رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سردباك




كيف بدأ الخلق؟
السردية الأكثر انتشارا، هي إنه الخلق بدأ مع الخطأ، الرب، أتاح لـ الإنسان الأول/ آدم، إنه يفعل أي شيء، لكنه حدد له نهي ما، هو إنه ما ياكلش من الشجرة دي.
لما أكل من الشجرة، كان العقاب بـ النزول لـ الأرض، والمفروض، إنه الحياة كلها على الأرض، الفوز بـ نتيجتها النهائية، قائم بـ الكامل، على إنه الإنسان يكافح ويكافح، دون الوقوع في الخطأ، أو خلينا نقول، بـ اقتراف أقل عدد ممكن من الأخطاء، اللي هي نواهي الرب لـ الإنسان.
كرة القدم كدا، بدأت مع "الخطأ"، لما اجتمعوا وقرروا إنه فيه حاجة اسمها "فاول"/"خطأ"، ما ينفعش تعمل كدا، وإذا عملت كدا تتعاقب.
الفاول في الفوتبول يحتسب لثلاث: لمس الكرة باليد، إعاقة المنافس بدنيا، التسلل. هم دول التلات حاجات، اللي صنعوا اللعبة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس.
لمس الكرة باليد وإعاقة المنافس، يمكن يكونوا واضحين، واتكلمنا عنهم كتير قبل كدا، إنما التسلل دا عجيب.
كانت الكورة في البداية، إنه اللاعبين "يتحركوا" بـ "حرية تامة"، داخل المستطيل الأخضر، فـ كان الفريق بـ يهاجم كله، فـ يضطر الفريق التاني يدافع كله، ويبقى همه كله إنه يرسل الكورة ناحية مرمى المنافس، فـ لما يتحول الفريق لـ الهجوم، يهاجم كله فـ الفريق التاني يدافع كله، ونقضي الماتش بـ هذا الشكل، الفريقين بـ يرمحوا وخلاص.
ممارسو اللعبة، شافوا إنه ما ينفعش الإنسان يبقى بـ حريته، الحرية المطلقة دي بس في الجنة، فـ فكروا، إزاي يحدوا من حرية "التحرك"، وإلزام اللاعبين بـ مساحات معينة، دا خلاهم يفكروا في الـ "أوف سايد".
أوف سايد مش معناها تسلل، إنما معناها، إنك متواجد في منطقة "أوف"، يعني تحديد منطقة، غير مسموح لك بـ التواجد فيها، على أي أساس نحدد المنطقة دي؟
كان فيه تفكيرين: على أساس موقعك لـ زميلك، يعني، أي واحد يمرر الكورة لـ الأمام، يبقى الزميل اللي مررت له الكورة "أوف سايد"، لازم تمرر لـ الجنب أو الخلف.
اتلعبت كدا كام سنة، وفشلت
كان فيه تفكير تاني، إنه نحدد مساحة معينة من الملعب، يعني، إذا تواجد اللاعب المهاجم، في حدود 15 يارده من المرمى، أثناء تمرير الكورة ليه، يعتبر "أوف سايد".
جربوها دي شوية في بعض المناطق، وفشلت.
الحقيقة، ما قدرتش أعرف مين العبقري، اللي قال:يا جماعة، إحنا بـ نفكر غلط، إحنا ليه عايزين الـ "أوف سايد" دي، تبقى محددة بـ موقعك من فريقك، أو من الملعب.
إحنا ممكن نعمل حاجة ديناميكية جدا، تخلق دراما، وهي تحديد الـ أوف سايد بـ تحركات المنافسين، يعني، اللاعب يعتبر أوف سايد، إذا كان متجاوز مدافعي الفريق المنافس.
زي ما بـ أحيي اللي اخترع الاختراع دا، بـ أحيي اللي فهموها، واللي ظبطوها لـ حد ما اتطبقت.
إنما فيه حاجة، إحنا عارفين، إنه المدافعين في البداية كانوا 2، وكنا بـ نلعب 2 – 3 – 5 ، كان القانون أولا، إنه لازم المهاجم يكون متغطي، بـ الاتنين مدافعين + حارس المرمى، أي إنه رسميا، لازم يكون متغطي بـ تلاتة منافسين.
من هنا بقى، جت فكرة إنه "أوف سايد" = تسلل.
في البداية، ما كانش فيه مشكلة، وقعدنا تلاتين سنة مثلا، نلعب بـ هذا القانون، وأكتر من دورة أوليمبية اتلعبت كدا، إلى أن جاءت العشرينات، وجه فريق نيو كاسيل، يعمل حاجة اسمها "مصيدة التسلل"، إنه ينظم عملية كشف الأوفسايد، ويقدم المدافعين.
مع ملاحظة حاجة، إنه مش لازم عشان تكشف الأوف سايد، الاتنين مدافعين دول يبقوا على خط واحد أصلا.
طريقة نيو كاسيل نجحت، وانتشرت بين الأندية، فـ قل معدل الأهداف جدا، لما يقل معدل الأهداف يحصل إيه؟بـ الظبط، الجمهور ينصرف عن اللعبة، ولو نسبيا.
ولما الجمهور ينصرف يحصل إيه؟تقل الإيردات، فـ كان لابد من التدخل.
نعمل إيه؟نلغي الأوف سايد؟لع، كدا يبقى بـ نهد كل اللي بنيناه، ونرجع لـ المربع صفر، هنا ظهر صوتين:
صوت بـ يقول: إحنا كنا غلطانين، لما حددنا الأوف سايد بـ التسلل، إحنا نرجع نحدده بـ مساحة من الملعب، فـ نجبر المدافعين الكلاب دول، يرجعوا ورا.
صوت تاني، شايف إنه لأ، هو صح إنك تحدد الأوف سايد بـ التسلل، إنما مش لازم يبقوا الاتنين المدافعين، نخليه مدافع واحد بس + حارس المرمى. يعني يكون متغطي بـ اتنين منافسين، هي هـ تبقى معقدة شوية، بس إحنا لازم نحافظ ع الفكرة.
خاض الاتحاد الإنجليزي فترة، يلعب ماتشات ودية، يجرب فيها الطريقتين، وانتهى لـ القانون الحالي، اللي هو تخفيض عدد المنافسيناللازمين لـ تغطية التسلل، بـ حيث يبقى اتنين: اللي هي واقعيا مدافع + حارس مرمى.
كنا 1925، تغيير القانون، هدم طرق مصايد التسلل، وسبب ارتباك لـ جوز المدافعين وتحركاتهم، وزود معدلات الأهداف.
جه نادي هدرسفيلد، وكان يتولاه مدير فني عقر، اسمه "شابمان"، اللي هـ يكتسب شهرته من أرسنال، اللي انتقل له بعدين، إنما في هدرسفيلد، عشان يتغلب على الارتباك اللي حاصل، غير طريقة 2 – 3 – 5 خالص، وعمل طريقة اسمها إم دبليو، وخلى واحد من خط النص، ينزل يساند الاتنين مدافعين، ويبقى له مهام زيادة، خصوصا في مراقبة السنتر فرويد، وسمى المدافع التالت دا إيه؟
سماه "المدافع التالت"، مدافع تالت يعني هـ يبقى إيه؟ مدافع تالت، "مدافع تالت" بـ الإنجليزي يعني "ثيرد باك"، واكتسح هدرسفيلد الدوري بيها.
قوم إيه، لما جينا هنا في مصر، سمينا أي مدافع مساك "ثيرد باك"، وعشان ما عندناش حرف الثاء، بقى اسمه "سرد باك" أو "سردباك" على بعضها، ولما كان فيه أكتر من مساك، تحديدا اتنين مساكين، بقى عندنا اتنين "سردباك"، حاجة كدا زي ثلاثي رأسي الحربة كدا، وبقينا نقول "السردباكين".
شوف يا أخي، بقينا في 2020، والكلام دا قرب يفوت عليه قرن، ولسه فيه محللين في استوديوهاتنا، بـ يقولوا: "السردباكين".
أهو كل الكلام اللي فات دا، عشان صديق سألني، يعني إيه "سردباكين"، يالا، منه لله