رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرئيس وأبناؤنا.. ودور المرأة المصرية


يتوجب على المرأة المصرية أن تستدعى الآن دورها كصمام أمان للوطن، ويتوجب على المرأة المصرية أن تكون خط الدفاع الأول لحماية الوطن من انتشار فيروس «كورونا» الفتاك فى ظل موجه ثانية لا ترحم.
إن ما نشهده حاليًا من توسع الفيروس وانتشاره من دولة إلى دولة مرة أخرى يفوق خيال أى مؤلف أو كاتب مهما بلغت درجة خياله.
صحيح أن هناك أفلامًا أجنبية شهيرة تم إنتاجها حول الفيروسات الفتاكة وتخليق الفيروسات المدمرة، إلا أننا لا نزال نواجه تبعات فيروس «كورونا» الفتاك القاتل الذى أصاب العالم جميعًا منذ شهر فبراير ٢٠٢٠.
ورغم كل محاولات محاصرته، فإنه اجتاح كل الدول فى العالم بشكل مخيف مسببًا فزعًا ووفيات لكل الناس فى جميع أنحاء العالم، إلا أننا فى بلدنا نحاول الآن أن نتصدى له بكل الطرق العلمية الممكنة. اتخذت الدولة كل الإجراءات الممكنة للتصدى له، لكن الأرقام منذ أيام تتصاعد ولا تزال التوقعات كلها تتجه إلى ارتفاع الأرقام فى شهرى يناير وفبراير ما يستدعى المزيد من الحيطة والكثير من الحذر.
لم يكن أحد يتخيل ما يحدث الآن فى العالم، وفى بلدنا وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكومة بإجراء امتحانات المراحل التعليمية عقب إجازة منتصف العام فى حالة استقرار أعداد إصابات «كورونا» أو تأجيلها للفصل الدراسى الثانى.
كما وجّه الرئيس أيضًا بإجراء امتحانات المرحلة الثانوية «أولى وثانية» من المنزل بنظام التابلت، كما وجّه أيضًا الرئيس الحكومة بأن تكون إجازة نصف العام الدراسى من ١٦ يناير إلى ٢٠ فبراير المقبل، وأن تبدأ الدراسة أسبوعين من المنزل اعتبارًا من السبت الماضى، وأعلن مجلس الوزراء بدوره عن تنفيذ التوجيهات الرئاسية وتأجيل كل الامتحانات التى كان مقررًا عقدها لما بعد انتهاء إجازة نصف العام مع تطبيق ذلك على كل أنواع التعليم ومستوياته.
ويأتى ذلك بالطبع من واقع حرص الرئيس على صحة ملايين المصريين وفى مقدمتهم الأطفال والتلاميذ والطلبة وهيئات التدريس والمعلمون، وذلك مع انتشار وتصاعد الإصابة بفيروس «كورونا» خلال شهرى يناير وفبراير.
وإذا كان قرار الرئيس بوقف المدارس وتأجيل الامتحانات يأتى من واقع حرصه على سير العملية التعليمية وإبعاد الخطر عن الملايين ما بين التلاميذ والمدرسين والمشرفين وكل العاملين فى التعليم الحكومى والخاص والدولى وتأجيل امتحانات منتصف العام إلا أن هذا القرار الصائب هو قرار أحدث تساؤلات عديدة بين الأمهات والآباء الذين سيظل أبناؤهم فى البيوت وسيتلقون التعليم عن بُعد، ما يجعلنى أطالب أولياء الأمور «الأمهات والآباء» بأن يقوموا بدور مهم وأساسى فى هذه المرحلة الاستثنائية والخطيرة وهو توجيه الأبناء بضرورة أخذ كل الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعى مع الحرص على ارتداء الكمامة والحرص على استذكار دروسهم فى المنازل.. إنها مسئولية الأمهات بالدرجة الأولى، فهن من سيتولين الإشراف على الأبناء ومتابعة دروسهم مع اتباع نظام التعليم عن بُعد.
وهذه فى تقديرى هى الطريقة الوحيدة لحماية ملايين الأسر من الإصابة بفيروس «كورونا»، فالموجة الثانية من الفيروس الفتاك تُصيب عدة أفراد من الأسرة الواحدة وليس فردًا أو أحدًا، ولا أحد يمكنه أن يحدد لنا تمامًا قوة أو مدى الإصابة لكل سن.
لكن المؤكد أن العدوى تنتقل بسهولة خاصة فى الزحام، وأيضًا من المؤكد أن الإصابة تكون أخطر لدى كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، ولاحظنا أن الموجة الثانية تُصيب الشباب أيضًا، فأنا مثلًا لى صديقة عزيزة هى «س. ن» وهى زوجة لطبيب شهير وابنتاها طبيبتان أيضًا، وكان أفراد أسرتها يحرصون على تحذيرها من الخروج أو الاختلاط طوال الفترة الماضية ويحرصون على ألا تخرج إلا قليلًا جدًا خوفًا عليها من الإصابة بالفيروس، وكانت تحرص على البقاء فى المنزل والاستجابة لتحذيراتهم كأطباء يدركون خطورة مرض «كوفيد- ١٩» إلا أن يد القدر كان لها ترتيب آخر، إذ أُصيب زوجها الطبيب بالفيروس الفتاك وابنتها وحفيدها أيضًا فى نفس الأسبوع، وتم نقل زوجها إلى المستشفى للعلاج ولا يزال تحت العلاج وإشراف الأطباء حتى الآن، إلا أن ابنتها الكبرى شُفيت والحمد لله وحفيدها شفى أيضًا والحمد لله.
كما أُصيبت ٣ من صديقاتى بالمرض نفسه، وكل منهن لا تعلم من أين جاءتها العدوى؟ وأُصيب أيضًا عدد من الفنانين والإعلاميين منهم يسرا، إيناس الدغيدى، وائل الإبراشى، كما أُصيب وزير الخارجية الأسبق عمرو موسى، وخبير التجميل الشهير محمد الصغير.
ورأينا رغم التحذيرات التى تبنتها الدولة والإعلام جميعًا، مشهدًا صادمًا لعيوننا يعكس مدى الاستهتار الشديد لدى الشباب وتجاهل كل التحذيرات والإجراءات والغرامات التى أقرتها الحكومة فى مطالبتها للشعب بعدم حدوث تجمعات وارتداء الكمامات وإلغاء احتفالات رأس السنة وإلغاء سرادقات العزاء، إلا أن الشباب خاصة لم يتجاوبوا مع هذه التحذيرات، ما جعلنى أتوقف عند أهمية استدعاء دور الأمهات فى التوعية وتوجيه أبنائها والقريبين منها إلى السلوك السليم.
وأنا هنا أتساءل: أين أهالى مئات الشباب والمراهقين الذين خرجوا للاحتفال فى تجمعات كبيرة بمشهد مفزع، سيؤدى بلا شك إلى انتشار الفيروس.. ومشهد الركض بالمئات وسط الكوبرى واللعب بالصواريخ النارية وسط السيارات المارة على كوبرى ستانلى على شاطئ مدينة الإسكندرية؟
لقد خرج مئات الشباب والمراهقين للاحتفال وكأنهم لم يسمعوا التحذيرات أو لم يروا مئات الوفيات من جراء «كورونا» وكأنهم فى عالم آخر أو لم يعيشوا معنا فى نفس البلد!. لقد تجاهلوا كل التحذيرات وتجاهل أهاليهم أن يوجهوهم للسلوك المناسب والحفاظ على صحتهم وعلى غيرهم من الإصابة بالفيروس.
وهذه قضية مهمة سأعود إليها فى مقال مقبل، لأن مسألة توجيه الأبناء والمراهقين والشباب من الأمهات قد أصبحت فى حاجة ماسة إلى وقفة جادة، وأيضًا مسألة ترك المراهقين والشباب دون متابعة أو توعية أو إشراف من الأهل ما يوقعهم فى مشاكل وقضايا وآفات تجعل من السهل انحرافهم وانجرافهم فى سلوكيات إجرامية أو فوضوية تنجم عنها كوارث يعانى منها الشباب أو الشابات ويعانى منها أيضًا الأهل، كما يعانى بسببها المجتمع ككل.
إن للمرأة المصرية دورًا محوريًا وأساسيًا الآن لمواجهة الموجة الثانية العاتية من انتشار فيروس «كورونا» وذلك بتوجيه أسرتها للحماية والوقاية للنفس وللغير منه وتوجيه أبنائها للسلوكيات السليمة سواء كانوا أطفالًا فى الحضانة أو تلاميذ فى المدارس أو طلبة فى الجامعات، وعدم الانجراف فى تجمعات تجلب المرض والأذى أو الوفاة لأحد أفراد الأسرة أو تنقل العدوى إلى البيت، كما أنه ستكون على الأمهات متابعة المناهج وحث الأبناء على اتباع تعليمات المدرسة والاستذكار ومتابعة الدروس عن بُعد من المنزل.
لقد كانت المرأة المصرية هى دائمًا صمام أمان الوطن فى السنوات العشر الأخيرة، كانت حاضرة وإيجابية وفعالة حينما يناديها الوطن وكانت تقف فى الصفوف الأولى فى كل الأحداث الوطنية والمهمة، ومواقفها الوطنية التاريخية فى السنوات العشر الأخيرة تشهد بأنها هى التى وقفت لحماية الوطن وصون حريته فى ظل كل المؤامرات الخارجية والداخلية التى حدثت ضده، والمرأة المصرية الآن لديها دور مهم فى التصدى لتيار انتشار فيروس «كورونا» الفتاك والمميت ومساعدة أبنائها ورعايتهم وحمايتهم منه ودعمهم فى التعليم عن بُعد بسبب توقف الدراسة التى اقتضتها الظروف الاستثنائية التى تمر بها البلاد ويمر بها العالم أجمع.
إنه اختبار جديد للمرأة المصرية التى يمكنها أن تجعل الوطن يجتاز محنة «كورونا» بأقل خسائر ممكنة منع انتشار الخطر بداخل بيتها والمقربين منها وبداخل الوطن.. وأتمنى أن تمر شهور الخطر بأمان.. وسلام على أهل مصر المخلصين.