رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رغم التحديات.. قافلة مصر تمضى


كل عام وأنتم بخير.. ساعات ويرحل عام 2020، بكل ما حمله للعالم من أحداث، أغلبها مرير، وكان الأصعب فيه هو جائحة كورونا التى جعلت العالم يتقوقع داخل نفسه، فتوقفت الحياة، ووقع الناس صرعى لهذا الوباء الذى حصد ما زاد عن المليون نفس بشرية.. تعطلت عجلة الإنتاج وانكمش الاقتصاد، حتى فى الدول التى كنا نظنها قوية، وعاش الناس- بسبب كورونا- رعبًا، لم يسبقه رعب مثله، وكأننا نستقبل إحدى علامات نهاية العالم.. وكل ما نرجوه من الله أن يجعل فى مشرق العام الجديد فسحة أمل فى أن القادم سيكون أفضل مما فات.. لكن كيف وقد رفع صندوق النقد الدولى توقعاته المتشائمة تجاه الاقتصاد العالمى، مدفوعًا بالتبعات السلبية لتفشى كورونا، وأثرها على اقتصادات الدول المتقدمة والنامية.. وجاء فى التقرير الصادر بعنوان «آفاق الاقتصاد العالمى»، أن توقعات نمو الاقتصاد العالمى تشير إلى انكماش بنسبة 4.9%، وسيكون التعافى المتوقع فى 2021 أضعف هو الآخر، حيث إنه من المنتظر أن يبلغ النمو العالمى فى ذلك العام 5.4% وليس 5.8%، كما فى تقديرات سابقة.. لكن الصندوق عاد وأكد أن تفشيًا كبيرًا فى العام الجديد، قد يُقلص النمو إلى ما لا يزيد على 0.5%، لأن الإغلاق والتباعد الاجتماعى تضافرا للنيل من الاستثمار والاستهلاك، على حد سواء.. فما هو الحال فى مصر؟
أدت عودة الأنشطة الاقتصادية فى البلاد إلى طبيعتها، منتصف العام المنصرم، بعد تخفيف القيود الاحترازية التى فرضتها الحكومة للحد من انتشار كورونا إلى انخفاض معدل البطالة، فى الربع الثالث من العام، ليبلغ 7.3٪ من إجمالى قوة العمل، بعد أن كان 9.6٪ فى الربع الثانى.. هذا منح الاقتصاد المصرى قوة، أدت إلى تزايد ثقة المؤسسات المالية فيه، مثلما قالت أنطوانيت ساييه، نائبة المدير العام ومديرة صندوق النقد الدولى بالنيابة، إن السلطات المصرية تعاملت «بشكل جيد مع جائحة كوفيد-19، وما اقترن بها من اضطراب فى النشاط الاقتصادى.. وقد ساعدت الإجراءات الاستباقية، التى اتخذتها الحكومة المصرية، للتصدى للاحتياجات الصحية والاجتماعية، ودعم القطاعات الأشد تأثرًا بالأزمة بصورة مباشرة على التخفيف من حدة الآثار الاقتصادية والإنسانية.. ولا يزال تباطؤ النمو أقل حدة حتى الآن مما كان متوقعًا، كما تحسنت أوضاع الأسواق الخارجية مع عودة تدفقات استثمارات الحافظة الوافدة بقوة».
وفى حين- على سبيل المثال لا الحصر- أشارت توقعات صندوق النقد الدولى إلى انكماش الاقتصاد القطرى بحوالى 2.5٪، نتيجة انخفاض الطلب العالمى على الهيدروكربونات، وتراجع النشاط المحلى خلال فترة الإغلاق التى فرضتها جائحة كورونا، وإشارة «التنبؤات إلى تحول رصيد الحساب الجارى إلى عجز بنحو 1.5٪ من إجمالى الناتج المحلى».. أكدت وزارة المالية المصرية أن الموازنة العامة الجديدة تتضمن إجراءات لتحسين مستوى المواطنين المعيشى، بعد فترة الإصلاح الاقتصادى الصعبة التى شهدتها البلاد، فى إطار السعى نحو «مساعدة الناس وتعويضهم»، بعد أن استطاعت الحكومة، فى الآونة الأخيرة، الحد من التضخم والسيطرة على ارتفاع الأسعار، فضلًا عن تحسين سعر صرف الجنيه.. وبعد أن بلغ الدين العام، قبل فترة الإصلاح الاقتصادى 108% من الناتج الإجمالى للدولة، إلا أنه، وبنهاية يونيو الماضى، وصل إلى 83% من الناتج المحلى، بل إن العام الجديد سيشهد خفضًا لمعدلات البطالة بنسبة 1.5%.. ووفقًا لما ذكره وزير القوى العاملة، محمد سعفان، فإن الوزارة تعمل على تنظيم ملتقيات للتوظيف والصناعات الصغيرة، بالإضافة إلى توفير فرص عمل لذوى الاحتياجات الخاصة ومتحدى الإعاقة.
وزير المالية، محمد معيط، قال إن «مصر هى الوحيدة فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، التى حافظت على التصنيف الائتمانى دون أى تعديل، على الرغم من التداعيات الاقتصادية الشديدة لجائحة كورونا، وكذلك الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة لأداء الاقتصاد المصرى، بما يؤكد ثقة قطاع الأعمال الدولى فى أدائه وآفاق تطوره مستقبلًا».. وذلك لأن الحكومة نفذت برنامجًا للإصلاح الاقتصادى، منذ نهاية عام 2016، بالتعاون مع صندوق النقد الدولى، فكان هو العامل الرئيسى لحفاظ مصر على موقفها الائتمانى خلال الجائحة، لأن تنفيذ البرنامج حقق توازنًا ماليًا واستقرارًا اقتصاديًا قويًا، مكّن الحكومة من التعامل مع تداعيات الجائحة، عبر توجيه فوائض من الاحتياطى النقدى الأجنبى وفائض الميزانية الأولى، والذى تحقق بنسبة 2% من الناتج المحلى قبل ظهور الجائحة.. برنامج اعتمد على معالجة جوانب الضعف فى الاقتصاد الكلى وتشجيع النمو الاحتوائى وخلق فرص عمل جديدة، منها تحرير سعر صرف الجنيه، ورفع الدعم عن الطاقة تدريجيًا، وإقرار حزمة قوانين اقتصادية، من بينها قانون ضريبة القيمة المضافة والاستثمار والتراخيص الصناعية.
مسيرة من البناء وسط التحديات، تسير فيها مصر بخطى ثابتة، غير عابئة بما يتقول به الأعداء.. كتلك الدولة التى تهاجم مصر، ودخلها السنوى يبلغ عشرين تريليون دولار، مع أن عدد سكانها لا يبلغ نصف مليون فرد.. دولة لم يسمها الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولم يشر إليها فى أحد تصريحاته، لكنه اكتفى بالقول، إنه لو حصل على مثل هذا المبلغ، لمرة واحدة فقط، فإنه سيجعل من مصر «عروسة».. قبل أن يضيف «عايزين تحاسبونا وتحاسبوا مصر على أنها تبقى زيكم؟.. إنتم عارفين من غير ما أجيب اسم الدولة.. لو مصر دخلها فى سنة، زى أى دولة بتهاجمنا، يبقى دخلنا كام؟، 20 تريليون دولار.. إدهوملى مرة واحدة وأنا أخلى مصر دى عروسة.. يا خسارة على الأمة إللى بتدمر نفسها وبلادها بإديها.. دى مش سياسة، ده خراب.. ده مش إعلام، ده دمار.. دى مش مهنية خالص، ده تآمر».
بقى أن نقول.. قافلة مصر تمضى، والكلاب من حولها تعوى.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.