رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تقتحم عالم المدونات النسوية.. مبادئ لا تعترف بخطأ روايات الضحايا أو التشكيك فيها

عالم المدونات النسوية
عالم المدونات النسوية

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تثار على فترات متقاربة بشكل ملحوظ عن تورط أحد الأشخاص المدونين في قضايا ابتزاز جنسي، بعد أن نشرت إحدى المدونات شهادة لسيدة تحكي فيها أنها تعرضت لواقعة ابتزاز جنسي من المدعو "و.ع".

على مدار الساعات الماضية كانت مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن تورط أحد الأشخاص المدونين في قضايا ابتزاز جنسي، بعد أن نشرت إحدى المدونات شهادة لسيدة تحكي فيها أنها تعرضت لواقعة ابتزاز جنسي من المدعو "و.ع".

تلك الشهادة التي سبقتها عدد آخر من شهادات السيدات اللاتي يحكون فيها عن أحداث جنسية تورطوا فيها من قِبل بعض المشهورين، لكن هل تلك الشهادات يتم التدقيق في صحتها قبيل النشر، أم يتم تصديق الشهادات عامة من قبل المدونات متسلحين بقاعدتهم الأولى المسجلة على رأس المدونة "نحن نصدق النساء".

حقوقية: آلية التعامل مع شهادات الضحايا يكون مبدأها الوحيد التصديق
في البداية تؤكد الدكتورة بسمة يحيى المحامية الحقوقية حول آلية التعامل مع شهادات التحرش والاغتصاب، أن التصديق هو الآلية الوحيدة التي على المجتمع فعلها في مواجهة أي شهادت تحرش أو اغتصاب أو عنف عمومًا تتعرض له السيدات لا سيما في المجتمعات الشرقية.

وتوضح أن الاعتداء الجنسي هو أحد أشكال العنف التي تمارس على المرأة، وفي حال التشكيك في شهادتهن بأي صورة من الصور أو إلقاء اللوم عليهم بدعوى: "ايه اللي وداها هناك؟" هو أمر مرفوض لأنه يزيد من معدلات التحرش بسبب أن الجاني يجد من يبرر له أفعاله أو لا يصدقها دون أي جهد منه.

وتشير إلى أن آلية التحقق من تلك الشهادات تكفلها مراكز الدعم المجتمعي التي تكون على علم جيد بالفتاة التي تعرضت لذلك الفعل الإجرامي، والتي تقوم بنشر الشهادات، ولا يجب أن نطالب الضحايا ـ الناجيات بالكشف عن هويتهن أو مواجهة مجتمع يوصمهن بالعار لمجرد أنهم ضحايا لأفعال متوحشة وباحوا بها.

وتضيف: "الآلية الوحيدة مع تلك الشهادات هي التصديق، لأننا أول من ندعو الناجيات للحديث وبمجرد حديثهن والبوح بما حدث حتى وأن مر عليه سنوات طويلة، تبدأ الفتاة تواجه سيل ضخم من الاتهامات غير المفهومة سوى أنها تبرر التحرش والاغتصاب وتدفع الآخرون إلى ارتكاب نفس الفعل".

وتوضح السيد أن اتهام الضحية بالتلفيق أو الكذب هو دفاع في شكل مستتر عن المتحرش والمغتصب، الذي في كل مرة يجد من يبرر له ويضع له الأسباب الجاهزة، أولها هو التشكيك في الروايات التي تصدر من الناجيات ـ الضحايا، الذي يدفعهن بعد ذلك إلى السكوت والصمت بدلن من الوصم المجتمعي.

واختتمت: "لا نشكك في جرائم القتل والرشوة وغيرها مثل التشكيك الذي يصدر تجاه قضايا التحرش، بالرغم من أن كلها جرائم لا يمكن السكوت عنها مطلقًا، لكن قصص التحرش دومًا مبرراتها معلبة، لا تحتاج من المجتمع سوى إطلاقها بمجرد تفجير قضية اغتصاب أو تحرش جديدة، وهو ما يؤدي إلى رد فعل عكسي من الضحية باللوم على نفسها بسبب البوح الذي جلب لها المتاعب.

المهدي: النيو ميديا ساعدت على تفجير قضايا حساسة ومثيرة للرأي العام

الدكتور محمد المهدي، استشاري الطب النفسي، يوضح أن هناك تأثير نفسي أحدثته النيو ميديا الحديثة على كل الأحداث والوقائع التي تتفجر في المجتمعات، مشيرًا إلى أن بمجرد إذاعة أي خبر على مواقع التواصل الاجتماعي يسير كالنار في الهشيم ويبات الجميع يعرفه ويتحدث عنه ويساهم في نشره.

ويضيف لـ"الدستور": "وتأثيره النفسي يظهر في لوم الشخص لنفسه إذا لما يشارك في التعليق على القضية سواء بالسلب أو الإيجاب حتى لا يكن بعيدًا عن الجماعة وهو ما غذا النيو ميديا في الوقت الحالي، وجعل القضايا تتفجر بشكل سريع وأسهل من ذي قبل وتتعدى حدود المجتمع الذي وقعت فيه إلى مجتمعات أخرى".

ويوضح أن المدونات الحالية الخاصة بدعم الضحايا الناجيات تعتبر منفس للحديث بالنسبة لهن، وهي المرة الأولى التي تتحدث فيها ضحايا عن وقائع تحرش أو اغتصاب تمت بهن، لذلك لا بد من التعامل بحذر وحرص شديد مع تلك الأمور حتى لا تفقد الفتيات الثقة في المجتمع.

ويشير إلى أن المجتمع به بعض المفاهيم المغلوطة في قضيتي التحرش والاغتصاب، أولها هي فكرة لوم الضحية بأي صورة كانت، موضحًا أن إلقاء اللوم على الضحايا يعد دفاع واضح عن الفعل وفاعله وبالتالي يترك آثار نفسية سيئة لدى الضحية وخبرة لديها بأن البوح سيقابله رفض مجتمعي شديد ولوم ووصم اجتماعي.

ويتابع: "الضحايا في الوقت الحالي يفضلن البوح على منصات التواصل الاجتماعي لأنها الوسيلة الأكثر انتشارًا والتي تساعد أن يكون لحديثهن صدى في النيابات، وتفجير القضايا ربما يكون بشكل عالمي وليس محلي فقط، لذلك لا يجب أن يفقدن الثقة في تلك الوسيلة المستترة".

ويشدد على أهمية وجود آلية من أجل تصديق روايات الضحايا من الفتيات، بما يضمن لهن سرية هويتهن حتى لا يتم وصمهن مجتمعيًا أو آذيتهن بأي طريقة كانت، وفي نفس الوقت يعزز من شهادات الاتهام التي تظهر وهي آلية تضمن حقوقهن في كل الأحوال".

المدونة تخفي هويتها الحقيقية.. والمنظمات النسوية تدعم الناجيات


ولتوضيح آليات التحقق من شهادات الناجيات التي تنشرها مدونة "دفتر حكايات"، حاولنا التواصل مع المدونة لسؤالهم عن مدى إثبات القصص المنشورة، وكان الرد حينها "نعتذر عن إجراء أي حوارات صحفية، واللي عاوزين نقوله بنقوله من خلال المدونة".

انتقلنا من هنا للحديث مع المنظمات النسوية التي تستقبل مثل تلك الحالات من ناجيات التحرش، لمعرفة آليات التعامل مع ضحايا التحرش الجنسي، وكيفية توثيق قصصهم وإثبات التهمة على الجناة وملاحقتهم جنائيًا، وبالفعل أوضحت مي مصطفى، منسقة في مركز تدوين المهتم بمشكلات المرأة، أن الفتيات يبحثن حاليًا عن أي وسيلة لحكي المواقف الإجرامية التي تعرضن لها في حياتهن.

أشارت "مي" إلى استخدام منصات التواصل الاجتماعي التي تجهل هوية الفتيات خلال نشر قصصهن، بسبب خوفهم المستمر من الوصمة المجتمعية التي تلاحقهم بعد كشف هويتهم سواء في حياتهن الشخصية أو العملية، مثل ما حدث مع إحدى الحالات التي روت قصتها مع التحرش ضد أحد الأشخاص المعروفين ثم عانت من فقدان وظيفتها على الفور، وأصبحت منبوذة من قبل الكثيرين.

وبسؤالها عن مدى التحقق من إثبات القصص المنشورة، أكدت "مي" أنا الطريقة السليمة التي يجب اتباعها مع هذه الحالات هي التواصل المباشر معهن قبل نشر القصة، والإطلاع على هويتهم الحقيقة بشرط حفظها وعدم الإعلان عنها، وفي حالة صعوبة الوصول إليهم يتم التواصل مع أقاربهم أو أصدقائهم كشهود عيان على القصة، ثم البحث عن ما يثبت تورط الجناة من خلال عناصر عدة.

أضافت: "دورنا هو دعم أي ناجية تتعرض للتحرش الجنسي في عملها أو حياتها بشكل عام، بالإضافة إلى الحفاظ على سرية بياناتها على حسب رغبتها الشخصية، فيوجد فتيات يرغبن في تحرير محاضر بالكشف عن هويتها الحقيقية وإرفاق ما يثبت قصتها من محادثات وتسجيلات لحديث الشخص المتهم، وفي هذه الحالة نتجه إلى القضاء لملاحقة الجاني ومحاكمته على الجريمة التي افتعلها، مستغلًا منصبه ومركزه في السيطرة على الفتاة".

أما عن إمكانية تشوية أشخاص مرموقين في المجتمع باستخدام حيلة التحرش، قالت "مي" إنه من الممكن في الفترة القادمة أن يستخدم بعض الأشخاص هذه الحيلة في تدمير حياة أخرين، من خلال الإدعاء بقصص ناجيات من التحرش والرمز إلى أول حروف من أسماءهم بجانب أماكن عملهم، لكن دون إثبات واضح عن ما يورط الشخص المذكور، لكن في جميع الحالات المجتمع المصري يصدق روايات الناجيات لأن قضية التحرش أمر طبيعي نعيشه في حياتنا بشكل يومي.

تحدثنا مع عضوة ناشطة أخرى في منظمة نسوية، لتعبر عن رأيها في القضايا المنتشرة عبر مدونة "دفتر حكايات" على منصة فيسبوك، والتي تورط بسببها أشخاص معروفين في مجالات مختلفة وكان لهم حق الرد بذات الطريقة على منصتهم الشخصية، وأوضحت مرام عبد الناصر، أن هذه اللآلية مستحدثة ولم يتم استخدامهامن قبل في استرداد حقوق الناجيات من التحرش، لكنها وسيلة تعتبر سهلة لمن يرغبن في حكي قصصهم دون الإعلان عن الهوية أو ملاحقة الجناة قضائيًا والدخول في معركة قد ترهق الكثير من الوقت والمشاعر.

وعن آلية التثبت من قصص الناجيات، أكدت "مرام" أن توجيه الإتهام ضد أشخاص معينة يجب أن يرفق بإثباتات واضحة وصريحة تكون مقدمة من قبل الناجية بجانب قصتها التي ترويها للمدونات عبر منصات التواصل الاجتماعي، كي لا يتم المساس بحياة المواطنين دون دليل صارم على تورطهم في هذه الجريمة.

استطردت في حديثها موضحة أن هذه الآليات تكمن في توافر محادثات مع الشخص المذكور في القصة أو وقائع حية تعرضت لها ناجيات أخريات مع ذات الشخص، كي يكون هناك أكثر من قصة تثبت تورطه في جريمة التحرش الجنسي ضد الفتيات، وفي هذه الحالة يفضل تقديم بلاغات رسمية للنيابة حتى يتحققوا من الأمر ويلاحقوهم قضائيًا من أجل استرداد حقوق الفتيات، وتجنبًا لحدوث ذلك الأمر مع فتيات أخريات.

"حاول أحد المتهمين ذات مرة في توريط المدونة من خلال إرسال قصص مزيفة لناجيات وتم تداولها عبر صفحات الفيسبوك حتى خرج وأعلن تزييفها للجميع"، تحدثت "مرام" عن احتمالية تزييف الحقائق من أجل تشويه شخص ما، وهنا يجب وضح آليات صارمة لنشر قصص الناجيات والتأكد من مصداقيتها قبل إتهام أي شخص.

مؤسسة قضايا المرأة: رفع قضية تشهير في حالة فبركة قصص الناجيات

تواصلنا أيضًا مع سهام علي، المدير التنفيذي لمؤسسة قضايا المرأة، التي أوضحت أن الطرق السليمة لنشر قصص الناجيات من التحرش هي تقديم بلاغات رسمية للجهات الحكومية لتسليط الضوء على الوقائع التي تعرضن لها، ومحاكمة المتهمين بشكل صارم بناءً على أدلة وإثباتات مقدمة للنيابة، وكل هذا يتم على حسب رغبة الفتاة المقدمة للبلاغ سواء في الكشف عن هويتها أو عدمه.


استكملت "سهام" حديثها مشيرة إلى أهمية دعم الناجيات من التحرش كونهم يمثلن شريحة كبيرة من المجتمع، بجانب فقدانهم لحقوق الحرية والخوف من المصارحة بما تعرضن له من قضايا عنف، لذا يأتي هنا دور القضاء في رد حقوقهن بشكل شرعي وسليم، لكن ما يتم تداوله على صفحات التواصل الاجتماعي ماهو إلا قصص يتم نشرها للتحذير من التعامل مع أشخاص معينين، وفي ذات الوقت حكي قصص أثرت على حياتهن بشكل مباشر.

أما عن استخدام هذه الحيلة لتلفيق التهم المفبركة، قالت "سهام" أن من حق الشخص المتورط في هذه القصص أن يرد على ما اتهم به لكن بالطريقة القانونية الصحيحة وليس النشر على صفحات الفيسبوك فقط، وللحفاظ على مصداقيتهم وكرامتهم يمكنهم تقديم قضايا تشهير ضد الصفحة أو المدونة التي تطوعت بنشر قصص الناجيات.

خبير قانوني: 90% من قضايا السوشيل ميديا غير حقيقية

قال الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية، إنه من يجوز له التقدم ببلاغ أولًا أن يكون مجني عليه أن يكون صاحب صفة ومصلحة شخصية، والتدخل من أي طرف أخر لرفع دعوى لشخص أخر تصبح اسمها دعوى حزبة والتي انتهت منذ زمن طويل، فإنشاء مدونة والنشر عليها لا جريمة فيه طالما لم يتم إتخاذ اجراءات قانونية.

وأوضح مهران، في تصريح لـ"الدستور"، أن ينشر الشخص على موقع التواصل الاجتماعي أو احد المدونات تعرضها للتحرش على سبيل المثال كنوع من الشكوى، ثم تأتي أحد المنظمات النسوية للدخول للخوض في التفاصيل والتحرك من أجل إتخاذ اجراءات قانونية ضد المعتدي على هذه الفتاة كما ادعت في منشورها، وتطوع عدد من المحامين فع الدعوى وتم تحرير محضر بهذا الكلام الذي تم سرده، كل هذا الحديث لا جريمة فيه وذلك وفقًا للمشروع والذي يُسمى الحق في الشكوى والبلاغ في أي مكان ولأي شخص وعلى وسائل الاعلام ولكن دون ذكر اسم المعتدي أو تفاصيله.

وطرح تساؤلًا: "كم قضية تحرش قرأنا عنها على وسائل التواصل الاجتماعي وحركت عشرات الدعاوي والمنظمات دون أن نسمع أي نتيجة نهائية لهذه الحوادث التي أثارت الذعر كما وصفها اصحابها، لأن 90 % من هذه الاحداث التي تم ذكرها لبناء الدعوى غير موجود في الحقيقة".

وأكد مهران أن الدعم التام الذي تمنحه هذه المدونات والمنظمات للمرأة دون تحري مدى صدق وصحة أقوالها أمر متروك لهم ولكن سيعود بالسلب بعد اكتشاف أنه لا جريمة من الأساس ليتوفر لها كل هذا الدعم.

أستاذ قانون: معظم قضايا التحرش التي تنتشر على السوشيل ميديا تختفي كأن لم تك

وأوضح الدكتور أحمد اليوسفي، استاذ القانون العام، من الناحية القانونية وجود آلية معينة للتحقق من مدى صدق الشهادات التي يتم ذكرها على هذه المدونات أو على وسائل التواصل الاجتماعي غير موجود على المستوى العام، والخطوة الوحيدة أمام من وصله وجود اسمه أو ما يدلل على صفته بحيث تحدد الشخص بعينه، هنا القانون أتاح له اللجوء إلى مباحث الانترنت ببلاغ يتم التحقق به من المنشورات المكتوبة ضده حتى لو تم حذفها بعد ذلك فهناك آليات لاستردادها ويعاقب من كتب هذا بجريمة التشهير.

وقال اليوسفي، في تصريح لـ"الدستور"، إنه في هذه الحالة لس هناك مسؤولية قانونية على الناشر ولكن تم تعديل القانون بحيث تصبح قضية جنائية للكاتب فقط ومسؤولية مدنية على صاحب مكان النشر يتم فيها المطالبة بالتعويض فقط، ويمكن رفع قضية على أصحاب المدونات والمطالبة بالتعويض والشق الجنائي ينحصر في صاحب المنشور الذي كتب المحتوى، ثم يمكن إتخاذ اجراءات إدارية نحو غلق المدونة إذا كان الضرر كبير.

تخلو النظم الادارية المصرية من تنظيم تقديم البلاغات وفقًا للادلة ومدى صحتها، فهناك وقائع غير حقيقية بل وكيدية ويتم اتخاذ اجراءات مهولة لتصعيدها من قبل المنظمات قد تؤدي إلى التشهير بالأبرياء، فأحيانا يحدث نوع من التسرع من هذه المجالس لمأزرة صاحبة الشكوى دون التحقق من صحتها، ويتم التشهير بهذا الشخص الجاني في الشكوى وفقًا للادعاءات إلى أن يثبت كذبها وعدم صحتها.

وأكد اليوسفي أن هناك قصور قانوني وخلل مجتمعي في معظم هذه القضايا ومعظمها تنتهي دون أن نعلم مصيرها بعد أن تثار لأيام بل وأسابيع في وسائل الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي ولكن في النهاية تختفي دون أثر وكأنها لم تك، موضحًا أن النسبة الأكبر من الأشخاص الذين يتم التشهير بهم يلجأون إلى الصمت رغم إثبات براءاتهم خوفًا على سمعتهم وسط الناس وسمعتهم مهنيًا ووضعهم المجتمعي، فلا يواصل رحلة الدفاع ويؤسر السلامة بظهور براءته ونهاية التحقيق.

واستكمل: في حين أن القضايا الحقيقية التي تثبت صحة الشكوى والادعاء فيها سيعرف المجتمع كله نتيجتها بالعقاب الذي طال الجاني فيها ولكن يمكن القول أن عدد هذه القضايا محدود للغاية، أما باقي القضايا يمكن وصفها بالكيدية والمكائد الشخصية.

وعن أسباب كثرة هذه القضايا التي تتعلق بالتحرش والاغتصاب والشذوذ وغيرها من القضايا التي تنتشر كالنار في الهشيم في كافة الوسائل بمجرد إعلانها، أوضح اليوسفي أن السبب هو حساسية المجتمع المصري تجاهها، فعلى سبيل المثال تم اتهام بعض الشخصيات البارزة في المجتمع بالشذوذ.

أشار اليوسفي إلى أن هذه القضايا هدفها الاغتيال المعنوي فيلجأ الكثيرون إلى هذه الاتهامات التي تمس الشرف من تحرش واغتصاب وشذوذ، لأن المجتمع المصري يخاف من الوسم المجتمعي أكثر من أي شيء أخر، فمن الممكن إثبات براءتهم ولكن تظل هذه الوسمة موجودة ملاصقة للشخص عمره كله رغم براءته.

وتابع أن هذا الخلل المجتمعي والاندفاع بقوة تجاه قضية ما يمكن أن تكون في الاخر غير حقيقية، نتيجة لعدم وجود معايير أخلاقية تحكم منظمات المجتمع المدني، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الحالي أصبح لها دور قوي في مد هذه المنظمات وذوي الأفكار غير المحمودة بالقوة الواهية.

لذا فغياب دور المؤسسات الرسمية في وضع معايير رقابية فيما يتعلق بالمحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي أو وسائل الاعلام، أعطى الفرصة لكل من لديه الوسيلة التكنولوجية لنشر رأيه الشاذ أو المتجني على شخص ما.