنهاء إجراءات التعاقد مع معهد The Instituto de Estudios Bursátiles (IEB) بإسبانيا، لتقديم شهادة الماجستير في الأسواق المالية Master in Financial Markets لأول مرة في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، والتي سيتم تنفيذها بدءًا من شهر مارس 2021 وسوف تكون مدة هذا الاتفاق 4 سنوات ويكون لمعهد الخدمات المالية الحقوق الحصرية لتقديمه في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى ذلك، قامت الهيئة برعاية العديد من المؤتمرات وتنظيم ورش العمل المتخصصة في الأنشطة المالية غير المصرفية، واستمرار مشاركة العاملين بها في برنامج التدريب الداخلي بهيئة الرقابة على التأمين الأمريكية.

واستعرض في التقرير عدد من المحطات الهامة للهيئة العامة للرقابة المالية خلال عام 2020 ليصبح شاهدًا على ما تم إنجازه والجهد المبذول على أرض الواقع، قبل أن أن يشكر مجلس إدارة الهيئة والعاملين بها، والإعلاميين وأطراف القطاع المالي غير المصرفي المختلفة على ما بذلوه في سبيل رفعة الوطن وتقدمه، متمنيا أن يكون العام القادم عامًا مستقرًا يتسم بالنجاح والتقدم ليس على مستوى الهيئة فقط ولكن على مستوى مصرنا الحبيبة ككل.