رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسالة إلى الفارس النبيل




اليوم ونحن نقترب من ٢٥ يناير وما تلاها من أيام وأحداث ترتب عليها تغيير الحياة السياسية فى مصر لا بد لنا أن نسترجع بعض الأحداث- وليس جميعها- التى كادت تودى بالدولة المصرية إلى المجهول لولا ذكاء وفطنة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وتحملوا أمانة المسئولية بهدوء وثقة إلى أن تم تسليم الأمانة إلى من استحقها، ليعبر بالبلاد إلى بر الأمان، مرورًا بأحداث جسام وتضحيات كبيرة بعد أن تمكنت جماعة الإخوان الإرهابية من السطو على حكم البلاد.. إلا أن إرادة الشعب المصرى، مدعومة برجال أوفياء من رجال القوات المسلحة، وضعوا أرواحهم وحياتهم على أيديهم فداء لوطنهم، إلى أن تم إسقاط تلك الجماعة وكوادرها وعناصرها- أعادت البلاد إلى أحضان أبنائها لتنعم بالأمن والأمان والاستقرار.
جميعنا كان يتابع تلك الإرهاصات التى جعلتنا نتوقع أن هناك تغييرات مقبلة لا محالة، خاصة بعد انتخابات مجلس الشعب فى ٢٠١٠ وما شابها من تجاوزات ترتب عليها إيجاد حالة من الغضب الشعبى والرفض لتلك الممارسات، وهو الأمر الذى تلقفته قوى الشر واستطاعت أن تزيد الأمور اشتعالًا فى نفس الوقت الذى كان فيه العديد من العناصر الشبابية ينضم إلى الحركات المناهضة للدولة المصرية، مثل حركة ٦ أبريل والثوريين الاشتراكيين، بل تتلقى تدريبات على أعمال الشغب والتظاهر فى كل من صربيا وكرواتيا.. وقد شاءت طبيعة عملى أن أرى هؤلاء عند سفرهم وعودتهم للبلاد وهم يدّعون الإخلاص والوطنية، فى حين أن نفوسهم وضمائرهم كانت تضمر الخيانة والشر للوطن الذى تربوا على أرضه ونهلوا من خيراته.. لقد كانت العيون تراقب هؤلاء عن كثب والآذان تستمع إلى مؤامراتهم ضد وطنهم، وهو الأمر الذى جعل الدولة تلجأ، فور حدوث تلك المظاهرات وما شابها من أعمال عنف مدروسة ومخطط لها بعناية، إلى قواتنا المسلحة وجيشها العظيم الذى كان يقوده حينئذ ذلك الرجل الذى تحلى بكل آيات الثبات والثقة فى نفسه وفى رجاله، ولم يتخل عن مسئولياته، بل تصدى لتلك المؤامرات والتحديات، وانبرى يدير منظومة إدارة البلاد فى أصعب الظروف التى تعرضت لها بكل تجرد وشفافية، دون أن يبحث عن مجد شخصى أو استئثار بالسلطة، وكان هدفه الأول هو تفويت الفرصة على أعداء الوطن لإسقاطه أو تقسيمه أو تقزيمه.
إننى أتحدث اليوم عن الفارس الأسمر «المشير محمد حسين طنطاوى»، ذلك الرجل الذى أدار مصر فى وقت هو الأصعب فى تاريخها.. أتحدث عن ذلك الرجل الذى حفظ أمن مصر وأمان شعبها من مؤامرات الخيانة التى سعت للنيل من مصر فى ذلك الخريف المشئوم الذى حاول فيه بعض الدول الرهان على إسقاط الدولة المصرية وتسليمها لحفنة مارقة لا دين لها ولا ثوابت، هدفها الأول أن تتمكن من حكم البلاد حتى ولو كان ذلك على حساب ترويع العباد وأمانهم بل حياتهم.. وحينما اعتقدت تلك الثلة الآثمة أنها تمكنت من زمام الأمور كانت القوات المسلحة، يقودها ذلك القائد النبيل، لها بالمرصاد، حيث ظل يدير الأمور بحكمة بالغة وترك جماعة الإخوان الإرهابية للشعب هو الذى يحدد مصيرها.. وفرض حمايته على أبناء وطنه حتى عندما ظهرت نواجز الأعداء وتكاتفت عناصر الشر مجتمعة بغض النظر عن انتماءاتها طالما التوجهات كانت واحدة وهى إسقاط الوطن.. ووضعهم جميعًا تحت أعين رجال القوات المسلحة حيث تمت مراقبتهم فى ميدان التحرير والمحافظات الأخرى وترك الأمر حتى يبلغ ذروته ثباتًا على القيم العسكرية التى تربى عليها، حتى إذا ما وجد الأمر خيارًا عسكريًا حاسمًا بين القيادة والوطن رجحت كفة الوطن على كل المشاعر، وتحرك القائد العسكرى المشير حسين طنطاوى لقيادة مصر بل الأمة العربية كلها، التى كانت وما زالت تعتبر أن مصر هى الدرع الواقية لها جميعًا، فرفع حالة الاستعداد القصوى للبلاد، وتم تأمين مداخلها ومخارجها بأعين من حديد، وتمت السيطرة على كل المرافق المدنية والعسكرية والحيوية والاستراتيجية بأيدى رجاله وقواته، وتم وضع خارطة طريق لإنهاء حالة الفوضى والعنف الموجودة فى معظم محافظات الوطن.. حتى عندما استقر الحكم فى أيدى تلك الجماعة المارقة كان المشير على ثقة بأن الشعب المصرى هو الذى سوف يتولى إسقاطها بل محاكمتها، وهو ما حدث بالفعل ولم يستغرق الأمر سوى عام واحد، حتى عادت البلاد إلى أهلها الشرفاء، ووقفت القوات المسلحة كعهدها دومًا خلف قيادتها الأمينة، وقدم المشير طنطاوى بكل الذكاء والتجرد الفريق أول/ عبدالفتاح السيسى ليقود المسيرة من بعده فى قيادة الجيش المصرى، بعدما ظن أهل الشر أنهم سيطروا على القوات المسلحة، حيث تمكن من أن يرد كيدهم ويسقط مخططهم وحافظ على كل شبر من أرض مصر، وخرجت مصر منتصرة من حرب الفتن الشعواء، وظلت- وما زالت- القوات المسلحة تكافح الإرهاب وتطارد التكفيريين والإرهابيين وتواجه كل الدسائس التى تتعرض لها البلاد.
قدم المشير حسين طنطاوى القائد والأب دروسًا فى التضحية والفداء وعزف المجلس العسكرى تحت قيادته سيمفونية حربية استراتيجية رائدة تدرس فى كليات أركان الحرب والجامعات العسكرية.. ولم يترك أى حدث للظروف أو المصادفات، بل كانت كل الأمور تحت السيطرة حتى تم تسليم الأمانة والقيادة إلى أحد أبنائه المخلصين الأشداء الذى وضع حياته فى كفه والوطن فى الكفة الأخرى، وكان من الممكن أن يسير ويساير الجميع، ولكنه أبى إلا أن يكون ابنًا وطنيًا مخلصًا أمينًا مثلما كان قائده وقدوته.. إنه الرئيس عبدالفتاح السيسى.
اليوم، كما ذكرت فى بداية حديثى ونحن نقترب من الخامس والعشرين من يناير، لا بد لنا أن نتذكر ذلك الفارس النبيل ونرسل إليه كل التحية والشكر والعرفان على ما قدمه لوطنه محافظًا على شرف العسكرية وعلى القسم الذى أقسمه منذ عشرات السنين بأن يحافظ على الوطن وعلى سلامة أراضيه حتى ولو كانت الشهادة والموت فى سبيله ثمنًا لذلك.
إنها رسالة إثبات فضل وحق وجب علىّ وعلى كل مصرى مخلص أن يرسلها إلى السيد المشير/ حسين طنطاوى ويتمنى له دوام الصحة والعافية وأن ترد مصر لك الجميل وتقول لك: عشت مرفوع الرأس وسلمت أمانة قيادة الوطن لمن يعرف قدر هذا الوطن ويسير على نفس الخطى والنهج، وهو نهج العطاء المتجرد من أى هوى سوى حب الوطن والدفاع عنه وحمايته والعمل على تحقيق رفاهيته واستقراره.
وتحيا مصر.