رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

10 سنوات على الثورة


مضت عشر سنوات على اندلاع ثورة يناير، أو ما يعرف بـ«ثورات الربيع العربى»، ولعلنا نسينا ما حدث خلال تلك الثورة من مهازل هزّت وجداننا جميعًا وأصابتنا بالإحباط.
ولا شك أننا تابعناها من البداية بنوع من الحماس، وهو الحماس الذى قابله الرئيس مبارك ورجاله بنوع من الاستهتار، وهو ما جعل الثورة تشتعل أكثر.
كان زخم الثورة ينبع من أنها لا قائد لها، صحيح أنه ظهر الكثير ممن ادّعوا القيادة وحاولوا ركوب صهوتها، لكن من مميزات الثورة أنها لم تتوقف، وقامت بتصحيح أخطاء من قاموا بها.
أستطيع أن أؤكد بثقة أن القائد الأعلى لثورة يناير ٢٠١١ كان الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعى، وهى التى قادت خطوات الثورة باقتدار.
إن أجهزة الإعلام، خصوصًا بعض القنوات الخاصة، ووسائل التواصل الاجتماعى التى ظهرت بعد الثورة، تعاملت مع الثورة بحرفية عالية، وتمكنت من قيادتها، غير أنه ظهر توجه خطير فى بداية الثورة، كان له تأثيره الهائل على الخط العام للثورة، وجعلها تحيد عن أهدافها التى ظهرت فى الأيام الأولى للثورة، وهى «عيش، حرية، عدالة اجتماعية» وجذب هذا الشعار كل أطياف الشعب بمختلف أيديولوجياتها وأفكارها.. وكان هذا الشعار يستوعب كل الأهداف العامة لكل فئات الشعب.
كان الخطأ الذى وقعت فيه أجهزة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى معًا هو طريقة التعامل مع الشرطة وقياداتها، وباقى مؤسسات الدولة من جيش وقضاء، باعتبار أنها دائمًا مخطئة، وأنها دومًا ظالمة، وأن كل فئات الشعب تعرضت للظلم من تلك المؤسسات، وأن الشعب لم ينسَ ماضيها وما كانت تفعله، وغيرها من الاتهامات التى كانت ترددها أجهزة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى طوال الوقت، وكانت تلك الاتهامات هى محور حديث كل ضيوف البرامج الحوارية التى ازدهرت فى الأيام الأولى للثورة.
كانت أحاديث الظلم لا تنتهى فى تلك القنوات، وتفننت بعض القنوات فى ادعاءاتها، والتى وصلت إلى حد استضافة ضابط ومعه مجرم خطير، وقام المجرم باتهام الضابط بتعذيبه، على الهواء مباشرة، دون أن يقدم دليلًا واحدًا على صدق أقواله، وقام المذيع بالتحقيق فى الجريمة على الهواء وكأنه وكيل نيابة، الأمر الذى شكّل عنصرًا ضاغطًا على رجال الشرطة.
الغريب أنه كان هناك اتجاه لجعل أخطاء الشرطة فى بؤرة الاهتمامات اليومية لتلك القنوات، وكان تركيز الإعلام على تلك الأخطاء بمثابة تحريض مباشر ضد الشرطة، ونشر الاتهامات الموجهة إلى أفراده على الهواء قبل أن تبدأ تحقيقات النيابة، وهو الأمر الذى يعطى صورة سلبية لدى المواطن العادى، وفقد الثقة فى رجال الشرطة أثناء تأدية واجبهم.
كما ركزت وسائل الإعلام على مسألة هروب أكثر من عشرة آلاف سجين، من الخطرين على الأمن، وتحذير المواطنين منهم، وهو ما كان دافعًا للهجوم على مقرات الشرطة وإحراقها، مع وسائل المواصلات والاتصالات، وسرقة أسلحتها، وظهرت دعاوى خبيثة لتجريد رجال الشرطة من الأسلحة، وهو ما ساعد على تفشى حالة الانفلات الأمنى التى غيرت من نظرة الناس لتلك الثورة.
كما كانت هناك منظومة محكمة، بدأت مؤخرًا فى الظهور العلنى، وهدفها تدمير مؤسسات الدولة.. بدأت المنظومة بتدمير جهاز الشرطة وسمعته، وبدأت تلتفت إلى القوات المسلحة والمجلس العسكرى ومحاولة تدمير علاقتهما بالشعب، وأخيرًا اتجهت إلى رجال القضاء، وبدأت فى هزّ الثقة فى سمعتهم والتقليل من شأنهم، وظهر وقتها ما يعرف بثقافة تدمير كل مؤسسات الدولة وتخريبها.
كنا فرحين بالثورة، وكان مصدر فرحنا أنها ثورة قام بها كل أطياف الشعب دون استثناء، وأن الثورة قامت بتطبيق شعار «لا يصح إلا الصحيح»، وصححت نفسها بنفسها، وعادت الدولة لتمارس دورها فى تنمية البلاد وتحقيق الرخاء للمواطنين.